مقال اجتماعي عن الفقر

مقال اجتماعي عن الفقر
مقال اجتماعي عن الفقر

الفقر

لعل الفقر من أخطر المشكلات التي تهدد حياة الأفراد والمجتمعات والدول على حد سواء، فربما تؤدي حاجة الإنسان إلى بغيةٍ ما مع عدم قدرته على تحقيقها إلى ارتكاب الفظائع، والوقوع في براثن الكفر، ناهيك عن أن الفقر هو الحاجز الأول الذي يقف أمام طموح الشباب، فيقتل إبداعهم، ويقلل من عزيمتهم، ليصبح جلَ همّهم القدرة على التأقلم والتعايش مع الواقع الصعب، وإذا ما سيطرت على أفكارهم فكرة الخروج من اطار الفقر بأي وسيلة، فعندها يطرق الضلال باب هذه الفكرة، فينتشر الانحراف بين الشباب، ويسود الفساد والجهل في المجتمع، فالفقر آفة تلقي بسمومها أينما حلت، وتخرّب البيوت وتفكّك الأسر، وتعصف بالأطفال مسببةً لهم ضعفًا صحيًّا ناتجًا عن سوء التغذية، وإعاقة نموهم العقلي والجسدي، وكأن الفقر ثعبان يلتف حول الجسد فيضيق عليه أنفاسه حتى ينفق.


أسباب الفقر

إن الفقر نابع من تصرفات الأفراد والقوانين التي تحكم المجتمع معًا، ولا يمكن ربط أسبابه بالكامل بأحد الطرفين دون الآخر، ونستعرض فيما يأتي بعض هذه الأسباب:

  • غياب العدالة: إنّ ما يميّز أي نظام إداري قانوني مهما كان، الرؤية الإنسانية القائمة على عدم الانحياز إلى طرف دون الآخر وإقامة الإنصاف والمساواة، مما يشكّل تكافؤ الفرص بين الأفراد، وعليه تسير أي منظومة ككتلة واحدة في اتجاه التطور والازدهار، لكن في غياب العدالة، تأخذ مجريات الأمور منحًى مختلفًا، فيتلاشى تكافؤ الفرص، ممّا يولد العنصرية بين أفراد المجتمع، وتبدأ مؤشرات التخلف والانحطاط بالارتفاع لمستويات عالية، ويتبلد إحساس الأفراد بالمسؤولية، وينطفئ حس حماسهم الوطني.
  • غياب التكافل الاجتماعي: عندما تجد أفراد المجتمع متشاركون في المحافظة على المصالح العامة والخاصة، ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية، سيشعر كل فرد أنه بجانب حقوقه، وأن عليه واجبات اتجاه الآخرين، وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة، ممّا يولد في نفوس الأفراد المحبة والإخاء، ويبدأ الفقر في المجتمع بالتبدد شيئًا فشيئًا، ولا يقتصر التكافل على أفراد المجتمع فقط، بل يطال العلاقات بين المجتمعات المختلفة.
  • غياب الوعي الاجتماعي: معاناة المجتمع على المستوى الاجتماعي من مجموعة من الإشكاليات التي يمكن اختصارها باحتكار السلطات الحاكمة أو سيطرة بعض أصحاب رؤوس الأموال على الأسواق مثلًا، وانتشار ظاهرة الولاء لشخصيات معينة وما يعرف بالمحسوبيات، وبغياب فهم المجتمع لخطورة هذه الإشكاليات وانعدام التخطيط الإستراتيجي والتشغيلي لحلها، تجعل من هذا المجتمع أرضية خصبة لنمو الفقر وانتشاره.


قياس الفقر

توجد طرقتان لقياس الفقر في المجتمع، هما:

  • الطريقة المطلقة: في هذه الطريقة يُوضع حدٌّ أدنى لمستوى الدخل الضروري الذي يجب على كل فرد إحرازه لتحقيق مستوى معيشي معقول، ويصف كل من يقع دون ذلك بالفقير.
  • الطريقة النسبية: وتتعامل مع الفقر النسبي الذي يربط خط الفقر بمعدل توزيع الدخل بين السكان.


القضاء على الفقر

بمجرد التفكير بكيفية هدم هياكل الفقر في المجتمع، هذا يعني الخطوة الأولى على طريق التقدم والتطور والازدهار، لكن لا بد من تكاتف الجهود مع بعضها للوصول للمبتغى، ومن الخطوات الواجب اتخاذها في الحرب على الفقر:

  • فهم الواقع: واتخاذ الأسلوب المناسب في الموقع المناسب، من خلال معالجة القضايا المهمة أولًا ثم الأقل فالأقل، والتعلم من تجارب الأجيال السابقة، لوضع خطة عمل مفصلة والسير عليها.
  • دراسة مفصلة للموارد الطبيعية والبشرية المتوفرة في البلاد، واستغلالها للدرجة القصوى من خلال تشجيع القوى البشرية على الإنتاج.
  • توفير فرص العمل للأفراد: بغض النظر عن لونه وشكله وإمكانياته، على السلطة الحاكمة توفير فرص العمل لمواطنيها من خلال تنمية القطاعات الخاصة والعامة والخدماتية، وتنشيط الاقتصاد القائم، وتكثيف إقامة مشاريع الاستثمار في البلاد، وترميم البنية التحتية.
  • بث الوعي في صفوف الافراد ودعوتهم للتمسك بالوحدة والألفة والتكافل، ومحو الخصومة فيما بينهم.
  • تدريب الأفراد على مهارات ميادين الحياة العلمية والشؤون المدنية.
  • منع تكدس الثروة في أيدي شخصيات معينة، وحمل رجال الأعمال على المشاركة في محاربة الفقر، وملاحقة المتهربين منهم من دفع الضرائب.

وفي النهاية، إن الحرب على الفقر ليست مسؤولية جهةٍ دون أخرى، هي واجبٌ على كل فرد يطمح للوصول بمجتمعه للقمة، وواجبٌ على المجتمع الذي يسعى لتحقيق الرخاء لأفراده، ودون تكاتف هذه الجهود مع بعضها، ستبقى أنياب الفقر تنهش في جسد البلدان.

فيديو ذو صلة :