الدولة العثمانية
تعرف بأنها إمبراطورية قوية امتدت وتوسعت في مناطق واسعة من قارات العالم القديم: آسيا وأفريقيا وأوروبا، وقد بلغ عدد ولاياتها 29 ولاية تتبع للحكم الإسلامي، فقد كان سلطان الدولة في ذلك الوقت يعرف باسم خليفة المسلمين، وامتدت فترة حكمها من عام 1299 للميلاد حتى عام 1923 للميلاد، أسسها السلطان الأول عثمان بن أرطغرل، وعرفت بأسماء أخرى منها الدولة العثملية، والإمبراطوية العثمانية، ودولة آل عثمان، والسلطة السنية، ومن أبرز سلاطين الدولة العثمانية محمد الفاتح وهو محور حديثنا في هذا المقال.[١]
السلطان محمد الفاتح
هو محمد الفاتح بن مراد الثاني والسلطانة خديجة عليمة، وهو حفيد السلطان محمد جلبي الأول.[٢] لقب بأبي الفتوح وأبي الخيرات، كما لقب بالقيصر بعد فتح مدينة القسطنطينية والقضاء على الدولة البيزنطية التي تربعت على العرش 11 قرنًا من الزمان.[٣] ولد في مدينة أدرنة، ولمن لا يعرف أدرنة فهي مدينة تركيا تقع في إقليم تراقيا شمال شرق إسطنبول، وهي قريبة من الحدود البلغارية، فتحها العثمانيون سنة 1360 للميلاد واتخذوها عاصمًة لدولتهم حتى فتح القسطنطينية سنة 1453 للميلاد،[٤] وذلك في شهر رجب عام 833 هجري الموافق نيسان إبريل عام 1426 للميلاد، وقد كبر وترعرع فيها بين أحضان والده فأخذ منه خصاله الحميدة.[٢] تلقى تعليمه على يد خير الأساتذة في عصره ومنهم أحمد بن إسماعيل الكوراني فهو المعلم الأول له، وقد حفظ القرآن الكريم في عمر صغير، ثم ألم بعلوم السنة، وعلوم الفلك، وعلوم الفقه، والتاريخ واللغات، وغير ذلك، بينما صب اهتمامه في دراسة التاريخ الإسلامي فتعمق بكل محاولات المسلمين لفتح القسنطينية، وقد أحب هذه المدينة حبًا استثنائيًا بفضل معلمه الشيخ آق شمس الدين سنقر.[٢]
إنجازاته وفتوحاته
ساهم السلطان الفاتح في إنجازات تسطر بماء الذهب خلال فترة حكمه، يمكن إجمالها في ما يلي:
- وضع دستور الدولة العثمانية بما يتناسب مع أحكام وشريعة الله جل وعلا، وسنة نبيه المصطفى عليه الصلاة السلام، وقد ظل هذا الدستور ضابطًا زمام البلاد لمدة أربعة قرون أي 400 سنة من الزمان وهي فترة جيدة جدًا.
- إنشأ 300 مسجد، منها 192 في القسطنطينية أو ما يعرف اليوم باسم إسطنبول في تركيا.
- إنشأ 57 مدرسة للتعليم.
- استضاف العلماء في القسطنطينية لاكتساب المنفعة والفائدة، فكان حريصًا على تقديم العون والمساعدة لهم بقدر استطاعته.
ومن أبرز فتوحاته ما يلي:
- فتح بلاد الصرب سنة 863 للهجرة.
- فتح بلاد المورة في اليونان سنة 865 للهجرة.
- فتح طرابزون ورومانيا سنة 866 للهجرة.
- فتح ألبانيا خلال الفترة الممتدة بين عامي 867 - 884 للهجرى.
- فتح البوسة والهرسك بين عامي 867 - 870 للهجرة.[٢]
فتح القسطنطينية
مما لا شك فيه أن فتح مدينة القسطنطينية إنما هو فتح مميز يذكر في مقام فتوحات السلطان الفاتح، بينما خصصنا له فقرة خاصة للحديث عنه إعلاءً لشأن الفتح، فهو بشارة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد روى بشر الغنوي رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: (لَتُفْتَحَنَّ القسطنطينيةُ، ولِنعْمَ الأميرُ أميرُها، ولنعمَ الجيشُ ذلكَ الجيشُ) [رواه السيوطي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].[٥]، من هناك يمكن القول أن محمد الفاتح سعى جاهدًا في سبيل فتح المدينة المذكورة منذ توليه الحكم، فاهتم بالجيش معنويًا فكان يرسل لهم تذكيرًا ببشارة النبي المصطفى بما يعزز من روح الجهاد في نفوسهم، كما كان يثني عليهم كي يبذلوا قصارى جهدهم، كما اهتم بهم ماديًا، فاستعان بأهل الخبرة وكانت هذه الخطوات الأولى، ثم درس القائد الأسباب التي حالت دون تمكن المسلمين من فتح البلاد، فتبين انعدام الحصون مما يعرضهم للشتاء القارص، علمًا بأن بناءها يتطلب وقتًا لا يقل عن سنة، بالإضافة إلى انعدام المدافع التي يمكنها اختراق أسوار المدينة، ناهيك عن وجود سلسلة في الخليج تعيق تقدم السفن، فوضع خطة لحل هذه العوائق من خلال بناء حصن في وقت قياسي استغرق 3 أشهر، كما أحضر مهد لصنع مدافع قوية، أما مشكلة السلسلة في الخليج، فقد حلها عن طريق إنشاء ممر في الجبل يصل إلى الخليج، مع وضع ألواح خشبية مدهونة بالزيت مما يسهل حركة السفن للخليج ، وهكذا نقل 70 سفينة وحاصر المدينة لمدة 53 يومًا، ثم انتهى هذا الحصار بتحقيق الحلم وفتح القسطنطينة التي كانت مفتاحًا لفتح بلاد البلقان وغيرها، علمًا بأنه ينوي الوصول إلى شبه جزيرة لكن وافته المنية قبل ذلك.[٢]
ومما ينبغي التنويه له في هذا المقام أبرز محاولات فتح مدينة القسطنطينية على مدى ثمانية قرون ونصف، فقد بدأت المحاولات منذ زمن الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله سنة 32 هجري الموافق 652 م، كما حاول الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان فتحها مرتين الأولى سنة 49 هجري الموافق 666 م، والثانية خلال الفترة الممتدة بين عامي 54 - 60 للهجرة الموافق 673 - 679 للميلاد، ثم تكررت المحاولات في عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك سنة 99 هجري الموافق 719 ميلادي، ولكن شاءت الأقدار أن يحقق السلطان العثماني محمد الفاتح بشارة النبي صلى الله عليه وسلم منذ فجر العشرين من جمادى الأولى عام 857 هـ، الموافق التاسع والعشرين من أيار مايو سنة 1453 للميلاد فكان نعم الأمير فعلًا، أما جيشه فقد بلغ 265 ألف مقاتل من المشاة والفرسان الذين تصحبهم المدافع الضخمة.[٦]
المراجع
- ↑ "بحث حول الدولة العثمانية نشأتها وازدهارها وعوامل سقوطها"، بحوث، 22-7-2018، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج hadeer said (6-5-2019)، "انجازات و اعمال محمد الفاتح"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.
- ↑ esraa hassan (11-9-2017)، "السلطان محمد الفاتح أهم سلاطين الدولة العثمانية"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "السياحة في مدينة أدرنة تركيا"، فردوس الحياة، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019.
- ↑ أحمد تمام، "محمد الفاتح.. صاحب البشارة (في ذكرى وفاته: 4 ربيع الأول 886هـ)"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.