ابن النفيس
اسمه الحسن علاء الدين ابن أبي الحزم، ومعروف باسم "ابن النفيس"، وهو عالم وطبيب عربي، ولد سنة 607 للهجرة، وعاش بداية حياته في دمشق، ودرس الطب بها، وعند نجاحه بالطب نجاحًا مُبهرًا سافر إلى مصر، وعمل بالقاهرة طبيبًا، بعدها أصبح رئيسًا للمستشفى المنصوري، وشغل مركز عميد الأطباء المصريين، وقد ساهم ذكاؤه بالوصول إلى هذا المركز العظيم، إضافة إلى المعلومات الطبية التي اجتهد للحصول عليها في حياته، وقد أولى ابن النفيس عناية كبيرة بأنواع العلوم المختلفة مع اهتمامه في الوقت ذاته بالطب، ومن ضمنها الفقه، والفلسفة، واللغة، كما اهتم برصد الحقائق، وبالوصول إلى الأغلاط الطبية لدى الأطباء، وكان يميل إلى استعمال العلاج عن طريق الغذاء عِوضًا عن الدواء، وكان يُعنى بدراسة الأعراض المرضية الظاهرة على جسد الإنسان أكثر من البحث عن إيجاد علاج، فدون ملاحظته للأعراض ليستطيع إيجاد علاج مُلائم للمرض، ويُصنف ابن النفيس من ضمن أوائل الأطباء الذين ألفوا بالطب[١].
إنجازات ابن النفيس
لم يكن ابن النفيس مشهورًا في مجال الطب فقط، فهو من أكبر علماء عصره في اللغة، والفقه، والفلسفة، والحديث، وقد ألف كتبًا في مواضيع غير طبية، ومن الأمثلة عليها "الرسالة الكاملية في السيرة النبوية"، وكتاب "فاضل بن ناطق" الذي كان على نمط كتاب حي بن يقظان لابن طفيل لكن بأسلوب لاهوتي لا فلسفي، وفيما يخص الطب فقد عُد من مشاهير زمانه، ولديه الكثير من المصنفات التي اتسم بالجرأة بها، وحرية الرأي على عكس علماء زمانه، فقد كان يُصحح أخطاء الآخرين عند رؤيتها، كابن سينا، وجالينوس[٢].
ومن أعظم إنجازات ابن النفيس اكتشافه للدورة الدموية الصغرى التي كانت بمثابة بداية لاكتشاف الدورة الدموية الكبرى لاحقًا، وذكرها ابن النفيس بقوله: "إن الدم يُنقّى في الرئتين من أجل استمرار الحياة وإكساب الجسم القدرة على العمل، إذ يخرج الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين؛ إذ يمتزج بالهواء، ثم إلى البطين الأيسر"، وكان اكتشافه هذا قاضيًا على الاعتقاد الذي كان مُنتشرًا آنذاك، والقائل بأن الدم يتشكل أولًا بالكبد، وبعدها ينتقل إلى البطين الأيمن بالقلب، وبأن القلب ليس مُتحكمًا رئيسيًا بعملية ضخ الدماء، ولم يتبين اكتشاف ابن النفيس لدى العصور الحديثة إلا بسنة 1924 للميلاد، وكان ذلك صدفة، فقد لقي العالم محيي الدين التطاوي خلال دراسته تاريخ الطب العربي بمدينة برلين عاصمة ألمانيا على مخطوطة اسمها "شرح تشريح القانون"، وهذه المخطوطة دونها ابن النفيس بيديه، وقد بين بها الطريقة التي يسري الدم بها في جسد الإنسان، وذلك ما يُعرف باسم الدورة الدموية الصغرى، فقد خُبئت هذه المخطوطة لسنوات عديدة، وسُرق ما بداخلها من معلومات قيمة.[٢]
مؤلفات ابن النفيس
ترك ابن النفيس وراءه الكثير من المؤلفات العلمية، ونُشر قسم منها، ولم يُنشر القسم الآخر، فما زال بصورة مخطوطات موضوعة في رفوف المكتبات، ومن مؤلفات ابن النفيس[٣]:
- شرح تشريح القانون: يُعد كتاب شرح تشريح القانون من كتب ابن النفيس المهمة جدًا، ونُشر هذا الكتاب في القاهرة سنة 1988 للميلاد، وقد وصف في هذا الكتاب الدورة الدموية الصغرى، إضافة إلى الحديث عن اكتشافه بأن عضلات القلب تتغذى من الأوعية الموجودة بداخلها، وليس من الدم القابع في جوفه، ويُبين الكتاب ثقة ابن النفيس بعلمه، فقد عارض كلام أكبر طبيبين معروفين لدى العرب في تلك الفترة، وهما جالينوس، وابن سينا.
