محتويات
معنى اسم الله اللطيف وخواصه
اسم اللطيف هو أحد أسماء الله الحسنى الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ}[١]، وقال تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفا خَبِيرا}[٢]. ولهذا الاسم معاني عظيمة، أولهما أن الله يعلم صغائر الأمور وما خفي منها، ويعلم ما يسرّ الناس في صدورهم وضمائرهم، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في شرح معنى اسم الله اللطيف في كتاب تفسير أسماء الله الحسنى: "الذي لَطُفَ علمه حتى أدرك الخفايا، والخبايا، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور"، ويتمثل المعنى الثاني بأن الله تعالى يلطف بعباده ويحسن إليهم من حيث لا يحتسبون، قال الزجاج: "وَهُوَ فِي وصف الله يُفِيد أَنه المحسن إِلَى عباده فِي خَفَاء وَستر من حَيْثُ لَا يعلمُونَ، ويسبب لَهُم أَسبَاب معيشتهم من حَيْثُ لَا يحتسبون" فعندما يدفع الله تعالى عنك البلاء والسوء فقد لطف بك، وعندما ييسر لك طريقك ويهديك للطريق الصحيح فقد لطف بك أيضًا، وكذلك الأمر عندما يسوقك إلى الخير ويعصمك عن الشر.[٣]
ما ثمرات الإيمان باسم الله اللطيف؟
يوجد العديد من الثمرات التي ستشعر بأثرها على حياتك عندما تؤمن باسم الله اللطيف:[٤]
- إذا آمنت باسم الله اللطيف ستحب الله تعالى أكثر مما سبق، وتستأنس به؛ لأنه سبحانه وتعالى يلطف بالمؤمنين ولا يعجل العقوبة عليهم، ويجلب ما هو خير لهم دائمًا.
- إذا آمنت باسم الله اللطيف تتوكل على الله حق التوكل، وسترضى بما قسمه لك في الدنيا والآخرة، وستفوّض أمرك لله في كل شيء من خلال الاستخارة.
- إذا آمنت باسم الله اللطيف فستكون على يقين بأن الله لا يفوته علم شيء مهما كان صغيرًا أو دقيقًا، قال تعالى: {وَعِندَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعلَمُها إِلّا هُوَ وَيَعلَمُ ما فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَما تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلّا يَعلَمُها وَلا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأَرضِ وَلا رَطبٍ وَلا يابِسٍ إِلّا في كِتابٍ مُبينٍ}[٥]
صور لطف الله تعالى بالأنبياء
إن من صور لطف الله تعالى بالأنبياء هو عصمتهم عن الشرك والكبائر والخطأ فيما يبلّغ عن الله،[٦] فلا يكتمون شيء مما أوحاه الله إليهم ولا يزيدون عليه شيء من أنفسهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[٧]، فالنبي لا يخطأ في تبليغه لدين الله وشريعته بل هو معصوم دائماً من الله تعالى، ولا بد من التنويه أن الأنبياء كأشخاص يصدر منهم بعض الأخطاء لكنها لا تكون من الكبائر، ولا تكون لها علاقة بتبليغ الوحي والرسالة، عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال:[قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ يقولونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ، فَقالَ: ما تَصْنَعُونَ؟ قالوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ، قالَ: لَعَلَّكُمْ لو لَمْ تَفْعَلُوا كانَ خَيْرًا فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ، أَوْ فَنَقَصَتْ، قالَ فَذَكَرُوا ذلكَ له فَقالَ: إنَّما أَنَا بَشَرٌ، إذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ مِن دِينِكُمْ فَخُذُوا به، وإذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ مِن رَأْيِي، فإنَّما أَنَا بَشَرٌ. قالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هذا. قالَ المَعْقِرِيُّ: فَنَفَضَتْ وَلَمْ يَشُكَّ][٨].[٩]
ومن صور لطف الله تعالى بأنبيائه لطفه بسيدنا موسى عليه السلام، عندما ألقته والدته في البحر بعد ولادته فأعاده الله تعالى لها بعد أن خافت عليه واشتاقت له، وأعاده لها بأهون الأسباب وعلى أيدي الزبانية الذين يكرهونه ويكرهونها، فحرم الله تعالى موسى عليه السلام عندما كان رضيعًا من أي ثدي حتى يشتدّ يجوع ويزداد بكاءه، ليبحث له الناس عن امرأة في القصر ترضعه، وهكذا عاد موسى عليه السلام إلى حضن أمه، وقال تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴿١٢﴾ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣﴾}[١٠]، كما ظهر لطف الله تعالى في قصة موسى مع الخضر رضي الله عنهما، عندما اعترض موسى على قتل الطفل، وعلى خرق السفينة، وعلى هدم الجدار وكان كل ذلك خيرًا ولطفًا من الله تعالى، ولتعرف قصة سيدنا موسى مع الخضر اقرأ مقال كم قصة في سورة الكهف.[١١]
كيف يظهر لطف الله بعباده المؤمنين؟
