محتويات
التاريخ والمؤرخ
يُعرف التاريخ بأنه فن يبحث في وقائع الزمان من ناحية التوقيت والتعيين، وموضوعه هو: الإنسان والزمان، كما أنه يبحث في الأحداث ومظاهر الحياة على الكرة الأرضية، بالإضافة إلى نشأة الكون وما يحتويه من أجرام وكواكب وكائنات حية، وتبرز وظيفة المؤرخ في عرض تواريخ الأمم والشعوب والحضارات المختلفة منذ بداية نشأتها حتى العصور الحديثة، كما أنه المرآة أو الكتاب الشامل الذي يعرض لنا ألوانًا من الأحداث وضروبًا من الأفكار والأعمال والآثار، ويتميز تاريخنا الإسلامي باحتوائه على العديد من العلماء والمؤرخين الذين تركوا بصمات عبر التاريخ إلى يومنا هذا، وسنذكر في مقالنا هذا أهم المؤرخين المسلمين.[١]
أهم مؤرخي المسلمين
اشتهر العديد من المؤرخين الذين كان لهم دورًا كبيرًا في تطور الحضارة الإسلامية، ومن أبرزهم ما يأتي:
عروة بن الزبير
هو أبو عبد الله، عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، وهو ابن الزبير بن العوام من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام المبشرين بالجنة، وكان عروة واحدًا من فقهاء المدينة السبعة، وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وخالتة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد ولد سنة 23 هجري.
عانى عروة بن الزبير من قطع قدمه بعد إصابتها في إحدى المعارك وكان من الصابرين على هذا البلاء، ويُعدّ عروة بن الزبير مؤسسًا لعلم التاريخ الإسلامي، كما يُعد أيضًا رائدًا من رواده الأوائل، فعروة هو أول من صنّف في المغازي، إذ وصل إلينا الكثير من رواياته التاريخية في كتب التاريخ والسير، وقد تناولت روايات عروة فترة حياة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في مكة، والذي ذكر فيها الأحداث التي سبقت نزول الوحي؛ كحادثة شق صدره - صلى الله عليه وسلم - وتعبده في غار حراء، ثمّ نزول الوحي عليه ونزول القرآن، وإسلام زوجته خديجة، وإعلان الدعوة الإسلامية، وموقف المشركين منها وأذاهم للمسلمين، بالإضافة إلى هجرة المسلمين إلى الحبشة، وبيعة العقبة الأولى والثانية، ثم تحدّث عروة عن هجرة المسلمين من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، كما ذكر الفترة المدنية وغزوات النبي، وفترة الخلفاء الراشدين وغيرها.
لم يكن عروة بن الزبير يكتفي بما يرويه عن غيره، ولكنّه كان يُسجّل الأحداث التي كان يشاهدها بنفسه، كما أنه ترجم للعديد من الصحابة، وكان عروة بن الزبير يحرص على إيراد التواريخ بدقة متناهية فقد ذكر عن نزول الوحي: "عرض له جبريل ليلة السبت وليلة الأحد ثم أتاه بالرسالة يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ورسول الله ابن أربعين".[٢]
الإمام الطبري
وهو الإمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري رحمه الله، وُلِد في بآمُل عاصمة إقليم طبرستان سنة 224هـ الموافق 839م، وقد قال الخطيب البغدادي عنه: "استوطن الطبري بغداد، وأقام بها إلى حين وفاته"، وقد بدَت على الطبري منذ طفولته صفات النبوغ الفكري، وظهرت عليه سمات الذكاء الخارق والتفتح الحاد، والملكات المتميّزة، وقد أدرك والده تلك النباهة فعمد على تنميتها وتقويتها، وكان حريصًا على الإفادة والاستفادة منها؛ فقد أرسله إلى العلماء ومعاهد الدراسة، ووفر له الوقت اللازم لاستغلال كل هذه الطاقات، وخصص له ما يلزم من المال للإنفاق على التعلم والعلم، وقد حقق الطبري أحلام وأمال والده سريعًا، فحفظ القرآن وهو صغير، وكان نبيهًا فطنًا ورعًا متواضعًا، وقد قال الطبري عن نفسه: "حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبت الحديث وأنا في التاسعة".
تُوفي الطبري في شهر شوال سنة 310هـ الموافق 923م، في عصر الخليفة العباسي المقتدر بالله، ولُقّب بالإمام والحافظ والمؤرخ والفقيه، وقد ترك خلفه لنا ثروة علمية مميزة تدل على سعة ثقافته، وغزارة علمه، ودقته في انتقاء العلوم الشرعية المختلفة والأحكام المتعلقة بها، وقد تميز بأنه قد كان له قلم سيَّال، وجَلَد على تحمل المشاق وصبر في الدرس والبحث، ففقد كان يعتكف على كتابة الموسوعات العلمية في مختلف أصناف العلوم، ومن أبرز مؤلفاته:[٣]
- جامع البيان في تأويل القرآن، الذي يٌعرف بتفسير الطبري.
