المخدرات
لا تقتصر مشكلة تعاطي المخدرات على فئة معينة من المجتمع، وإنما يُمكن أن تظهر لدى الجميع بغض النظر عن أعمارهم أو أعراقهم أو خلفياتهم الاجتماعية، وهنالك من يرغب بتجربة المخدرات نتيجة للفضول، أو لتحسين المزاج وعلاج الاكتئاب والقلق، أو بسبب استعمال الأصدقاء لها، لكن المشكلة في المخدرات أنها ليست مواد غير قانونية فحسب، وإنما تؤدي إلى الإدمان والكثير من المشاكل الصحية أيضًا، وهذا الأمر لا ينطبق على المخدرات غير القانونية المتواجدة في الشوارع فحسب؛ كالهيروين والكوكايين والماريغوانا، وإنما ينطبق أيضًا على مسكنات الآلام الطبية، وحبوب النوم، والمهدئات النفسية أيضًا، وفي الحقيقة فإن البيانات القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية باتت تشير إلى كون مسكنات الآلام الطبية هي ثاني أكثر أنواع المخدرات استعمالًا بين الناس بعد الماريغوانا، كما أن عدد الوفيات الناجمة عن تناول هذه المواد تفوق كثيرًا أعداد المتوفين نتيجة لحوادث السيارات أو إطلاق النار[١]، وهنالك بالطبع مشاكل وأضرار اجتماعية كثيرة للمخدرات، وهذا سيكون موضوع الأسطر التالية.
أضرار المخدرات على المجتمع
لا يُعد موضوع الأضرار الاجتماعية للمخدرات موضوعًا جديدًا على الإطلاق؛ إذ إن هنالك دراسات نشرت في بدايات التسعينات من القرن الماضي حول هذا الأمر، وقد تحدثت الدراسات عن العلاقة بين المخدرات وارتفاع نسب الجرائم، وانتشار الإيدز، والاعتداء على الأطفال[٢]، وقد تأكد الباحثون والخبراء فيما بعد من وجود علاقة وطيدة بين تعاطي المخدرات وبين زيادة معدلات الإساءة للأطفال، وحوادث التحرش الجنسي في الجامعات، وزيادة حالات الأطفال المحالين إلى دور الرعاية الخاصة بالتبني، وزيادة الأحكام المتعلقة بالمخدرات بالسجن، وانخفاض حجم الإنتاجية في العمل، وزيادة خطر التعرض للإصابات في العمل أيضًا، وبالإمكان كذلك شرح المزيد من الأضرار الاجتماعية للمخدرات على النحو الآتي[٣]:
- التأثير على النسيج العائلي: يتعرض أقرباء المتعاطي للمخدرات إلى الضرر الأكبر نتيجة للسلبية الكبيرة والغضب المرتبط بالمخدرات، وللأسف يُمكن لهذا أن يتطور إلى عنف أسري في حال كان المتعاطي هو شريك الحياة أو الزوج، وهنالك ارتفاع ملحوظ كذلك في فرص فقدان المنزل والتشرد والفقر نتيجة للمخدرات، فضلًا عن التخلي عن الأطفال وارسالهم إلى مراكز التبني، ومن المحزن القول بأن 80% من حالات الإساءة للأطفال مرتبطة بتعاطي المخدرات.
- التأثير على العمل وزملاء العمل: كشفت دراسة أجريت عام 2016 عن حقيقة مؤسفة تتمثل في أن هنالك 19 مليون شخص يشربون الكحول أو الخمر قبل الذهاب إلى أعمالهم مباشرة أو أثناء عملهم، وهذا بالطبع يحمل آثارًا سيئة كثيرة على إنتاجية الناس وعلاقتهم بزملائهم في بيئة العمل، فضلًا عن زيادة في خطر التعرض للإصابات أثناء العمل.
- التأثير على النظام الصحي: يتسبب تعاطي المخدرات بانعكاسات وأحمال مالية ومادية إضافية على كاهل النظام الصحي؛ فقد وصل –مثلًا- إجمالي التكاليف الصحية المتعلقة بتعاطي المخدرات إلى حوالي 180 مليار دولار في السنة الواحدة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومما لا شك فيه أن نسب الإصابة بالأمراض النفسية تزداد أكثر نتيجة لتعاطي المخدرات، وهذا يزيد أيضًا من الحمل المادي الواقع على عاتق منشآت الرعاية النفسية.
- انتشار الأمراض الخطيرة: لا يخفى عن أحد أن تعاطي المخدرات عبر الحقن يعد من وسائل انتشار فيروس نقص المناعة البشري أو الإيدز، كما أن تعاطي المخدرات يزيد أكثر من فرص الانخراط في السلوكيات الجنسية الخطرة، التي بدورها تزيد من فرص الإصابة بالإيدز أيضًا، ولقد لاحظ الباحثون كذلك زيادة في حالات الإصابة بالسل وأمراض أخرى بين متعاطي المخدرات؛ كالتهاب الكبد الوبائي، والتهاب الرئة، وبعض الأمراض النفسية أيضًا؛ بما في ذلك الاكتئاب والذهان[٤].
