محتويات
قصة يأجوج ومأجوج
يأجوج ومأجوج، هم قوم ورد ذكرهم في القرآن الكريم والمصادر الدينية الأخرى مثل المسيحية واليهودية، وهما أمّتان من أمم الأرض خلقهما الله تعالى وشكلتا فتنة في الأرض، فكانتا مفسدتين تسعى كل منهما للخراب، ولم تستطع أي أمة مواجهتهما لقوتهما وكثرة أفرادهما لدرجة أن تركهم يفعلون ما يريدون يعني هلاك البشرية بما يفعلونه من شرور، ويقال بأن أعدادهم كبيرة جدًا، وشبّه عددهم برمل البحر، فلا يوجد أحد قادر على مواجهتهم ولا حصن يحمي الناس من شرهم، ولا توجد قوة تردعهم إلا قوته سبحانه وتعالى. وقد سخر الله تعالى الملك الصالح ذي القرنين للحدّ من خطرهم لكنه لم يواجههم وجهًا لوجه، بل أمره الله تعالى أن يبني عليهم سدًّا عظيمًا ليحتجزهم، فلا يستطيعون هدمه ولا تسلقه، فأمر الملك بإذابة الحديد وبناء السد منه، فقال الله تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)}[١]، ثم أمر أن يذاب النحاس وذلك ليتقوى بناء السد، فلم يستطع قوم يأجوج ومأجوج عبوره إلى هذا اليوم، ولكنهم سيظهرون ثانية في آخر الزمان، وستكون دليلًا على نهاية العالم، فكان لهما ثلاثة أسماء، ففي التوراة ذكر اسمهم بـ "جوج وماجوج" دون الهمزة، أما في العهد الجديد ذكر اسمهم بـ "ياجوج وماجوج"، أما في القران الكريم ذكر اسمهم بـ "يأجوج ومأجوج" بالهمزة، وفي هذا المقال سوف نتعرف على سبب تسميتهم بهذا الاسم، وكيفية خروجهم.[٢]
سبب تسمية يأجوج ومأجوج
إن كلمتي يأجوج ومأجوج في اللغة تعطيان معانٍ سلبية، فالأولى تعني أجيج النار، والثانية الماء المالح، فكلا المعنيين يشيران إلى صفة العذاب والفساد، فالنار تحرق الأرض، والماء المالح لا يسقي الأرض ولا يجعلها تنبت بل يخرب التربة ويجعلها غير صالحة لشيء، فكلا الاسمين يدلان على الشر كحال هاتين الأمتين، فجاءت تسميتهما لتطابق صفة أفعالهم، أما موقعهم فلا توجد أدلة كافية لتعين الموقع، ولكن ذكر بعض الناس بأنهم موجودون خلف الصين، والبعض ذكر بأنهم في جبال القوقاز بالقرب من مدينة أذربيجان، وروي عن ابن عباس بأن وجود قوم يأجوج ومأجوج في أواخر شمال الأرض، وقال الألوسي: قد حال بيننا وبين ذلك الموضوع مياه عظيمة، وفسر البعض هذا القول بأن السد هو عبارة عن مائيين، وهما البحر الأسود وبحر قزوين.[٣]
يأجوج ومأجوج علامة كبرى للساعة
تسعى الأمّتان منذ بناء السد عليهما إلى ثقبه والخروج إلى العالم مجددًا، لكن الله تعالى بقدرته يعيد السد بترميم ما هدموه منه، ويجعله أمتن وأكثر صلابة، فهو يبقيهم محجوزين لوقتهم؛ ذلك لأنهم يشكلون فتنة كبرى توازي فتنة الدجال، لذلك لا يخرجون إلا عندما يأتي دورهم كعلامة من العلامات الكبرى، وفي هذه الأثناء يعيش العالم حياته الطبيعية، ويشهد إعمارًا وبناءً إلى أن يأذن الله ببداية العلامات الكبرى، فيتحول العالم إلى مرتع للفتن العظيمة لا تنتهي فتنة إلا ويأتي بعدها ما هو أشد، ثم يأذن الله لهاتين الأمتين بالخروج، فلا يرمم الله تعالى السد ويتركه على حاله، فيستكملون حفره ويسقط السد فيخرجون إلى الأرض متعطشين لإحلال الدمار فيها، قال صلى الله عليه وسلم: [اطَّلَعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقالَ: ما تَذَاكَرُونَ؟ قالوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قالَ: إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ، الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ][٤].[٥][٦]