- تاريخ الأمم والملوك، الذي يُعرف بتاريخ الطبري.
- اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام، والذي يُعرف باختلاف الفقهاء، وهذا الكتاب في علم الخلاف.
- لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام، وهذا الكتاب هو فقه في المذهب الجريري.
- الخفيف في أحكام شرائع الإسلام، وهذا الكتاب في تاريخ الفقه.
- الرد على ذي الأسفار، وهو كتاب ردّ فيه على داود بن علي الأصبهاني مؤسِّس المذهب الظاهري.
- العدد والتنزيل.
- مسند ابن عباس.
- كتاب المسترشد.
- اختيار من أقاويل الفقهاء.
الإمام الذهبي
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، الإمام الحافظ والمؤرخ، ولد رحمه الله سنة 673 من الهجرة، وقد سُميّ بالذهبي نسبة إلى والده شهاب الدين أحمد بن عثمان الذي كان يمتهن صناعة الذهب المدقوق، وقد تميّز بها وبرع، فعُرف باسم الذهبي. وكان الإمام الذهبي رحمه الله تعالى، عالمًا بالعلوم الشرعية؛ من عقيدة، وحديث، وفقه، وأصول، وقراءات، وغيرها، مع فهم جميع تلك العلوم على منهج السلف الصالح، وقد كان الذهبيّ واسع العلم، ورأسًا في معرفة الحلال والحرام، كما كان إمامًا في علم التاريخ والتراجم، قويًا في السُنة، وإمامًا في الحديث وعلومه، ناقدًا بصيرًا، قائمًا بالحق، شديدًا على أهل البدعة، لا تأخذه في الله لومة لائم، وله مُصنّفات كثيرة منها:[٤]
- ميزان الاعتدال.
- سير أعلام النبلاء.
- تاريخ الإسلام.
- التجريد فِي أَسمَاء الصَّحَابَة.
- الكاشف.
- مختصر سنَن الْبَيْهَقِيّ.
- طبقات الْحفاظ.
- مختصر تَارِيخ نيسابور، للْحَاكِم.
الإمام ابن كثير
هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء القرشي البصروي الدمشقي، الحافظ والمُفسر والمؤرخ عماد الدين أبو الفداء، ولد بمجدل في دمشق في سنة (701هـ) ، ثم انتقل بعد موت أبيه إلى دمشق مع أخيه كمال الدين في سنة (707هـ)، حفظ ابن كثير القرآن وهو في العاشرة من عمره، وبرع في التفسير، وقرأ القراءات، وكان قد حفظ متن " التنبيه " في الفقه الشافعي، وحفظ مختصر ابن الحاجب، وكان أحد تلاميذ الحافظ الذهبي.
أقبل ابن كثير على حفظ المتون ، وبرع في معرفة العلل والرجال والتاريخ والأسانيد، وأفتى وناظر ودرس، وتميّز في الفقه والتفسير والنحو، وتميّز بخفة روحه، وبخلقه وموضوعيته، وبالتزامه بالحديث والسنّة، واشتغل بالحديث ليبحث في رجاله ومتونه، فجمع التفسير، وكان قد جمع التاريخ في كتابه الشهير الذي سماه البداية والنهاية ، وعمل طبقات الشافعية، وشرع في شرح البخاري، وقد كان سعد الدين النووي والزركشي وابن الجرزي من أبرز تلاميذه، توفي ابن كثير في شهر شعبان سنة 774هـ الموافق 1373م، عن عمر يبلغ أربعة وسبعين عامًا، ومن أشهر مؤلفاته:[٥][٦]
- تفسير القرآن العظيم.
- التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل.
- البداية والنهاية.
- الهَدْي والسَّنَن في أحاديث المسانيد والسُّنَن.
- فضائل القرآن.
المراجع
- ↑ "تعريف التاريخ واهميته وصفات المؤرخ"، uobabylon.edu، 2011-4-4، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-14. بتصرّف.
- ↑ محمد حماد (2016-6-6)، "عروة بن الزبير.. المؤرخ الأول"، alkhaleej، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-14. بتصرّف.
- ↑ "ترجمة الإمام الطبري"، islamway، 2017-3-21، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-18. بتصرّف.
- ↑ "ترجمة الإمام الذهبي رحمه الله."، islamqa، 2015-6-10، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-18. بتصرّف.
- ↑ "ترجمة موجزة للحافظ ابن كثير"، islamqa، 2008-5-25، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-18. بتصرّف.
- ↑ "ترجمه الإمام ابن كثير"، islamway، 2017-3-21، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-18. بتصرّف.