محتويات
كيف كانت بداية صناعة السفن قديمًا؟
علاقة الإنسان مع البحر هي علاقة طويلة الأمد، وقد وُلدت هذه العلاقة من الحاجة إلى الانتقال من مكان إلى آخر وممارسة التجارة البحريّة أو من أجل اكتشاف أراضٍ جديدة أو بهدف الصيد، وهذه العلاقة طويلة الأمد ولّدَت الحاجة إلى تطوير الهندسة المعماريّة البحريّة وتطوير طرق الدّفع، وقد شهد تطوير وبناء السفن والهندسة البحريّة تغييرات كثيرة بدءًا من أقدم القوادس التي تعمل بالمجداف إلى السفن الشراعية ومن ثم إلى السفن التجاريّة الكبيرة والضخمة في وقتنا الحالي، فقد طوّر المهندسون البحريون المحرّك البخاري، والديزل البحري، والسفن البحريّة الجميلة والاقتصاديّة في نفس الوقت، وصمّموا أيضًا سفن نقل البضائع بأكبر قدر ممكن من الأمان والاقتصاد إلى أي مكان في العالم.[١][٢]
وقد سافر الناس بواسطة البحر باستخدام السفن والقوارب لعدّة قرون ماضية، وكان المصريون واليونانيون والفينيقيون من أوائل مَن صنَعَ السفن، وبلغ طول أقدم السفن التي عُثرَ عيها 40 قدمًا أي حوالي 12 مترًا وكان وزنها 40 طنًا، ولكن لهذا اليوم لا أحد يعرف بالضبط متى اختُرِعَت أول القوارب والسفن ولا كيفيّة ذلك، ولكن قدّر العلماء أنه ربما اكتشف الناس أنه بإمكانهم الحفاظ على أنفسهم طافين فوق سطح البحر عن طريق التّشبث بحزم القصب المتساقطة من الأشجار، وعندها أتتهم الفكرة حول كيفيّة تفريغ جذوع الأشجار لصنع السفينة أو ما ينقلهم إلى الجهة المقابلة باستخدام الخشب.
وكان المصريون من أوائل الأشخاص الذين بنوا السفن بحسب الدلائل، فاستدل العلماء على ذلك بأن أقدم صور القوارب التي عُثر عليها هي صور مصريّة، فقد كانت صور القوارب تزيّن التوابيت والمقابر والمزهريات، وأظهرت الصور والرسومات التي عُثر عليها والتي لا يقل عمرها عن 6000 عام قوارب طويلة وضيّقة من الداخل، وكانت هذه القوارب مصنوعة من ورق البُردي ولها مجاديف، واستخدم المصريون القدامى سفنهم للتجارة مع الدول الأخرى حول البحر الأبيض المتوسط، وأما الإغريق والفينيقيون فقد بدؤوا بالتجارة البحريّة باستخدام السفن بين عامي 1200 و900 قبل الميلاد، واستخدموا القوادس كسفن تجاريّة وحربيّة في نفس الوقت، وقاموا برحلات طويلة ولكنها في نفس الوقت قريبة جدًا من الشاطئ، وبقي الفينيقيون والإغريق يستخدمون القوادس حتى أواخر القرن الثامن عشر، وكانوا يضعون قطعة مدببة مثبتة في مقدّمة السفينة ولكن سرعان ما تحطّمت هذه القطعة، ومن الجدير بالذكر أنهم كانوا يستخدمون القوادس لنقل الرجال وعدّة الحرب، وكانت هذه هي البدايات الأولى للسفن بحسب علماء التاريخ.[٣]
التطور التاريخي لصناعة السفن
مرّت عملية بناء السفن بعدّة مراحل بدءًا من عام 800 قبل الميلاد إلى عام 1800، وذلك من سفن الفايكينغ الطويلة في القرن الرابع عشر إلى البوارج في القرن الثامن عشر، فتطوّرت طرق بناء السفن عبر الزمن ويمكننا تلخيص هذه المراحل فيما يلي:[٤]
- سفن الفايكينغ الطويلة في القرن الرابع عشر: اعتقدت قبائل الفايكينغ أن السفن شيء خاص جدًا فحاولوا تزيينها وجعلها جميلة من خلال الرسم والنحت عليها، وكان الفايكنغ ينطلقون من الدول الإسكندنافيّة في كل صيف لغزو البلدان الأخرى والتجارة مع بعض الدول، وكانت سفنهم تحتوي على شراع مربع الشكل مصنوع من الصوف، وعلى الجانبين ومن الخلف مجاديف، وبُنيَ هيكل السفينة من الألوح الخشبيّة المتداخلة، ومن ثم تعزيزها بإطار داخلي وهو ما يُعرف باسم مبنى الكلنكر، وقد تمّ حشو الفجوات بشعر الحيوان كي تمنع الماء من الدخول إلى السفينة.
- السفن الشراعيّة في القرون الوسطى: تغيّرت صناعة السفن في القرون الوسطى في الجزء الشمالي من أوروبا، فبدأ الأوروبيون ببناء قوائم خلفيّة مستقيمة للسفينة كبديل عن النهايات المنحنية، ووجد البحارة أنه من السهل توجيه السفن إذا تم تثبيت المجداف في نهاية السفينة، وقد جعلت هذه الحيلة قيادة السفن أسهل بكثير مما كانت عليه سابقًا، وفي نفس الوقت بُنيَت السفن باستخدام الإطار الداخلي أولاً ثم أُضيفت الألواح الخشبيّة إلى الإطار فيما بعد، وهذا ما جعل السفن أقوى وأكبر، وتم بناء منصات القتال للرماة والمحاربين في الجزء الأمامي والخلفي من السفينة، ورُكبّت عليها المزيد من الصواري والأشرعة.
