كيف نحارب الرشوة

كيف نحارب الرشوة
كيف نحارب الرشوة

الرشوة

توجد العديد من المفاهيم المتباينة لمصطلح الرشوة، فهي تُعرف عالميًا بأنها انتهاك شخص ما لحدود الثقة التي تفرضها عليه معايير المنصب الوظيفي، إذ يتلقى مبلغًا من المال أو موادًا عينية كالهدايا في حالات أكثر ندرة مقابل خدمة من نوعٍ ما لشخص معين؛ كتسريع إجراءات معاملة حكومية أو الحصول على وظيفة في شركة مرموقة أو امتلاك عطاء على حساب منافسين آخرين، وهي وسيلة سلبية وغير قانونية لا يُظهر الشخص من خلالها أي احترام للتعليمات والقواعد المتبعة في دائرة أو دولة ما، ولهذا فقد حاولت العديد من البلدان بذل مجهود مضاعف للحدّ منها من خلال إنشاء منظمة الشفافية الدولية المعنية بالتحقيق في أي إدعاءات أو اتهامات عن متعاطي الرشاوي واتخاذ الإجراءات اللازمة، كما سنت الكثير من الدول القوانين التي تكافح الفساد، ومنها قانون الممارسات الفاسدة الذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى جانب الدساتير فإن الأديان السماوية أيضًا وقفت أمام الرشوة وحرمتها، ففي الدين الإسلامي مثلًا تُعرف الرشوة بأنها المال المُعطى لأي شخص يمتلك زمام مصلحة ما لغاية إحقاق الباطل أو إبطال الحق،[١] وقد غلّظ الإسلام من عقوبة الرشوة لتشمل كل من ساهم بها، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله الراشي والمرتشي)[٢]، وما كان العقاب عظيمًا إلا لأن الرشوة تسبب أضرارًا شاملة على المجتمع ككل، فهي ليست ذنبًا يعود بالضرر على صاحبه فقط،[٣]، فقد قال الله عز وجل في القرآن الكريم: {لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}[٤]


كيفية محاربة الرشوة

ما سبق ذكره عن مخاطر الرشوة على المجتمع والفرد ما هو إلا جزء بسيط جدًا منها، ولذا يجب علينا كأفراد وجماعات محاربة الرشوة، ويكون هذا عبر وسائل عديدة، من أهمها ما يلي[٥]:

  • تقييم المخاطر، وذلك بتعزيز الرقابة على المؤسسة ومتابعة كافة الدوائر عن كثب لتقييم دور الأنظمة الإدارية والسياسية الخاصة الفعالة في مكافحة الفساد.
  • تطبيق سياسة عدم التسامح مع أي مخالف بصورة نهائية وحاسمة، إذ يدرك بقية الموظفين وجود عقاب شديد يخيفهم من الإقدام على هكذا عمل، وذلك بسبب وجود الأنظمة الداخلية القوية.
  • تعيين جداول زمنية منطقية وقابلة للتحقيق على أرض الواقع من خلال تدريب الموظفين في ورش عمل خاصة، والعناية في اختيار الشركاء والموردين في المؤسسة، فذلك من شأنه الحفاظ على كفاءة الكادر قبل التعيين.
  • جمع المعرفة والمعلومات المحلية بصورة حثيثة ودقيقة، وذلك لحصر دائرة المرتشين والغارقين في دوامة الفساد، وخاصة أن ذلك قد يشمل مناصب عليا حساسة.
  • البحث عن حلول بديلة فعالة تجعل الموظف يعزف ويتعفف عن أخذ الرشوة؛ مثل تحسين المستوى المعيشي للأفراد وقيمة الدخل السنوي، بما يمكنه من توفير الاحتياجات الأساسية والثانوية لأسرته دون خوف، وكذلك تعزيز نظام الحوافز بناءً على أسس ومعايير سليمة.


أسباب الرشوة

كي نتمكن من محاربة الرشوة وإيجاد حلول عملية وصارمة لها، علينا الوقوف على أسبابها في البداية، وهو ما سنبيه فيما يلي [٦]:

  • الجشع والطمع الشخصي والذي يؤدي إلى تولد رغبة مطلقة في الحصول على السلطة و المال دون رادع أو حاجز أو انصياع للحدود الأخلاقية، وهو ما يشير إلى أن النزاهة الأخلاقية عرضة للتهديد بصورة سيئة.
  • الجهل وعدم الرغبة بالتعلم، فالكثيرون يستخدمون المال كوسيلة لجعل حياتهم أسهل حتى وإن كان هذا على حساب الغير أو على حساب معرفتهم، والجهل يعني غياب الرادع الأخلاقي والمعرفي الذي يحول دون اقترابهم لهذا الفعل.
  • تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، وهو ناجم من انسلاخ الفرد عن الانتماء لوطنه وبيئته، ومجموعة من القيم والسلوكيات السلبية مثل الأنانية والتيه.
  • الشعور بالجبن وغياب الشجاعة اللازمة لكشف الفساد والفاسدين والتصدي لهم والوقوف بالمرصاد؛ وذلك بسبب الخوف من تعقيد حياتهم أو تعرضهم للمساءلة، بالإضافة إلى فقدهم للثقافة بالقضاء والمصداقية.
  • انعدام الشفافية على المستوى المؤسسي والرسمي في الدولة، وغياب القوانين واللوائح والضوابط الفعالة، وتهميش دور الرقابة الضرورية، مما يؤدي في النهاية إلى خنق المبادرات والديناميات الإدارية.
  • بطء التطبيق القضائي في بعض الدول وتطلبه لأيام وأسابيع وشهور في أغلب الحالات، مما يعني الوقوع في مشاكل معيشية في الأثناء.


أضرار الرشوة على المجتمع

تعد الرشوة أحد الأمراض الجسيمة التي تفشت في المجتمع في الوقت الراهن، وهي إحدى مظاهر الظلم والفساد التي اتسمت بها المجتمعات في الآونة الأخيرة بصورة ملحوظة، وأضرارها على المجتمع كثيرة وكبيرة جدًا، ومن هذه الأضرار[٧]:

  • منح الحق لغير صاحبه، فقد لا يستحق دافع الرشوة الحق الذي تملكه من غيره كوظيفة أو غير ذلك، مما يعني تعزيز مفهوم البطالة المقنعة، والتي تعني وجود عدد من الموظفين الصوريين الذين لا يملؤون موقع العمل خاصتهم، وهو ما يسبب العجز المبكر في المؤسسة.
  • انتشار الفساد المجتمعي واستشراؤه، مما يسبب الفوضى ويؤدي إلى شعور الفرد بالظلم الذي قد يؤدي لاحقًا إلى زعزعة الأمن في الدولة نتيجة التمرد وتنامي الأحقاد والحياد عن الطريق المستقيم باتباع طرق مظلمة مثل؛ اللجوء للسرقة أو القتل والجريمة.
  • القضاء على الروح التنافسية في الاقتصاد العالمي، مما يعني اضمحلال الأفكار الجديدة، وتضييق مساحة المشاريع النامية، إذ يرى الأشخاص أن لا جدوى من السعي والعمل وبذل الطاقة ما دامت الرشوة ستنهي طريق النجاح باكرًا.
  • هدم العلاقات بين الأفراد والمؤسسة ليس على الصعيد المحلي فحسب، وإنما على صعيد دولي عالمي، إذ أصبح من مسؤولية ووظيفة المنظمات الدولية تحديد الدول الأكثر فسادًا، وتأليب الدول الأخرى عليها، وقطع العلاقات الاقتصادية معها.
  • انخفاض معنويات الموظفين في بيئة العمل وافتقارهم إلى الإبداع والابتكار، وذلك لفقدهم الثقة في النظام الذي يتبعونه ويحتكمون إليه، وذلك من شأنه إيجاد فجوة كبيرة بين معدل المدخلات والمخرجات وقيمة الإنتاج بالطبع.
  • التكلفة الإلزامية الكبيرة التي تفرضها المحكمة على الشركات التي ثبت عليها ارتكاب فعل الرشوة، وذلك يشمل الغرامات والإجراءات التنظيمية والمحاسبة، وقد يصل الأمر ببعض الشركات إلى إعلان إفلاسها على الفور.
  • تقنين وتقليل دور الأنظمة الرقابية التي يجدر بها مراقبة الشركات ومتابعتها، مما يعطي انطباعًا للمجتمع بعدم جدواها وإنفاق أموال لا فائدة لها عليها.


المراجع

  1. " WHAT IS BRIBERY?", antibriberyguidance, Retrieved 2019-12-16. Edited.
  2. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5076، أخرجه في صحيحه.
  3. "الرشوة ", الألوكة, Retrieved 2019-12-16. Edited.
  4. سورة البقرة، آية: 188.
  5. "Fighting Bribery", humentum, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  6. "Search Results Web results Corruption: 10 Possible Causes", iese, Retrieved 2019-12-19. Edited.
  7. "The Real Cost Of Bribery", forbes, Retrieved 2019-12-16. Edited.

فيديو ذو صلة :