من هو الذي بنى مدينة القيروان

من هو الذي بنى مدينة القيروان
من هو الذي بنى مدينة القيروان

من بنى مدينة القيروان

توجد مدينة القيروان في تونس، وتُعدّ صفحة من صفحات الحضارة الإسلامية التي تستحق العناية والاهتمام، بنيت مدينة القيروان في القرن الأول الهجريّ في عام 50هـ تحديدًا، وقد تأسست على يد القائد المسلم عقبة بن نافع الفهري، وكان الهدف من بنائها أن تكون مركزًا إستراتيجيًا مهمًا، لانطلاق حملات الفتوحات الإسلامية، باتجاه المغرب والجزائر وإسبانيا، وبلدان أفريقيا في جنوب الصحراء، إذ تُعدّ مدينة القيروان من أهم وأقدم المدن الإسلامية، فمعالمها الأثرية الرائعة، ومساجدها القديمة، تشهد على الحضارة العريقة التي اكتسحت المغرب العربي.

كانت مدينة القيروان العاصمة السياسية للمغرب الإسلامي، ومركز الثقل فيه، وذلك منذ ابتداء الفتح، وحتّى آخر عهد الدولة الأموية في دمشق، وخلال جزء من تاريخ دولة بني العباس، قبل أن تبدأ الأقاليم في الاستقلال والانقسام عن الإمبراطورية العباسية، فظهرت دولة الأغالبة في القيروان، التي أطاح بها العبيديون الفاطميون، وغيروا العاصمة إلى المهدية مؤقتًا، وذلك قبل أن يعودوا إلى القيروان عن طريق صبرة المنصورية، ويغادروا منها إلى مدينة القاهرة، تاركين وراءهم الزيريين أو الصنهاجيين الذين اشتهروا في القيروان قبل قدوم بني هلال الذين أنهوا حضارة مدينة القيروان، إذ انتقل بعدهم مركز الثقل إلى مدينة تونس، وذلك مع الموحدين من الأشراف الصحراويين القادمين من جهة الغرب.[١]


عقبة بن نافع فاتح القيروان

هو عقبة بن نافع القرشي الفهري، كان نائب أفريقيا للخليفة معاوية بن أبي سفيان، ولابنه يزيد، وهو القائد المسلم الذي أنشأ مدينة القيروان وأسكنها الناس، وكان يتصف بالشجاعة والحزم، وقد شهد فتح مصر، إذ أسند الخليفة معاوية بن أبي سفيان إلى عقبة بن نافع قيادة حركة الفتوحات الإسلامية في أفريقيا، وقد خلّد التاريخ اسم هذا القائد الكبير في ميدان الفتوحات الإسلامية، وكان عقبة قد شارك من قبل في غزو أفريقيا منذ البداية مع عمرو بن العاص الأمر الذي أكسبه خبرات واسعة في هذا الميدان، إذ إن عمرو بن العاص كان قد خلفه على برقة عند عودته إلى الفسطاط، فظلّ عقبة فيها يدعو الناس إلى الإسلام.

وقد كان بإسناد القيادة إلى عقبة بن نافع خطوة حسنة وموفقة في طريق فتح الشمال الأفريقي كله، وكان قد طالت إقامته في برقة وزويلة وما حولها من مدن، منذ فتحها أيام عمرو بن العاص، فأدرك عقبة بأنه لا بدّ من إنشاء قاعدة ثابتة للمسلمين، لينطلقوا منها في غزواتهم، ويعودوا إليها، ويأمنوا فيها على أهاليهم، وأموالهم، وذلك حتّى يستقر الأمر للمسلمين في منطقة أفريقيا، ويكفّ أهلها عن الارتداد عن الدين، فلما أسند إليه الخليفة معاوية بن أبي سفيان قيادة الفتوحات الإسلامية في أفريقيا، أرسل إليه عشرة آلاف الفارسين يعينونه، وانضمّ إليه أيضًا من أسلم من البربر، فكثر بذلك جَمعُه، وواصل فتوحاته وسار بجيشه إلى فزّان، فلما وصلهم دعاهم إلى الإسلام فأجابوه، ثمّ واصل فتوحاته، وفتح قصور كُوّار وغدامس وخاور وغيرها.

ومن الملاحظ أن عقبة بن نافع تجنّب المناطق الساحلية في مسيره للفتح ، فأخذ يقصد المناطق الداخلية يفتحها بلدًا تلو الآخر، وربما أنه فعل ذلك ليضمن البربر إلى جانبه، ويُنشئ جبهة داخلية على الساحل، محيطة بالبيزنطيين، وتمدّه بالطاقات البشرية اللازمة للاستقرار، والإطاحة بالوجود البيزنطي.[٢]


بناء مدينة القيروان

ومن الميزات المهمة التي جذبت عقبة بن نافع لإنشاء مدينة القيروان:[٣]

  • تقع القيروان في مركز تقاطع خطوط وطرق الاتصال من جهة الشمال إلى الجنوب، ومن جهة الشرق إلى الغرب.
  • تقع في أرض خصبة وفيها ماء، فلقد ذكر ابن عبد الحكم، أنها كانت:( واديًا كثير الشجر، تأوي إليه السباع والوحوش والهوام).
  • كانت القيروان مدينة كثيرة الأمصار والقلاع والحصون في أيام البيزنطيين، وبالرغم من أن حصن قمونية أُهمل فخرب، إلا أن ذلك لم يثنِ عقبة بن نافع عن إدراك قيمتها في التخطيطات العسكرية والرؤية الحضارية.


معالم القيروان

تحتضن القيروان جامع عقبة بن نافع، ويُعدّ هذا الجامع أول جامع في بلاد المغرب، بدأ المسجد بمساحة صغيرة، وبناء بسيط، ثم بعد مضيّ عشرين عامًا على بنائه، هدمه حسان بن نعمان الغساني، وأقام مكانه مسجدًا جديدًا أكبر من الذي قبله، وفي عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك أمر الخليفة هشام بزيادة مساحة هذا الجامع، وأضاف إليه حديقة كبيرة في الجهة الشمالية له، وقد كان هذا الجامع ملهمًا للمعماريين الأجانب، إذ يستوحون من زخارفه بعمارته الأندلسية والمغاربية الأصيلة، وكان لجامع عقبة بن نافع على مدى عدة قرون دورًا علميًا وفكريًا بارزًا، حيث احتضن حلقات الدروس الدينية والعلمية واللغوية، وذلك بإشراف نخبة من العلماء في الدين واللغة، كما يوجد في القيروان أهم المدارس الفقهية والعلمية.[١]


المراجع

  1. ^ أ ب روعة قاسم (17-10-2015)، "القيروان.. حاضرة الإسلام الأولى في البلاد المغاربية: ذاكرة حية لعبقرية العمران العربي"، alquds، اطّلع عليه بتاريخ 6-7-2019. بتصرّف.
  2. د.علي الصلابي (31-3-2011)، "عقبة بن نافع.. من قادة الفتوح في شمال أفريقيا"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 6-7-2019. بتصرّف.
  3. أ. د. عبدالحليم عويس (26-1-2016)، "قصة عقبة بن نافع"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 6-7-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :