ما حكم زراعة الشعر؟
شاهدنا في الآونة الأخيرة انتشار الصّلع بين الرّجال، ثمّ ظهر بعدها ما يُسمّى بعملية زراعة الشعر التي يُمكن تعريفها على أنّها عمليّة طبية وتجميلية في نفس الوقت، وهي من العمليات التي تقوم على نقل جذور الشّعر من منطقة ما في الرأس، وزراعتها في منطقة أخرى بغرض استعادة الشّعر المفقود، لكن بعض الرّجال يتساءلون عمّا إن كان حُكمها حرامًا أم حلال في شريعتنا الإسلاميّة، وذلك لأنّ جسم الإنسان ليس ملكًا له، بل هو أمانة من الله جل وعلا، فهل يجوز له التصرف فيه بعمليّة الزراعة أم لا، وما هو رأي الشريعة الإسلاميّة في هذا الأمر، يُمكننا القول أنّ علماء الدّين اجتهدوا وبيّنوا أنّ هذه العمليّة جائزة طالما أنّها تُستخدم لتغطية عيبٍ ما، ولا تُغيّر من خلق الله تعالى، كما أنّها ليست من باب التّجميل مثلًا أو الزيادة على ما خلق الله.[١] وأباح الفقهاء ذلك ما دام ليس فيه ضرر على الإنسان، وجاء هذا في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي إذ أباح إجراء العمليات التجميلية الضرورية التي يُقصد منها إصلاح عيب طارئ.[٢]
هل تؤثر زراعة الشعر على الوضوء؟
اتفق جمهور أهل العلم أن مسألة زراعة الشّعر بطريقة طبية لإزالة عيب معيّن جائزة شرعًا، ولا حرج فيها ما دام أن الشّعر بعد العمليّة ينبت ويطول بنفسه، ولكن ماذا لو أراد صاحبها الوضوء، هل تؤثّر على صحّته أم لا؟ يقول تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[٣] وهذا دليل على أنّ المسح على الرّاس من الفروض التي أمرنا الله تعالى بها، وفي حال كنت من الرّجال أصحاب الشعر المرزوع يُمكنك تطبيق المسح بكلّ اطمئنان وراحة، لأنّ الزراعة لا تؤثّر على صحّة المسح على الرأس والوضوء كامل كما أن المسح لا يؤثر على نتيجة عملية الزراعة، أمّا إذا كانت عملية الزراعة ما زالت جديدة، وتخاف أن تؤثّر عليها، يُمكنك حينها المسح الخفيف على بعض الشعر فقط كما في المذهب الحنفيّ والشّافي، ثمّ عليك بعدها تأدية الصّلاة كاملة وصولًا إلى السجود، فإذا لم تستطع الإطالة، حاول أن تسجد بمقدار تسبيحة واحدة فقط، والله أعلم.[٤]
كما أن مسح بعض الرأس أفضل من أن تترك المسح كله، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: [إِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ][٥]، وأما إذا عجزت عن المسح كليًا بسبب الخوف من الإضرار بالعملية فلا بأس من تركه.[٤] ومن ناحية أخرى إذا كانت عملية زراعة الشعر تغطي جزءًا من جلدة رأسك فهذا سيضرّ بالغسل ولن يكون صحيحًا؛ لأن الواجب فيه تعميم الجسد بالماء، أما إذا كانت الزراعة بغرس بُصيلات الشعر في مسام الجلد فلا ضرر في ذلك ووضوئك وغسلك صحيح بإذن الله تعالى، أما المسح على الباروكة فهو غير صحيح لأن الباروكة ليست جزءًا من الشعر.[٢]
قد يُهِمُّكَ: حكم لبس الباروكة
لا بُدّ أنّّك تسمع عن أولئك الرّجال الذين يرتدون باروكة الشّعر، خصوصًا المعنيين بالظّهور أمام جمهورهم وتحت الأضواء، لكن ما حكمها في شريعتنا الإسلاميّة؟، كان الصّلع قديمًا من الأمور التي يُمتدح بها الرّجل، إذ كان الخلفاء الرّاشدين كلّهم صُلع ما عدا أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، وفي وقتنا هذا، اجتهد العلماء وحرّموا ارتداء الرّجل للباروكة من أجل الزّينة، وذلك لأنّ الأصلع لا يُستهجن وليس هو بالغريب بين النّاس، علاوة على هذا التحريم، قال الشيخ صالح الفوزان عندما سألوه عن حكم لبس باروكة الشعر للنساء والرّجال: " أمّا الرجل فلا يجوز له ذلك بحال من الأحوال، قد يجوز للمرأة مثلاً إذا كانت ليس لها شعر أصلاً، كأن لم ينبت لها شعر أن تلبس الباروكة؛ لأنها أصبحت مُضطرة لذلك، ومحتاجة لذلك، أما الرجل فإنه لا يجوز أن يلبس الباروكة بحال".[٦]، وبناءً على هذا يكون في حكم لبس الباروكة خلاف، فيقول بعض الفقهاء أن لبس الباروكة للمرأة والرجل لا حرج فيه، ولكن يُشترط أن لا تكون من شعر طبيعي آدمي أو من شعر نجس، وألا يكون القصد من لبسها الغشّ والتدليس أو التغرير بالناس كالتصابي وتصغير العمر.[٢]
- ↑ "حكم عمليات زرع الشعر في الرأس"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2020. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "حكم زراعة الشعر ولبس الباروكة للرجال"، دار الإفتاء الأردني، اطّلع عليه بتاريخ 24/12/2020. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:6
- ^ أ ب "مسح الرأس والسجود لمن قام بزراعة الشعر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1337 ، صحيح.
- ↑ "حكم استعمال الرجل الأصلع للشعر المستعار"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/12/2020. بتصرّف.