إن الله تعالى سبحانه ييسر للعبد طريق الخير ويعينه عليه، وهو بذلك يلطف به، فإذا دفع عنك الشر والسوء يكون قد لطف بك، وإذا هداك وأرشدك إلى طريق الصلاح بدلًأ من طريق الظلمات المعاصي والكفر يكون قد لطف بك، فمن لطف الله تعالى أنه ييسر الخير لعباده ويعصمه من الوقوع بالشر بطرق خفية لا يشعر بها العبد، ويرزقه الله من حيث لا يدري، ومن لطف الله بعباده أنه يرزقهم بحسب علمه بمصلحتهم، لا بحسب رغباتهم، فيمكن أن يرغبوا بشيء لكن الله يقدّر الأصلح لحالهم، قال تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}[١٢]، ومن لطف الله بعباده أنه يمتحنهم ويبتليهم رحمة بهم ولطفًا بهم، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[١٣]، ويظهر لطف الله بعباده عندما يرغب الإنسان بشئ من الأمور الدنيوية التي يظن أن فيها مصلحته، ولكن الله يعلم أنها تضرّه فيصدّه عنها ويحول بينها وبينه رحمة به، فيظل الإنسان غاضبًا كارهًا لا يدري بأن الله قد لطف به وأبعد عنه الضرر، قال ابن القيم: "واسمه اللطيف يتضمن: علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية".[٣]
قد يُهِمُّكَ: ثمرات معرفة أسماء الله الحسنى
إن لمعرفة أسماء الله وصفاته ثمرات عظيمة، نقدمها لك فيما يأتي:[١٤]
- محبة الله: إذا تأملت أسماء الله الحسنى وتعلقك قلبك لها فإن في ذلك دليل على حبك لله عز وجل، فمحبة الله ثمرة عظيمة من ثمرات معرفة أسماء الله وصفاته. وإن تأملت في أسماء الله الحسنى ستدرك النعم التي أنعمها الله عز وجل عليك، قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[١٥].
- الشوق إلى الله: كلما زادت معرفتك بالله تعالى وبأسمائه الحسنى كلما زاد شوقك إليه وحنينك للقائه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: [وأَسألُكَ لَذَّةَ النَّظرِ إلى وجْهِكَ، وأَسألُكَ الشَّوقَ إلى لِقائِكَ، في غيرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، ولا فِتنةٍ مُضِلَّةٍ][١٦].
- الخشية من الله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف الناس بأسماء الله الحسنى، لذا كان أشد الناس خشية لله، عن عائشة رضي الله عنها قالت: [صَنَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَمْرًا فَتَرَخَّصَ فِيهِ، فَبَلَغَ ذلكَ نَاسًا مِن أَصْحَابِهِ، فَكَأنَّهُمْ كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عنْه، فَبَلَغَهُ ذلكَ، فَقَامَ خَطِيبًا فَقالَ: ما بَالُ رِجَالٍ بَلَغَهُمْ عَنِّي أَمْرٌ تَرَخَّصْتُ فِيهِ، فَكَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عنْه، فَوَاللَّهِ لأَنَا أَعْلَمُهُمْ باللَّهِ، وَأَشَدُّهُمْ له خَشْيَةً][١٧].
- الرضا: إذا علمت بلطف الله وعدله ورحمته وحكمته فستكون راضٍ كل الرضا عن حياتك وما يحدث فيها، قال ابن القيم: "وكل اسم من أسمائه وصفة من صفاته وأفعاله دالة عليها، فهو المحبوب المحمود على كل ما فعل وعلى كل ما أمر، إذ ليس في أفعاله عبث ولا في أوامره سفه، بل أفعاله كلها لا تخرج عن الحكمة والمصلحة والعدل والفضل والرحمة، وكل واحد من ذلك يستوجب الحمد والثناء والمحبة عليه، وكلامه كله صدق وعدل، وجزاؤه كله فضل وعدل، فإنه إن أعطى فبفضله ورحمته ونعمته، وإن منع أو عاقب فبعدله وحكمته".
- الرجاء والدعاء: عندما تعرفأسماء الله الحسنى وتؤمن بها فتسرع للتضرع لله والدعاء له بأسمائه الحسنى، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[١٨].
المراجع
- ↑ سورة الملك، آية:14
- ↑ سورة الأحزاب، آية:34
- ^ أ ب "معاني اسم الله " اللطيف""، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2021. بتصرّف.
- ↑ " أسماء الله الحسنى - اللطيف - (للشيخ : عبد الحي يوسف)"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية:59
- ↑ "عصمة الأنبياء "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:67
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن رافع بن خديج، الصفحة أو الرقم:2362، صحيح.
- ↑ "عصمة الأنبياء"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية:12-13
- ↑ إبراهيم بن محمد الحقيل (16/3/2017)، "لطف الله تعالى (2)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية:19
- ↑ سورة البقرة، آية:216
- ↑ "ثمرات معرفة الله بأسمائه وصفاته"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية:18
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج أقاويل الثقات، عن عمار بن ياسر، الصفحة أو الرقم: 79، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2356، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية:186