- زيادة معدلات الجريمة: تُشكل أحكام السجن المتعلقة بالمخدرات ما نسبته 50% من مجموع الأحكام على المستوى الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتصل تكلفة السجين الواحد سنويًا أثناء فترة مكوثه في السجن داخل معظم الولايات إلى حوالي 32 ألف دولار، أما بالنسبة إلى مدة أحكام السجن، فإنها تتراوح بين 3-9 سنوات، وتشير الإحصائيات والمعلومات المتوفرة عن وجود علاقة للكحول في حدوث 40% من الجرائم العنيفة سنويًا أيضًا.
أضرار المخدرات على الفرد
تتسبب المخدرات في ظهور مشاكل صحية كثيرة، سواء على المدى القريب أو على المدى البعيد، وهنالك بالطبع تباين في نوعية هذا المشاكل اعتمادًا على نوعية وكمية المخدر الذي يتعاطاه الشخص، والمدة الزمنية التي قضاها في تعاطي هذا المخدر، ومستوى صحته العامة، لكن على العموم، يبقى الضرر الصحي للمخدرات كبيرًا ولا يجب الاستخفاف به نهائيًا؛ لأن للمخدرات القدرة على التأثير على جميع أعضاء الجسم تقريبًا، وبالإمكان ذكر بعض أهم هذه الأضرار كما يلي[٥]:
- إضعاف الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في خطر الإصابة بالأمراض والعدوى.
- الإصابة بالمشاكل القلبية، بما في ذلك عدم انتظام دقات القلب، والنوبة القلبية، وانهيار الأوردة، والتهاب الأوعية الدموية، خاصة عند أخذ المخدرات عبر الحقن.
- المعاناة من الغثيان وآلام البطن، التي يُمكن أن تتسبب في انخفاض الشهية وخسارة الوزن.
- زيادة الإجهاد الواقع على الكبد وزيادة خطر الإصابة بمشاكل أو فشل الكبد.
- الإصابة بالنوبات الصرعية، أو الجلطات الدماغية، أو الارتباك الذهني ومشاكل الدماغ الأخرى.
- الإصابة بمشاكل الذاكرة، والانتباه، واتخاذ القرارات.
- زيادة حجم الثدي عند الرجال وزيادة حرارة الجسم.
- الإصابة بأمراض الرئة.
مَعْلومَة
تشير البيانات والاحصائيات الرسمية إلى معاناة 90% من الأفراد الذين أقدموا على الانتحار من الاكتئاب أو تعاطي المخدرات، أو كِلا الأمرين معًا، ولقد وصف الكثير من خبراء الصحة الانتحار بكونه أحد أكثر الأوبئة المجتمعية خطرًا في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بين فئة الشباب، ومما لا شك فيه أن تعاطي المخدرات هو العامل الأساسي في إقدام الكثيرين على الانتحار بسبب كون المخدرات مسؤولة عن دمار العائلات، والعلاقات الاجتماعية السوية، والحياة المهنية، وضياع القدرات المادية أيضًا، وتُعد المخدرات الأفيونية هي أبرز أنواع المخدرات المسببة لحالات الانتحار، بل إن نسب الإقدام على الانتحار تزداد بمقدار 75% عند مدمني هذه المخدرات تحديدًا، وتشير البيانات كذلك إلى ارتفاع خطر الموت بالانتحار بمقدار 13 ضعفًا عند متعاطي المخدرات الأفيونية أو عبر الحقن[٦].
المراجع
[[تصنيف:صحة]
- ↑ Lawrence Robinson, Melinda Smith, M.A.,Jeanne Segal, Ph.D. (10-2019), "Drug Abuse and Addiction"، Helpguide, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ↑ R S Hoffman & L R Goldfrank (8-1990), "The Impact of Drug Abuse and Addiction on Society", Emerg Med Clin North Am ., Issue 3, Folder 8, Page 467-80. Edited.
- ↑ Isaac Alexis, M.D., AAMA, AMP-BC (3-12-2019), "How Does Drug Abuse Affect Society And You?"، Addiction Campuses, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ↑ "Pathways of Addiction: Opportunities in Drug Abuse Research/Consequences", National Academy of Sciences, Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ↑ "Effects of drug abuse and addiction", Gateway Rehab Centers , Retrieved 29-5-2020. Edited.
- ↑ David Hampton (19-5-2020), "Suicide and Substance Abuse"، Addiction Center, Retrieved 29-5-2020. Edited.