خروج يأجوج ومأجوج
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على زوجته زينب بنت جحش - رضي الله عنها – فزعاً وهو يقول: [لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه وحَلَّقَ بإصْبَعِهِ الإبْهَامِ والَّتي تَلِيهَا، قالَتْ زَيْنَبُ بنْتُ جَحْشٍ فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وفينَا الصَّالِحُونَ؟ قالَ: نَعَمْ إذَا كَثُرَ الخَبَثُ][٧]. تخرج هاتان الأمتان في زمن يحكم فيه النبي عيسى عليه السلام، فتدمر الأرض ويقتل كل من يلقاهم ويحدثون فتنة عظيمة كفتنة الدجال، ولا يستطيع أحد الوقوف في وجههم، فيأمر الله تعالى سيدنا عيسى عليه السلام بالتوجه مع المسلمين إلى جبل الطور، فبحفظه سيحفظهم من فتنتهم، فيتوجه قوما يأجوج ومأجوج إلى بحيرة طبرية، فيشربونها ولا يتركون فيها قطرة ما، وعندما يرون حالهم كيف دمروا الأرض ولم يواجههم أحد، تأخذهم العزة بالإثم فيرمون بنبالهم ورماحهم صوب السماء فترد عليهم وعليها دماء فيفرحون معتقدين هزمهم لله وملائكته، فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا على أهل السماء، فيفتتنون بنصرهم الزائف، فيأمر الله تعالى أن يخرج الدود من أعناقهم فيقضي عليهم صغار خلق الله فلا يبقى أحد منهم، ثم يأمر الله تعالى السماء أن تمطر، فلا يبقى من بقاياهم شيء، فيطهر الأرض من رجسهم.
إن خروج هذه الفتنة في الأرض تعني اقتراب يوم القيامة والله -عز وجل- لم يخلق خلقه عبثًا، فقد سخرهم الله تعالى ليوم يختبر فيه إيمان الناس ومدى تعلقهم به تعالى، فمهما بلغت قوة المخلوق سيوجد الله تعالى من هو أقوى منه فيقهره به، وذلك حتى يعيده إليه ولا يظن أنه لا يقدرعليه أحد، هاتان الأمتان مخلوقات مثلنا سيخرجها الله بأمره ويهلكها بأمره، ولن تكون هنالك قوة أرضية تهزمها إلا بتعلق القلوب بالله والإكثار من الدعاء، فيهلكهم الله تعالى بأبسط مخلوقاته. هذه القصة فيها عبرة لنا إذ يجب على الإنسان أن يملأ قلبه حبًا لله، وألا يعصيه ويستبشر به خيرًا، وإن أعطاه الله القوة لا يغتر بها، ولا يكن كفرعون يقول أنا ربكم الأعلى، بل عليه الشكر وتسخير ما يهبه الله في عبادته، وإلا قهره الله وأذله وسلط عليه من هو أقوى منه بأذنه سبحانه، فهذه القصة تعطينا تصورًا لما سيكون عليه الحال آنذاك، حتى يكون لنا فيها عبرة.[٦]
المراجع
- ↑ سورة الكهف، آية: 94،95،96.
- ↑ "يأجوج ومأجوج ...حقائق وغرائب"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 17-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "معلومات عن يأجوج ومأجوج"، edarabia، اطّلع عليه بتاريخ 15-10-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم: صحيح، 2901.
- ↑ "علامات القيامة الكبرى "، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 15/10/2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أشراط الساعة الكبرى (4) خروج يأجوج ومأجوج"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 16-11-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن زينب بنت جحش أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3346 ، صحيح.