- الشامل في الصناعة الطبية: يُعد كتاب الشامل في الصناعة الطبية أكبر موسوعة طبية يُدونها شخص بمفرده بالتاريخ الإنساني، وقد جمع الدكتور يوسف زيدان بمصر أقسام الكتاب المخطوطة، وقد نشر المجمع الثقافي بأبو ظبي الموسوعة سنة 2001، وقد حضرّ ابن النفيس هذه الموسوعة لتكون مرجعًا طبيًا شاملًا لكافة الأمور، لكنه توفي بعد تحضيره لثمانين قسمًا منها، وهي تُشكل جهود المسلمين العلمية بالطب، والصيدلة طيلة خمسة قرون من العمل المستمر.
- الموجز في الطب: يُعد كتاب الموجز في الطب مرجعًا مُهمًا لدارسي الطب، وانتقل هذا الكتاب بين العلماء، وأُلفت شروحات، وتعليقات عديدة عليه، فهو ما يزال له منزلة عظيمة إلى هذا العصر، وقد تكلم بول غليونجي بكتابه المُسمى ب "ابن النفيس" بأن كتاب الموجز في الطب يُمثل شرحًا قصيرًا للغاية لكتاب القانون بالطب لابن سينا، وقد تكلم عن أقسام القانون بلغة علمية سلسة جدًا باستثناء القسم الخاص بالتشريح، ووظائف كل عضو من الأعضاء، وذلك جعل الكتاب مرغوبًا جدًا من الناحية العلمية لمن يُمارسوا الطب، ويوجد من هذا الكتاب نُسخ بصورة مخطوط في مدينة باريس، وفلورنسا، وأكسفورد، وميونخ، والأسكوريال، وتوجد أربعة أجزاء لهذا الكتاب، وتُرجم للعديد من اللغات، ونشر عام 1985 بالقاهرة.
- شرح فصول أبقراط: نُشر كتاب شرح فصول أبقراط سنة 1988.
- المهذَّب في الكُحل المجرب: نشر كتاب المهذب في الكحل المجرب سنة 1986.
- المختصر في أصول علم الحديث: نشر كتاب المختصر في أصول علم الحديث سنة 1991.
وفاة ابن النفيس
أصاب ابن النفيس مرضًا شديدًا قبل وفاته بأيام عدة، وكان الأطباء يريدون علاجه بواسطة الخمر، غير أنه رفض ذلك رفضًا قاطعًا قائلًا مقولته المشهورة: "لا ألقى الله وفي جوفي شيءٌ من الخمر"، وبعد مرور ستة أيام على مرضه توفي ابن النفيس بالمستشفى المنصوري في مدينة القاهرة الذي عمل به كبيرًا للأطباء، وكان عمره ثمانين سنة، وقد أوصى تلاميذه بالاهتمام بالعلم، وإكمال مسيرته بقوله لهم "إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي"، وبذلك أفل نجم هذا العالم العربي العظيم عن الحياة، لكن أعماله ما زالت موجودة إلى يومنا هذا[٢].
المراجع
- ↑ "معلومات عن ابن النفيس"، موسوعة كله كلك، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-14. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "من هو ابن النفيس "، arageek، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-14. بتصرّف.
- ↑ "ابن النفيس"، قصة الإسلام، 2008-7-24، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-14. بتصرّف.