فينيسيا
تُعدّ مدينة فينيسيا الإيطالية أو البندقية مدينة بحرية، تُطل على شمال البحر الأدرياتيكي، وتقع شمال إيطاليا، وهي واحدة من أهم وأقدم المراكز السياحية والثقافية في العالم، إذ تعد فينيسيا عاصمة كل من مقاطعتي فينيسيا ومنطقة فينيتو، واعتبرت أكبر ميناء بحري في أواخر العصور الوسطى في أوروبا، كما عملت هذه المدينة على الربط التجاري والثقافي للقارة الأوروبية مع آسيا، وتشتهر فينيسيا بتصاميم مبانيها الفريدة من نوعها الّتي ترسّخ التاريخ العريق للبندقية، كما كانت تسمّى سابقًا بجمهورية فينيسيا منذ سقوط جمهورية البندقية في عام 1797 ميلاديًا، واحتلت المدينة مكانًا لا مثيل له في الخيال والتاريخ والفن الغربي، ورسمت كمدينة رومانسية مائية لا يضاهيها جمالًا أي مدينة أخرى في العالم كلّه.[١]
تعرف فينيسيا حاليًا بأنها المرجع الفني والعماري لكل البشرية، كما أنها مدينة ناجحة سياسيًا واقتصاديًا من خلال نجاحها في التجارة العالمية، والجدير بالذكر أن هذه الحكومة اهتمت بهذه المدينة شديد الاهتمام، ومنعت استخدام السيّارات في جزء كبير من شوارعها؛ للمحافظة على كل مبانيها وشوارعها، والحرص على ترميمها، وولّدت هذه المدينة من خلال ثروتها الّتي لا تضاهى من الجمال والمباني والتاريخ العريق الرغبة لدى جميع سكّانها بالمحافظة عليها، والجدير بالذكر أن فينيسيا تعاني من تهديد ارتفاع منسوب المياه، وتراجع كتلة الأرض الّتي بنيت عليها فينيسيا في السابق، وبحلول عام 1987 ميلاديًا، وصنفت البندقية وبحيراتها كموقع تراث عالمي لليونسكو.[١]
الأماكن الّتي يمكن الذهاب إليها في فينيسيا
تحتوي مدينة البندقية على الكثير من الأماكن الجذّابة الّتي يمكن للسائح زيارتها والتمتّع بمناظرها الخلّابة، ومن هذه الأماكن:[٢]
- كنيسة القديس مرقس: تعد واحدة من أكثر الكنائس شهرة في العالم ومن أهم الغنائم الّتي أعادتها البندقية إليها بعد سقوط القسطنطينية، إذ تحتوي الكنيسة على الكثير من الصور الفسيفسائية المحتوية على الذهب، وتغطّي مساحة حوالي 4.240 مترًا من جدران وقباب الكنيسة.
- ساحة القديس مارك: تعد بؤرة يمكن فيها قضاء وقت ممتع، ويمكن الجلوس بالمقاهي أو المشي أو الدردشة مع الأصدقاء، كما تحتوي هذه الساحة على محلات تجارية ومطاعم، وتنتشر الكثير من الفرق الموسيقية الّتي تقوم بعزف الألحان الموسيقية والغناء، كما تحتوي نهاية الساحة على هيكل بيزنطي يعود لحوالي 1050 ميلاديًا لمهندس لم تُعرف هويته، ويُقال أن هذا الهيكل يحتوي على عظام القدّيس مارك الّتي أحضرها من الإسكندرية إلى البندقية.
- قصر دوجي: بني هذا القصر على الطراز المعماري القوطي التقليدي، ويعد من أهم معالم مدينة فينيسيا، إذ يحتوي هذا القصر على متحف يزوره مئات الآلاف من السيّاح سنويًا، كما يحتوي على غرف كانت تستخدم كمقر ومسكن لوالي فينيسيا القديمة، ويعرض الغرف السرية والسجون الداخلية لهذا القصر، كما يعرض العديد من اللوحات لكبار فناني إيطاليا، وتعد زيارة القصر تجربة فريدة من نوعها تأخذ السائح إلى قلب التاريخ والفن المعماري القوطي الجذّاب.
