محتويات
الأسرة
مفهوم الأسرة واسع جدًا يتعدى عن كونه يطلق على مجموعة أفراد يتشاركون ذات المنزل وذات الصفات الوراثية، بل هو مفهوم يضم كل ما يحتاجه الفرد داخل أسرته من دعم نفسي ودفء عائلي لا يتوفر إلا في الأسرة، وهي الخلية الأساسية والنواة الأولى لبناء مجتمع سليم صحي سوي، فالأسرة تعني الاستقرار والحب والاحترام المتبادل بين أفرادها، وهي التوافق الفكري والتوازن النفسي وتقبل وجهات النظر في جوّ من النقاش والاحترام والاستماع، فلا يوجد بيت يخلو من خلافات واختلافات في الشخصيات والآراء، ولا تسلم أي أسرة من مواجهة بعض الضغوطات ومتاعب الحياة، إلا أن بعض هذه الاختلافات قد تتطور كثيرًا لتأخذ منحنى آخر؛ وقد ينشأ عنه خلاف كبير ومشاكل أسرية لا تنتهي، لتلقي بظلالها السلبية على كل أفرادها وخاصةً على الأطفال، وقد تنتهي هذه المشاكل الأسرية إلى طريق مسدود يكون آخره الطلاق، فالطلاق وتداعياته على الأسرة والمجتمع هو محور هذا المقال[١].
أثر الطلاق على الأسرة والمجتمع
تأثير الطلاق على الأطفال
في حال توصل الطرفان إلى اتخاذ قرار الطلاق عليهما أن يدركا أنهما قد يعرضا أسرتهما للخطر، إلا في حالة اشتداد النزاع بين الزوجين وخاصة أمام الأطفال، مما يسبب لهما عقدًا نفسية صعبة المعالجة قد تؤثر عليهما فيما بعد، ففي هذه الحالة وحدها يكون اتخاذ قرار الطلاق قرارًا صائبًا، إلا أن حالة الطلاق قد تترك أثرًا واضحًا وخاصةً عند الأطفال، وفي بعض الحالات قد يتسبب الطلاق بعدة مخاطر قد تتعرض لها الأسرة عند الطلاق، بينما تختلف هذه المخاطر من أسرة إلى أخرى بشدة حضورها ووضوحها خاصة لدى الأطفال؛ فهم عادةً ما يخفون مشاعرهم ولا يستطيعون البوح بها، وتظهر هذه المخاطر من خلال عدة أشكال وهي[٢]:
- تأخر التحصيل الدراسي: الأطفال يحملون الهموم كالكبار، ونتيجة لتغير الوضع والاشتياق لأحد الأبوين قد يتسبب بتأخر دراسي غير مسبوق؛ وذلك لما يتعرض له الأطفال من تشتت الأفكار واضطرابها والانشغال فيما قد تؤول إليه أمور الأسرة.
- عزلة اجتماعية: قد لا يتأقلم الأطفال على العيش بفقدان وجود الأب أو الأم في المنزل إلا بعد مرور فترة زمنية، وهذا الزمن سيقضيه الطفل جالسًا وحده ممتنعًا عن مخالطة الآخرين، عدا عن عدم قدرته على إقامة علاقات ناجحة في حياته.
- الانحرافات السلوكية: يكون الأبناء بعد وقوع الطلاق بين آبائهم أكثر عرضة لحدوث تغييرات سلبية كبيرة في سلوكهم؛ مثل انحرافهم نحو الإدمان والمخدرات، أو التدخين، أو الوقوع في علاقات محرمة.
- فقد الشعور بالأمان: يحتاج الطفل كثيرًا للشعور بالأمان والاستقرار في جوّ أسري صحي لينشأ الطفل تنشئة سوية وينمو نموًا سليمًا من جميع النواحي النفسية والجسدية والعقلية والاجتماعية، إذ أن حدوث خلل ما في أحد هذه النواحي يظهر جليًا على الطفل ويؤثر على ثقته بنفسه وبقدراته.
- التوتر والقلق: يؤثر الطلاق على نفسية الأطفال وعلى الكثير من مظاهر حياتهم اليومية، ويظهر ذلك من خلال قضم الأظافر، التبول اللاإرادي، الخوف والقلق المستمر الأمر الذي يؤثر على راحة الطفل وعلى نوعية النوم وعدد ساعاته، وقد يعاني الطفل بعد انفصال والديه من صعوبة في النطق كالتلعثم في الكلام أو عدم القدرة على التعبير.
- العدوانية: قد يميل الطفل إلى العدوانية في أغلب تصرفاته وردود أفعاله لما عاشه وشاهده من صراع وعنف لفظي وبدني بين والديه.
