الدّعاء
يتحرى المسلم العبادات والطّاعات الطّيبة التي يستطيع من خلالها التّقرب إلى الله تعالى بالعمل الصالح والخير، مثل الصّلاة والصّوم والزّكاة وغيرها، ويوجدُ عبادةٌ أخرى سهلة للغاية ولكن أثرها عميق ومضاعف وهي الدّعاء، فقد كان الرّسول صلى الله عليه وسلم كثيرَ الدّعاء وكان يحثُّ أصحابه على ذلك.
فالدّعاءُ؛ عبادةٌ من العبادات تعني طلب العبد شيئًا من ربه بقلبٍ ونيّة خالصة، ولا تكون إلا لله عز وجل ولا أحد سواه من الخلق والعالمين، وقد دعت مصادرُ الشّريعة الإسلامية على الإكثار من الدّعاء ومن ذلك قوله تعالى في سورة غافر: "وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين"، وذلك لأنّ في الدّعاء تذللاً وتضرعًا لا يجب أن يظهره الإنسان لغير ربه، وأما من استكبر عن الله وظنّ أنّه في غنىً عن دعائه فسيكون مصيره الشّقاء في الدّنيا ونار جهنم في الآخرة.
دعاء روعة قصير
ينبغي للمسلم أن يعود لسانه على الدّعاء فيكون من الدّاعين الذين يستحقون مرتبة ودرجة خاصة في الآخرة، ومن جميل الدّعاء وروائعه قول: "اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، إني أسألك بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أن تحييني ما علمتَ أن هذه الحياة خيرٌ لي، وأن تتوفني ما علمتَ أن الموت خير لي، اللهم إني أعوذ بك من جهل البلاء، وسوء القضاء، ودرك الشّفاء، وشماتة الأعداء، اللهم إني أعوذ بك من الفقر والكسل، والبخل وسوء العمل، ومن غلبة الدَين وقهر الرّجال، اللهم استرني فوق الأرض وتحت الأرض، ويوم العرض عليك، وارزقني الخير في ديني ودنياي وحياتي ومعاشي، وارزقني رضا والدايّ وبرهما، وأدخلني الجنة مع الأبرار إنّك على كلِّ شيء قدير".
آداب الدعاء
علّمَ الرّسول صلى الله عليه وسلم المسلمين آداب الدّعاء التي ينبغي التّنبه لها لمضاعفة فرص الاستجابة، وذلك لأنّ العبدَ عندما يهتم للتّفاصيل والآداب التي يحبها الله في إقباله عليه، يستجيب الله دعاؤه بإذنه، ومن آداب الدّعاء وسننه:
- توحيد الله عز وجل وهي الشّرط الأول للإيمان؛ أن يكون العبد مؤمنًا بالله عز وجل حق الإيمان، وممتلئًا بالرّبوبية نحوه.
- الإخلاص في الدّعاء فإذا كان الدّعاء هو العبادة فإنَّ الإخلاص هو شرط القبول، ولا يستطيع العبد أن يخفي إخلاصه عن الله العليم المحيط.
- البدء بالدّعاء بالثّناء على الله عز وجل بكونه القدير والجبار والرّحمن والقادر على كل شيء، ومن ثم الصّلاة على الرّسول المصطفى وآله وصحبه الأبرار، ومن ثم الدعاء.
- التّوجه إلى القبلة عند الدعاء، والقبلة هي وجهة مكة المكرمة التي يصلي العبد نحوها وذلك ما فعله الرّسول في بدرعندما سأل الله النّصر.
- رفع اليدين إذ يكون باطن الكف متوجهًا إلى السّماء فقد أخبر الرّسول عليه السلام أصحابه بأنّ الله يستحي أن يردَ يدي عبد رُفعا إليه بالسؤال.
- استحضار اليقين القلبي عند الدّعاء وإحسان الظّن بالله فهو عند حسن الظن كما أنّه لا يجيب دعوة القلب الغافل اللاهي عنه.
- الخشوع والتّذلل لله عز وجل والهيبة والتّضرع أثناء السّؤال، والإلحاح والتّكرار في الدّعاء فالله يحب العبد اللحوح المقبل عليه.
- جعل المأكل والملبس في حياة الداعي من مال الحلال، فالله لا يحب أن يكون مصدر طعام ولباس الإنسان حرامًا وباطلاً ثم يرفع يديه طالبًا منه ما يريد من مسائل الدنيا والآخرة.
- الخفية في الدّعاء وعدم الجهر به، فالدّعاء يكون بين العبد وربه وليس بينهما أحد من الخلق والناس.
أوقات الدعاء
يمكن للمسلم التّوجه إلى الله عز وجل بالدّعاء في أيّ وقت يريد، فالله يرى ويسمع عابد الليل وعابد النّهار وعينه لا تنام عن حاجات خلقه وأدعيتهم، إلا أنّه يوجدُ عدد من الأوقات التي يستحب أن يدعو الإنسان فيها؛ لأنّه يكون أقرب إلى الله وإلى الاستجابة، وهي:
- وقت السّحر، وجوف الليل لقول الرّسول عليه السلام أنّ الدّعاء في هذا الوقت أسمع لله.
- السّجود وذلك لأنَّ العبدَ يكون أقرب ما يكون إلى الله عز وجل في وضعية التّذلل والتّضرع تلك.
- ساعة في يوم الجمعة فيها الدّعاء مستجاب، وقد رجّحَ علماء الدّين أنّ تلك الساعة هي قبيل المغرب بقليل.
- يوم العرفة فقد حثّ الرسولُ على الدّعاء في ذلك اليوم من الحج وسؤال الله بإخلاص مع اليقين في الاستجابة.
- الوقت بين الآذان والإقامة فالدعاء بينهما لا يرد.
فضل الدعاء
- منجاة للمسلم ومخرج من الأزمات فقد دعا الأنبياء والرّسل ربهم كلما أصابهم هم أو مشكلة.
- تقرب إلى الله عز وجل وسعي لنيل مرضاته والفوز بجنته.
- صفاء للقلوب والنّفوس وتنقية لها من التّباغض والتّحاسد.
- إخاء وإيثار وحبٍّ للآخرين وجلب الخير لهم.
- مباركة في الرزق والعمل والحياة.