- جسر ريالتو: هو واحد من أكثر الجسور شهرةً في مدينة فينيسيا، وواحد من أفضل مناطق الجذب في البندقية، كما يعد من أول الجسور الأربعة الّتي تمتد من القناة الكبرى، إذ يعد هذا الجسر هو المكان الوحيد لعبور القناة الكبرى سيرًا على الأقدام، كما يوجد على جانب الجسر سوق للمواد الغذائية الطازجة، كما يحتوي على متاجر لبيع المنتجات الحرفية.
- قصر كادورو: يعد قصر كادورو من أكثر الأبنية مثالية وجذبًا في فينيسيا، إذ يحتوي على متحف فني، رمم وصمم ليوفّر بيئة للأعمال الفنية للفنانين الإيطاليين.
- مورانو وبورانو: تعد بحيرة مورانو موطنًا للأعمال الزجاجية، وموطنًا لعمّال الزجاج، نقلوا إلى هذه المنطقة في القرن الثالث عشر؛ لتقليل خطر نشوب الحريق من أحد الأفران الزجاجية شديدة الحرارة، إذ تنتج هذه المصانع الكثير من الأعمال الزجاجية الجذّابة، كما يحتوي متحف بالازو الّذي يعود إلى القرن السابع على أهم وأكبر مجموعة من الزجاج الفينيسي من العهد الروماني وإلى القرن العشرين.
- مجموعة بيجي جوجنهايم: توجد المجموعات الفنية لبيجي جوجنهايم في منزلها السابق، ويعد متحفًا يزوره الكثير من السيّاح، إذ يحتوي على الكثير من القطع الفنية العائدة إلى العصور الوسطى وعصر النهضة، كما يركّز على الفن الأمريكي والأوروبي منذ النصف الأول من القرن العشرين، ويحتوي على قطع دائمة من أعمال فنانين كُثر مثل: أعمال بيكاسو، ودالي، وبراط، وليجر، وموندريان، وكانديسكي، وكلي، وإرنست، ومارغريت، وبولوك.
- كنيسة سانتا ماريا ماجيوري: بُدء بناء هذه الكنيسة عام 1340 ميلاديًا، وانتهت مع انتهاء القرن الخامس عشر، إذ تعد واحدة من أربع كاتدرائيات بابوية في فينيسيا، ومن ممتلكات الفاتيكان "الكنائس الكبرى"، إذ تعد واحدة من التراث العالمي التابع لليونسكو، وأقدم كنيسة رومانية مشيّدة على اسم مريم العذراء، وتسمّى أيضًا بكنيسة سيدة الثلوج، ولعل أكثر ما يميّز هذه الكنيسة شكلها المربّع والمقسّم إلى ثلاثة تقاطيع.
تاريخ البندقية
تأسست مدينة البندقية بعد سقوط الدولة الرومانية الغربية، وأدّت هجمات الوندال القوية في شمال إيطاليا عام 568 ميلاديًا إلى نزوح عدد كبير من السّكان إلى منطقة البندقية، إذ أصبحت المنطقة لاحقًا جزءًا من إكسرخسية رافينا البيزنطية في عام 584 ميلاديًا، لكن بعد سقوط المدينة البيزنطية أوديرزو في عام 641 ميلاديًا أصبحت بحيرة البندقية هي مركز السلطة في ذلك الوقت، وفي أعقاب هذه الأحداث فقد مرّت المدينة بسلسلة من تقلّبات المؤيّدين والمعارضين للحكم البيزنطي، إلى أن شكّل الدوق أوبيليريو وأخوه بياتو حلفًا مع مملكة إيطاليا، ووضعوا البندقية تحت حكم الملك بيبي للتخلص من الحكم البيزنطي، وازدهرت التجارة في المدينة فيما بعد الأمر الّذي أدى إلى تطور الوعي السياسي حتى أصبح الاختيار الدوق عبر الانتخابات العامة في بداية القرن التاسع الميلادي، وبحلول القرن الحادي عشر الميلادي بدأت العلاقات بين الإمبراطورية البيزنطية والبندقية بالتدهور، لكن مع امتداد البندقية إلى مناطق واسعة عزز دورها كمركز للقوة.[٣]