أثر الطلاق على المرأة والرجل
بعد الطلاق يتعرض كلا الطرفين الرجل والمرأة لعدة مشاكل مع أطفالهم وعائلتهم ومجتمعهم،مما يسبب لهم اضطرابات شخصية ونفسية واجتماعية، فتعاني المرأة في المجتمعات العربية خاصةً من الطلاق حتى وإن كان هذا الأمر خيارها هي أساسًا، فالمجتمع لا يتقبل مسمى المطلقة، وينظر إليها نظرة دونية تفتقر الاحترام والتقدير، ويراها البعض أكثر عرضة للانحراف والخطأ، ويضعها الطلاق تحت الرقابة المجتمعية الشديدة المستفزة لها ولكيانها، بالإضافة إلى النفقة المخصصة للمرأة المطلقة وأطفالها غير المنصفة بتاتًا، مما يثقل كاهلها بالمزيد من المصروفات والهموم والضغوط النفسية والندم في بعض الأحيان والشعور بالنقص والفشل والحرمان، بينما يعاني الرجل المطلق أيضًا من نظرة المجتمع إليه بأنه رجل غير مسؤول ولديه مشاكل قد تمنعهم من تزوجيه مرة أخرى، وتدفعهم للتعامل معه بحذر[٣].
أثر الطلاق على الأسرة والمجتمع
أثر الطلاق على المجتمع بات واضحًا وملحوظًا؛ فالمجتمع هو المتضرر الأكبر من حالات الطلاق التي باتت تنتشر في كافة المجتمعات البشرية وكافة طبقاتها الاجتماعية، إذ يبدأ الطلاق بين الزوجين ولكن تأثيره ومداه يصل العائلة والبيئة المحيطة والمجتمع بأكمله، فظاهرة الطلاق خطر يهدد أمن واستقرار كل مجتمع تظهر فيه هذه الظاهرة وتتفشى، فهو تفكك الأسرة التي هي الخلية الأساسية في بناء المجتمع التي إن صلحت واستقرت صلح بها المجتمع واستقر، وتقدم ونهض بأفراده نحو التطور والقوة والازدهار، فالمجتمع بحاجة إلى كل فرد من أفراده وإلى طاقاتهم وقدراتهم، وهو بحاجة لأفراد سويين نفسيًا واجتماعيًا وصحيًا، ولأفراد لديهم مقومات المواطنة الصالحة، بعيدًا عن كل المشتتات أو الاضطرابات التي قد تعود على الفرد والمجتمع بالضرر والفساد والتدهور[٣].
مفهوم الطلاق في اللغة والاصطلاح
الطلاق هو انفصال الزوج عن زوجته وفقًا لمعايير وأحكام الشرع والدين وأسس وإجراءات ومعاملات رسمية وفقًا لقانون البلد الذي يقطن فيه الزوجان، يحدث بإتفاق مسبق بين الزوجين أو بقرار أحدهما دون موافقة الآخر[٢]، وللطلاق معنىً لغوي وآخر اصطلاحي هما كالآتي[٤]:
- الطلاق في اللغة: يعني إطلاق القيد، أو رفع القيد مطلقًا، بالمعنى الحسيّ والمعنوي.
- الطلاق في الاصطلاح: تعددت معاني الطلاق في الاصطلاح عند أئمة العلماء والفقهاء؛ فعرفه الإمام أبو حنيفة أنه: رفع قيد النكاح حالًا أو مالًا بلفظ مخصص، وعرفه الإمام مالك أنه: صفة حكمية ترفع حلية تمتع الزوج بزوجته، وذلك بوجوب تكرار صفة الطلاق مرتين للتحريم، وعرفه الحنابلة والشافعية بأنه: حل عقد النكاح بلفظ من ألفاظ الطلاق ونحوه.
أسباب الطلاق
للطلاق أسباب عديدة تؤدي بالزوجين إلى الإقدام على هذا الأمر الكبير، ومن هذه الأسباب ما يأتي[٤]:
- سوء اختيار الشريك من البداية، وهو السبب الأول والأكثر انتشارًا في أغلب حالات الطلاق.
- نقص عاطفي كبير بين الزوجين بسبب الانشغال عن بعضهم البعض في أمور أخرى، وحدوث فجوة وانعزال بينهم.
- سوء المعاشرة الزوجية وما يتضمنه هذا المصطلح من مظاهر متعددة مثل؛ عدم تحمل المسؤولية، وعدم فهم متطلبات ورغبات الطرف الآخر، وعدم القدرة على إشباعها وتلبيتها بالقدر المطلوب.
- عدم وجود تقارب اقتصادي واجتماعي وثقافي بين الطرفين، الأمر الذي ينشأ عنه اختلافات كبيرة بسبب الاختلاف الشاسع في البيئة وطرق العيش لدى الطرفين.
- الأخلاق السيئة وقلة الوازع الديني وتباين الرغبات والهوايات بين الأزواج.
- العنف بأنواعه المتعددة؛ كالعنف الجسدي والعنف اللفظي الذي قد يتعرض له أحد الطرفين.
- إصابة أحد الزوجين بمرض ما أو عيب خلقي جسيم أو عدم قدرة أحدهما على الإنجاب.
المراجع
- ↑ ياسمين أنور (28-1-2018)، "تأثير المشاكل الأسرية على الطفل "، مجلتك، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أثر الطلاق على الأطفال"، المرسال، 17-6-2019، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "آثار الطلاق السلبية على المجتمع وأفراد الأسرة"، الجفر، 17-3-2014، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب د. فارس العزاوي (1-9-2014)، "الطلاق"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13-10-2019. بتصرّف.