مفهوم الحوار الوطني

مفهوم الحوار الوطني
مفهوم الحوار الوطني

تعرف عليه: مفهوم الحوار الوطني

هنالك العديد من الالتباسات والأسئلة حول مفهوم الحوار الوطني، إذ إن التجارب التي مر فيها الإنسان لخوض الحوار الوطني كانت محددة بحالات معينة، وهو عبارة عن معرفة سردية غير دقيقة ظهرت كاستجابة للتطورات السياسية في أنحاء العالم كافة من أفريقيا إلى أوروبا، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأمريكا اللاتينية وسواها، ولقد تركزت في منطقة الوطن العربي كونه الساحة الأبرز للعديد من الصراعات والنزاعات التي تتطلب نوعًا من التدخل الآخر كالحوار، وذلك كاستجابة عميقة لشرعية المؤسسات الحاكمة على يد السكان الآخذين بالانعتاق منها على نحو متزايد.

وقد ظهر الحوار الوطني كصيغة مناسبة مع ازدياد الضغط الناشىء من القاعدة الشعبية بسرديات الشمول والمشاركة وصولًا إلى مسرح الأحداث، أضف إلى ذلك أن طبيعة النزاع متزايدة التعقيد تدعو إلى وضع صيغ من الحوار تشمل مجموعة واسعة من الجهات صاحبة المصلحة من أجل البحث في أسباب النزاع المتعددة الأبعاد، كما أن الحوار الوطني يعني الحد من المقاربات الأمنية التي تنطوي على تدخلات أمنية وعسكرية واسعة النطاق كوسيلة لإحلال الاستقرار السياسي، وهنالك أمثلة حية كثيرة على ذلك كما سوريا وليبيا والعراق وغيرها، ولقد جاءت الحوارات الوطنية كاستجابة للرغبة في حماية السيادة الوطنية، إلى جانب الشك في التدخلات المدارة دوليًا في أنحاء كثيرة من العالم، وعليه فإن الحوار الوطني هو عملية سياسية تمسك بزمامها أياد وطنية تستهدف توليد توافق الآراء بين طيف واسع من الجهات الوطنية ذات المصلحة في أوقات الأزمات السياسية الحادة، وهو باختصار مسعى قصير الأمد يُتخذ استراتيجيًا كوسيلة لحل أو منع اندلاع الصراع أو العنف المسلح.[١]


ما أهمية الحوار الوطني؟

من الجيد أنه يمكن تطوير الحوارات الوطنية مع الوقت تبعًا للحالات الراهنة لتتكيّف مع مجموعة من الأهداف المأمولة، فقد يكون الحوار منصبًا على مجموعة ضيقة من الأهداف الموضوعية مثل الترتيبات الأمنية أو التعديلات الدستورية أو لجان تقصي الحقائق وغيرها، أو قد تكون أهدافًا واسعة المدى تستلزم إعادة بناء نظام جديد مختلف تمامًا ووضع عقد اجتماعي جديد أيضًا، ومن المهم الإشارة إلى أن كثرة العمليات والاستخدامات المتمايزة للحوار لهو عنصر إثرائي جيد، وفيما يلي سننتبع أبرز أهداف الحوار الوطني بناءً على نوعه:[١]

  • يهدف الحوار الوطني كآلية لإدارة الأزمات إلى إيقاف الأزمات التي تتعرّض لها الدول أو منعها من الوقوع، من خلال كسر الجمود السياسي وتحقيق الحد الأدنى من التوافق السياسي بين الأطراف المتنازعة، بينما يمكن التفاوض حول الإصلاحات والخطوات الأخرى من أجل تحقيق التغيير.
  • يهدف الحوار الوطني كآلية للتغيير الأساسي إلى تحقيق تغييرات مؤسسية ودستورية بعيدة المدى.


سبل وقنوات الحوار الوطني

قد يختلف موقع الحوار الوطني في قارات العالم ولكنه متشابه في مساعيه وغاياته، والمقصد منه محاولة تمكين لغة الحوار والتفاهم من أجل مصلحة الوطن والمواطنين وارتقاء الأمم وزهو الحضارات، وكي يتمثل ذلك كحقيقة على أرض الواقع فإنه لا بد من البحث في السبل والقنوات الممكنة ومن ثم تفعيلها ومنحها المساحة والدعم المطلوبين لإرساء الحوار الوطني ودعمه، ومنها نذكر:[٢]

  • المجالس البرلمانية ومجالس الأمة.
  • اللقاءات المغلقة والمفتوحة عبر قنوات الإعلام المختلفة.
  • الندوات والمحاضرات التي تُقام باستمرار.
  • الاتحادات العامة والنقابات الفاعلة والمسؤولين عنها.
  • مشاركة الشباب من المنظمات الوطنية ومن قوى المجتمع الوطني فضلًا عن الأحزاب السياسية.


