الفرق بين الفجر والصبح والضحى

الفرق بين الفجر والصبح والضحى
الفرق بين الفجر والصبح والضحى

أهمية الصلاة

إنّ الصلاة هي ثاني ركن في الإسلام، أمرها جليل، وشأنها عند الله عظيم، ويُعد تركها من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، والصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ فإن انتقصَ من فريضة شيئًا قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلَ بِها ما أنتقصَ منَ الفريضةِ ثمَّ يَكونُ سائرُ عملِه علَى ذلِك)[١].

إنّ إثم ترك الصلاة أعظم من إثم قتل النفس والزنا، وأكل الربا، والسرقة، وهذا بإجماع علماء المسلمين، فلم يخالف أحد منهم ذلك، كما يُعدّ ترك الصلاة كفرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ)[٢][٣]


أوقات الصلاة

لقد فرض الله عزّ وجلّ على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة، وهذه الصلوات مُحدّدة بأوقات اقتضتها حكمة الله عزّ وجلّ ليظلّ العبد على صلة بربه سبحانه وتعالى في هذه الصلوات خلال هذه الأوقات كلها، ويجب أداء الصلاة جميعها في أوقاتها المحددة، لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[٤]، وتُمثّل الصلاة في أوقاتها المختلفة مثال الماء للشجرة، إذ تُسقى به قليلًا وليس دفعة واحدة، ومن حكمة الله تعالى في تفريق الصلوات على مدار اليوم والليلة، ألا يحصل الثقل والملل على العباد إذا أدّوها كلها دفعة واحدة، فتبارك الله أحكم الحاكمين.

يقول الله تعالى في كتابة: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً}[٥]، فقد أمر الله تعالى نبيّه محمد والأمر لأمته معه، إقامة الصلاة لدلوك الشمس والمقصود من زوال الشمس عند انتصاف النهار إلى غسق الليل، والمقصود هو اشتداد ظلمة الليل، وذلك عند انتصافه، ثم فصَّل الله تعالى فقال: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} والمقصود به صلاة الفجر، ولقد عبّر عنها الله تعالى بالقرآن لأنه يطول فيها.

وتضمّن قوله تعالى: {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}، أوقات أربع صلوات: الظهر والعصر، وهما صلاتان في النهار تحديدًا في النصف الأخير منه، والمغرب والعشاء، وهما صلاتان في الليل وتحديدًا في النصف الأول منه، أما وقت صلاة الفجر فبيّنه تعالى بقوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} وهو ضوء الشمس في الأفق، وقد جمع الله عزّ وجلّ أوقات الصلوات الأربعة دون فصل بينهم، لأن أوقاتها متصلة ببعضها فلا يخرج وقت صلاة منها إلا بدخول وقت الصلاة التي تليها، وقد فصَّل وقت الفجر لأنه غير متصل بوقت صلاة قبله ولا بعده، إذ إن بين وقت صلاة الفجر وبين وقت صلاة العشاء النصف الأخير من الليل، وبين وقت صلاة الفجر وبين صلاة الظهر النصف الأول من النهار.[٦]


الفرق بين صلاة الفجر والصبح والضحى

إنّ صلاة الفجر هي صلاة الصبح نفسها، ولا يوجد بينهما فرق، وهي عبارة عن ركعتين مفروضتين، ولصلاة الفجر سُنة قبليّة ركعتان، وتسمى سنة الصبح أو سنة الفجر، أو ركعتي الفجر، ويبدأ وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس، وقد ذُكر اسم صلاة الصبح وصلاة الفجر في السنة النبوية على هذه الفريضة، فقد رُوي عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ قَالَ : دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقَعَدَ وَحْدَهُ فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ)[٧]

وأما عن تسميتها بصلاة الفجر؛ فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا).[٨].

أما بالنسبة لصلاة الضُّحَى فهي الصلاةُ التي تكون في وقتِ الضُّحَى، ووقت الضُحى هو أوَّلُ النَّهارِ، وهي صلاة مُستحبَّةٌ باتِّفاقِ جميع المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة؛ الحَنَفيَّة، والشافعيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، وقد ورد ذكر صلاة الضُحى في السنّة النبوية، فعن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ( يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى)[٩]، وعن أبي هريرة قال (أوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: بصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ)[١٠][١١].

يبدأُ وقتُ صلاةِ الضُّحى مِن ارتفاعِ الشَّمسِ قِيدَ رُمحٍ، وذلك بعدَ طلوعِها إلى أن تستوي قبلَ زوالِها، فعن عَمرِو بنِ عَبسةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قدِم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ، فقدِمْتُ المدينةَ، فدخلتُ عليه، فقلتُ: أخبِرْني عن الصلاةِ، فقال: صلِّ صلاةَ الصُّبحِ، ثم أَقصِرْ عن الصَّلاةِ حين تطلُعُ الشمسُ حتى ترتفعَ؛ فإنَّها تطلُع حين تطلُع بين قرنَي شيطانٍ، وحينئذٍ يَسجُد لها الكفَّارُ، ثم صلِّ؛ فإنَّ الصلاةَ مشهودةٌ محضورةٌ، حتى يستقلَّ الظلُّ بالرُّمح))[١٢][١١]، وإذا كانت صلاة الضحى في أول وقتها، فإنها تسمَى حينها بصلاة الإشراق، وأفضلُ وقتٍ لصلاةِ الضُّحى عندما تعلو الشمس ويشتدّ حرّها، وهذا هو مذهب الجمهور، كما أن أقل عدد ركعات صلاة الضُحى هو ركعتان باتفاق المذاهب الأربعة، أما أكثرُ ركَعاتِ صلاةِ الضُّحَى فقد اختَلَف أهلُ العلمِ في ذلك على عدة أقوالٍ، أقواها قولان، وهما:

  • القول الأول : إنَّ أكثرَ صلاةِ الضَّحى هو ثماني ركَعاتٍ، وهذا هو مذهبُ جمهور المالكية والحنابلة، والشافعية على المعتمد، والدليل من السنّة: (أنَّهُ لَمَّا كانَ عَامُ الفَتْحِ أتَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو بأَعْلَى مَكَّةَ قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عليه فَاطِمَةُ ثُمَّ أخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ به، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى)[١٣].
  • القول الثاني: أنَّه لا يوجد حدَّ لأكثرِ صلاةِ الضُّحى، واختار ذلك ابنُ جريرٍ الطبريُّ، وابنُ عُثيمين وابنُ باز، والدليل من السنّة؛ عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ اللَّهُ) [١٤]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 413، حديث صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 82، صحيح.
  3. "أهمية الصلاة وخطورة تركها"، islamweb، 2013-1-23، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-30. بتصرّف.
  4. سورة سورة النساء، آية: 103.
  5. سورة الإسراء، آية: 78.
  6. "رسالة في مواقيت الصلاة "، islamway، 2006-12-23، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-30. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 656، حديث صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة، الصفحة أو الرقم: 670، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 720، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 721، صحيح.
  11. ^ أ ب "صلاة الضُحى"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-30. بتصرّف.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن عبسة، الصفحة أو الرقم: 832، صحيح،:
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن فاختة بنت أبي طالب أم هانئ، الصفحة أو الرقم: 336، صحيح.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 719، صحيح.

فيديو ذو صلة :

607 مشاهدة