هل التسامح مطلق ام مقيد

هل التسامح مطلق ام مقيد
هل التسامح مطلق ام مقيد

هل التسامح مطلق أم مقيد؟ إليك الإجابة

لا يعد التسامح جائزًا دون حدود فقط وإنما يُعد هامًا في الكثير من المواقف والأحوال، لكن هناك بالطبع بعض الحالات التي ينبغي فيها الابتعاد عن التسامح والعفو،[١]على الرغم من أن الله تعالى يحب التسامح بين العباد وهو من بين الأعمال التي لا ينبغي لك الإعراض عنها بشرط أن لا تبدو ضعيفًا أو أن تضيع حقوقك بين الناس، أو أن تبدو مستسلمًا وذليلًا، وإنما ينبغي أن تكون إنسانًا قويًا واثقًا من نفسك، تجمع ما بين الحزم واللين، وتستخدمُ كلًا منهما بحسب الموقف الذي تمر فيه، لذا عليك الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأمور الهامة لضبط التسامح وتقييده، وهي:[٢]

  • ألا تكون المسامحة والعفو في غير مكانها فتأتي بالإثم لا الفضل؛ كأن ترى أنّ غاصبًا يزني بجارية فتسكت عن تلك الجريمة التي تنتهك فيها حرمات الله تعالى، وقد ورد في الحديث النبوي الشريف ما يدل على ذلك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما خُيِّرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا اخْتارَ أيْسَرَهُما ما لَمْ يَأْثَمْ، فإذا كانَ الإثْمُ كانَ أبْعَدَهُما منه، واللَّهِ ما انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ في شيءٍ يُؤْتَى إلَيْهِ قَطُّ، حتَّى تُنْتَهَكَ حُرُماتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ][٣].
  • أن يكون الهدف من العفو سعيًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى، مع ترك العقاب والانتصار لله تعالى.
  • أن يكون الإصلاح من نتائج عفوك وليس الإضرار بنفسك أو بالناس من حولك.
  • أن يكون لديك القدرة على أخذ حقك ولا تكون مسامحتك لضعف أو خوف، قال تعالى: {فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ . وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ . وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ . إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}[٤].


ما آثار التسامح على الفرد والمجتمع؟

لا يكاد أحد يُنكر أهمية التسامح في حياته وفي المجتمع ككل، لما له من آثار نفسية واجتماعية عظيمة، وهي كالتالي:[٥]

  • الآثار النفسية للتسامح: من المعروف أن الأفراد المتسامحين فيما بينهم يتميزون بسلامة صدورهم وخلوها من الأحقاد وامتلائها بالمحبة ومشاعر الإخاء، وقدرتهم على التعاون في شتّى أمورهم الحياتية، كما أن للتسامح فوائد صحية عظيمة؛ كالتقليل من ضغط الدم وحدة التوتر النفسي، لذا ينبغي على الإنسان أن يتسامح مع الآخرين ويصفح عنهم.
  • الآثار الاجتماعية للتسامح: من المعروف أيضًا أن للتسامح أثر كبير في نفوس الناس لكونه يخلص المجتمع من مرض الكراهية، ويزيله من النفوس البشرية، وقد واجه الأنبياء عليهم السلام والمُصلحين والمؤمنين العظماء الكثير من الصعوبات من أجل التسامح، ودعوا الناس إلى عدم التعصب ونبذ العنف الذي يُعمي البصائر والعيون، والتركيز بدلًا من ذلك على التخلص من الغلظة والقسوة لتجنب حصول المشاكل خاصة بين أصحاب الدين الواحد، لذا يتوجب على جميع المسلمين التسامح فيما بينهم والتخلص من أحقادهم تجاه بعضهم البعض لتأصيل مشاعر المودة والمحبة والتواصل الدائم فيما بينهم، وبوسعك التعرف أكثر على الآثار أو الفوائد التي يحملها التسامح للفرد والمجتمع عبر قراءة: فوائد التسامح على الفرد والمجتمع.


قد يُهِمُّكَ: ما الفرق بين العفو والتسامح؟

إليك مكامن الفرق بين مفهومي العفو والتسامح:

  • العفو: يدل العفو على الكف عن مُعاقبة من اقترفوا أفعالًا تستحق العقوبة بالرغم من المقدرة على تقديم العقاب أو إظهار ردة الفعل اتجاههم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ثلاثٌ والَّذي نفسي بيدِه إن كنتُ لَحالفًا عليهِنَّ : لا يَنقُصُ مالٌ من صدقةٍ ، فتصدَّقوا ، ولا يَعفو عبدٌ عن مظلِمةٍ ؛ إلَّا زادَه اللهُ بِها عزًّا يومَ القيامةِ ، ولا يفتَحُ عبدٌ بابَ مسألةٍ ؛ إلَّا فتحَ اللهُ عليهِ بابَ فقرٍ][٦].[٧]
  • التسامح: يدل التسامح عمومًا على السهولة والسلاسة، والمسامحة تعني المساهلة، ويُقال سمح بكذا أي يسمحُ سموحًا وسماحة، ومعناها جادَ وأعطى أو وافق على المطلوب منه، وإن السماحة اصطلاحًا تطلق على معنيين اثنين؛ وهما بذل ما لا يجبُ تفضلًا والتسامح مع الآخرين في مُختلف المعاملات عن طريق تسهيل الكثير من الأمور، وإظهار اللين وتجنُّب قهر الآخرين،[٨]ويأتي التسامح عن المسيء والظالم بمعنى العفو والجود الذي يشير إلى أن المظلوم جاد بالعفو عن الظالم وهو من الصفات الكريمة التي دعا لها الإسلام، فقد قال تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[٩].[١]

وإن كنت مهتمًا أكثر بمعرفة الفروقات الكامنة بين مفهومي العفو والتسامح، فإن بوسعك قراءة: الفرق بين العفو والتسامح.


المراجع

  1. ^ أ ب "التسامح.. معناه.. وحدوده "، إسلام ويب، 8/2/2017، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2021. بتصرّف.
  2. " كيف يجمع المسلم بين العفو والمسامحة في حقه مع بقاء هيبته ومكانته في الناس؟"، الإسلام سؤال وجواب، 30/3/2011، اطّلع عليه بتاريخ 29/1/2021. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:6786، خلاصة حكم المحدث صحيح.
  4. سورة الشورى، آية:36-43
  5. ميمونة الناصر (21/7/2012)، " التسامح مظاهره وآثاره"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 24/1/2021. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبدالرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم:2462 ، خلاصة حكم المحدث صحيح لغيره.
  7. سوزان بنت مصطفى بخيت (12/8/2014)، " العفو والتسامح وضوابطه"، الألوكة الاجتماعية، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2021. بتصرّف.
  8. " معنى السَّمَاحَة لغةً واصطلاحًا"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2021. بتصرّف.
  9. سورة الشورى، آية:40

فيديو ذو صلة :