- سفن الكراكاس في القرن الخامس عشر: فبهذا القرن تم بناء سفينة تجاريّة كبيرة أُطلق عليها اسم carracks، كانت الألواح الخشبية لهذه السفينة غير متداخلة، وبها ثلاث أو أربع صواري، وكان على كل صارية أماميّة أشرعة مربعة، وعلى الصواري الخلفيّة أشرعة مثلثة الشكل، وكانت سفن الكراكاس المُستخدمة في الحروب مسلحة ببنادق كبيرة.
- تطوّر السفن في القرن السادس عشر: في هذا القرن تم عمل ثقوب تُدعى الأسلحة الناريّة في جوانب السفينة من أجل إطلاق المدفع من خلالها، وكان لدى البحارة بوصلات وأدوات أخرى لمعرفة ارتفاع الشمس والنجوم من أجل تحديد خطوط العرض والطول والأقطاب والاتجاهات مما سهّل عليهم إيجاد طريقهم.
- السفن البحريّة في القرن الثامن عشر: في هذا القرن بقيت صناعة السفينة كما كانت عليه سابقًا ولكن مع بعض الإضافات البسيطة، فكانت مصنوعة من خشب البلوط، وتمتاز بمتانتها الشديدة، وكانت صناعة السفينة الحربيّة الواحدة تحتاج إلى ما يزيد عن 2000 شجرة، وتم تثبيت ألواح السفينة من الحافة إلى الحافة المقابلة بأوتاد مصنوعة من الخشب تُسمّى الذيول.
مَعْلومَة: أنواع السفن
يوجد أنواع عديدة من السفن، ويمكن تقسيم هذه الأنواع كما يلي:[٥]
- سفن الحاويات: وهي سفن مخصصة لنقل كميات كبيرة من البضائع المضغوطة إلى جميع أنحاء العالم، ولسفن الحاويات عدّة أنواع بحسب حجمها.
- سفن ناقلة البضائع الجافة: هي سفن تنقل البضائع الجافة فقط وبكميات كبيرة، والبضائع التي يتم تحميلها في هذه السفن يُطلق عليها السائبة أي دون تغليف وترتيب لها مثل الحبوب، والفحم، والإسمنت وغيرها.
- سفن ناقلة البضائع السائلة: وهي السفن المخصصة لنقل كميات كبيرة من البضائع السائلة، ويمكن تقسيم هذا النوع من السفن لعدّة أقسام هي:
- ناقلات النفط: وتحمل هذه السفن النفط الخام ومشتقاته.
- ناقلات الغاز المسال: وهي سفن مصممة لنقل الغاز المسال أو الغاز الطبيعي أو الغازات الكيميائيّة المُسالة بكميات كبيرة.
- ناقلة المواد الكيميائيّة: وهي السفن المخصصة لنقل المواد الكيميائيّة والمنتجات السائلة بكميات كبيرة.
- سفن الدّحرجة: أو ما يُعرف بسفن Roll-on Roll-Off، وهي سفن تُستخدم لنقل البضائع ذات العجلات، مثل السيارات، والشاحنات، والطائرات.
- سفن الرّكاب: وهي مصممة لنقل الرّكاب من بلد إلى آخر، ويمكن تقسيمها لعدّة أنواع وهي:
- العبّارات: وهي السفن المُستخدمة لعبور الركاب والمركبات على الطرق.
- سفن الرحلات البحريّة: وهي التي تُستخدم في الأنشطة الترفيهيّة وتكون شبيهة بالفنادق الفاخرة العائمة والمزودة بأحدث التقنيات، ومنها عدّة أنواع مثل سفن الحج، والبواخر، والعبارات الساحليّة، وعبارات الميناء.
- السفن البحريّة: تساعد هذه السفن في التنقيب عن النفط داخل البحر وعمليات البناء في البحر، مثل سفن الإمدادات والسفن الرافعة وغيرها.
- سفن الصيد: وهي السفن المستخدمة في الصيد داخل البحر سواء للصيد الترفيهي أو الصيد التجاري، وتنقسم لنوعين:
- الدراجر: وهي سفينة تجاريّة مصممة لتشغيل شباك الصيد.
- سفن المصنع: وهي سفينة كبيرة تجوب المحيط وعلى متنها مرافق كبيرة ومختلفة لمعالجة وتجميد الأسماك والحيتان التي يتم صيدها.
- السفن المتخصصة: تُصنع بعض أنواع السفن لتلائم مهام محددة.
- سفن الأبحاث: وهي السفن المصمّمة للقيام بالأبحاث الخاصة بالبحر والحياة البحرية.
- سفن الإنقاذ: وهي السفن المسؤولة عن عمليات الإنقاذ والبحث عن أشخاص أو مقتنيات داخل البحر.
المراجع
- ↑ Barbara E. Jones (20/4/2017), "Historical Development of the Marine Industry", Wiley Online Library, Page 1. Edited.
- ↑ "Historical Development of the Marine Industry", researchgate, Retrieved 13/1/2021. Edited.
- ↑ "Shipbuilding: The earliest vessels", rmg.co, Retrieved 12/1/2021. Edited.
- ↑ "Shipbuilding: 800–1800", rmg, Retrieved 12/1/2021. Edited.
- ↑ Raunek, "A Guide To Types of Ships", marineinsight, Retrieved 12/1/2021. Edited.