محتويات
حكم مَن يجرح زوجته بكلامه
جعل الله -عزّ وجلّ- الحياة الزوجيّة قائمةً على الرّحمة والمودّة والعشرة بالمعروف، ولكنّنا نجد أنّ بعض الأزواج يظنّون أنّ القسوة وظلم الزوجة بالكلام يُمكّنهم من امتلاك زمام البيت وأموره، وإذا نظرنا للشرع الإسلامي الحنيف نجد أنّه حرّم جرح الزوج لزوجته وإهانتها بالكلام، وإليك عزيزي القارئ أبرز الشوّاهد الشرعية الدّالة على ذلك:
سباب المسلم فسوق
إنّ سباب المسلم أو جرحه بالكلام غير اللّائق من الأمور التي قد تؤدّي إلى فسق صاحبها، فقد قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (سِبابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ)،[١] فكيف إذا كان توجيه ذلك الكلام إلى أقرب أحدٍ في حياة الرّجل؟! وهي الزوجة، فهذا بلا شكّ يؤدي إلى زيادة الإثم؛ لأنّ الزوجة لها مزيد من الحقوق عن غيرها من المسلمين.[٢]
مخالفة ما أمر به الله تعالى
إنّ أبرز ما يدلّ على حرمة جرح الزوجة وإهانتها بالكلام أنّ في هذا الفعل مخالفة لِما أوصى الله به عباده المسلمين من الإحسان لزوجاتهم، ألم يقل الله -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)،[٣] وأليس هو القائل: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ).[٤][٥]
وبناءً على ذلك لا يجوز للزوج أن يؤذي زوجته بالكلام والألفاظ غير اللّائقة؛ لأنّه يُخالف بذلك ما أمر الله به من إحسان العشرة بالمعروف،[٥] وإذا كان -سبحانه- قد أوصى الناس بقول الكلام الحسن فقال: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)،[٦] وهذا الحثّ لعموم النّاس، فكيف بالزوجة التي تنتظر ما يجبر خاطرها من الكلام من زوجها، ويفرح قلبها لذلك فرحاً كبيراً.
مخالفة هدي النبي وما أمر به
إنّ النّاظر في سيرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يجد أنّه كان الزوج الرفيق والسّند المتين والقلب الحاني على زوجاته؛ يُراعي مشاعرهنّ، ويجبر خاطرهنّ، ولا يؤذيهنّ، وهو النبيّ القائد الذي وُكِّلت إليه المهام العِظام، ومع ذلك لم تمنعه كل انشغالاته من عدم التقصير مع زوجاته وامتثال أمر الله في إحسان عشرتهنّ.
والنّاظر إلى الأحاديث النبوية يجد أنّ النبيّ الكريم قد أوصى بالإحسان إلى الزوجة، وامتدح الزوج الذي يُكرم امرأته، بل وجعل الخيرية في الرّجال لِمَن كان أحسن ما يكون لأهل بيته، فهل هناك أكثر من ذلك دليلاً على حرمة إيذاء الزوجة وجرحها بالكلام غير اللّائق؟! ومن أبرز الشواهد الدالة على ذلك ما يأتي:
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ، فإنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أَعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا).[٧]
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ).[٨]
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ)،[٩] وفي هذا الحديث النبويّ الشريف دعوةٌ للأزواج إلى التغاضي عن بعض الهفوات حتّى يدوم الودّ والحبّ والتفاهم بينهم.
أهمية الاحترام بين الزوجين في الإسلام
وضع الإسلام أساساتٍ متينة تُبنى عليها العلاقة الزوجية الكريمة، فقال -سبحانه-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)،[١٠] فالعلاقة بين الزوجين هي علاقة تكامليّة تشاركية قائمة على المودّة والرحمة والاحترام المتبادل بين الزوجين.
والزواج في الإسلام مسؤولية عظيمة تحتاج من كِلا الزوجين التعاون معاً، والتعامل بالحُسنى، وعدم التقصير في حقوق وواجبات كلّ طرفٍ على الآخر، والعودة إلى كتاب الله وسنّة رسوله حتى لا يظلم كلٍّ منهم الآخر، أو يُقصّر في حقوقه وواجباته.[١١]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6044، صحيح.
- ↑ "حكم سب الزوجة وإهانتها وضربها بغير حق"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:19
- ↑ سورة البقرة، آية:228
- ^ أ ب "خصام المرأة لزوجها لأنه يسبها"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:83
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1468، صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3895، صححه الألباني.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1469، صحيح.
- ↑ سورة الروم، آية:21
- ↑ هبة الجابري، "الإسلام لا يظلم الزوجة ولا يحابي الزوج"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 14/11/2022. بتصرّف.