كيف يمكن تحقيق الغاية من الحوار الوطني؟

يلعب السياق السياسي الذي يجري فيه الحوار الوطني الدور الأكبر والرئيسي في نجاح الحوار أو فشله، وتوجد العديد من العوامل الأخرى التي تساعد في نجاح الحوار وتؤدي إلى الوصول للنتائج المرجوّة منه وتحقيق غاياته، ومنها ما يلي:[٣]

  • الإرداة السياسية: تعني الإرادة السياسية اتفاق النخبة المشاركة في الحوار الوطني على المضي قدمًا في هذا الحوار، فكلما ازدادت الإرادة وتوافقت الأطراف المشاركة وكانت لها نية صادقة في إنجاح الحوار والتوصل لحل وسط كلما نجح الحوار في تحقيق غاياته.
  • ارتباط الحوار الوطني مع العمليات الانتقالية: لا بدّ أن يكون الحوار الوطني جزءًا أساسيًا من عمليات التغيير التي تسعى لتعزيز التغيير الهيكلي الحقيقي، والذي بدوره سيُرضي الأطراف المتنازعة.
  • الأرضية المشتركة بين الأحزاب السياسية: إن وجود أحزاب سياسية متعارضة يؤدي إلى إفشال الحوار الوطني، ولهذا لا بدّ من اشتراك الأحزاب بالمبادئ والأهداف الأساسية للوصول إلى آراء متقاربة وبالتالي ضمان نجاح الحوار الوطني.
  • القبول العام: تأييد العامة وإشراكهم في الحوار الوطني يؤثر على نجاحه أو فشله، وذلك من خلال القبول العام وتقديم الدعم الكامل لمحاولة الوصول إلى حل يُرضي طرفي النزاع، ويمكن أن يكون ذلك بواسطة توفير المعلومات للجمهور بشفافية والسماح بالمشاركة الإعلامية.
  • التعلّم من التجارب السابقة: يمكن لأطراف الحوار الوطني أن تتعلّم من الحوارات السابقة الناجحة وتتبع نهجها للنجاح والوصول إلى الحل المناسب.
  • التوازن بين الفاعلين الخارجيين والملكية الوطنية: يجب تحقيق التوازن بين الدعم الخارجي المتمثّل بالأطراف الخارجية التي تدخل كطرف في الحوار الوطني لمقاربة وجهات النظر، وبين الملكية الوطنية وهي الجهة المحلية المسؤولة عن الحوار أو التي هي طرف فيه، وتكون أشكال الدعم المقدمة منهم إما دعم سياسي أو مالي أو دعم فني.


قد يُهِمُّكَ: الحالات التي تُعقَد بها الحوارات الوطنية

يجري إعداد الحوار الوطني استجابة لأوضاع مختلفة، ويُعقد للتعامل مع الأزمات ذات الأهمية الوطنية والتي لها انعكاسات على المجتمع ككل، وقد تكون تلك الأزمات عبارة عن جمود سياسي حاد أو مؤسسات سياسية معطلة، وهنا يبرز دور الحوار الوطني في تخفيف حدة التوتر أو بلوغ اتفاق سياسي، أو حتى إعادة تأسيس إطار مؤسسي جديد وذلك بما يستوفي وظيفة إدارة الأزمات، كما تعقد الحوارات الوطنية كجزء من عملية الابتعاد عن وقوع صراعات أهلية، أو عندما تستدعي الحالة لوضع آليات شاملة، وعندما تفقد بعض المؤسسات القديمة شرعيتها، فتصبح الحاجة ملحّة لعقد حوار وطني يهدف إلى وضع عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع.

وبالنهاية يتولد عن الحوار الوطني قيادة وطنية ضمن نظام جديد اجتماعي وسياسي واقتصادي سعيًا لتأسيس مؤسسة جديدة للتفاوض على عقد اجتماعي قائم على الانفتاح الكامل بين الدولة ومواطنيها، ويعد تطوير تلك العمليات بمثابة حاوية لحل الخلافات السلمية بشكل حاسم، ويصبح ذلك بمثابة القاعدة التجريبية لإصلاح المؤسسات بشكل أعمق ولبناء الأمة.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب مؤسسة بيرغهوف، الحوار الوطني، صفحة 21- 22. بتصرّف.
  2. "موضوع عن الحوار الوطني طريق للتقدم والازدهار"، فهرس، اطّلع عليه بتاريخ 15/1/2021. بتصرّف.
  3. Huma Haider (12/2/2019), "National dialogues: lessons learned and success factors", Helpdesk Report, Page 2. Edited.
  4. مؤسسة بيرغنهوف، الحوار الوطني، صفحة 21. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :