تعرّف على وصايا الرسول في معاملة الزوجة

تعرّف على وصايا الرسول في معاملة الزوجة
تعرّف على وصايا الرسول في معاملة الزوجة

وصايا الرسول في معاملة الزوجة

كان الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مِن أحسن الناس معاملةً وأخلاقاً مع زوجاته -رضي الله عنهنّ-، فرغم تولّيه للقيادة وتصدّيه للدعوة والجهاد والمسؤوليّات العظيمة إلا أنّ ذلك لم يشغله عن رعاية زوجاته والإحسان إليهم ومعاشرتهنّ بالمعروف، وإليك عزيزي القارئ أهمّ وصايا النبيّ في معاملة الزوجة:

الأمر بالإحسان إلى الزوجة

أوصى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان إلى المرأة في عدّة مواضع، بل وجعل الخيريّة في الرجال فيمن يُحسن معاملته مع زوجته ويُلاطفها ويُعاشرها بالمعروف،[١] فقال -عليه الصلاة والسلام-: (أكْملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهُم خلقًا، وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم).[٢]

بل وبقي النبيّ الكريم يوصي بالنّساء خيراً حتى قبل مماته في خطبة الوداع، ويُبيّن ضعفهنّ وحاجاتهنّ لمَن يُكرمهنّ ويتولّى أمورهنّ بالإحسان والخيريّة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا).[٣]

معاونتها والتخفيف عنها

كان النبيّ الكريم يعاون زوجاته في البيت، وما كان يفعل ذلك لكثرة الجهد والعمل عليهنّ، بل لمعنى أعمق من ذلك، وهو إشعارهنّ بالمشاركة والاهتمام، وإضفاء جوّ الرحمة والمودّة والسّكَنِ في البيت، إضافةً إلى إيناس قلوبهنّ بهذه المشاركة.[٤]

ولا أدلّ على ذلك من قول أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنه- عندما سُئلت عمّا يصنعه النبيّ الكريم في بيته، فقالت: (كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ- فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ).[٥]

حفظ كرامتها وعدم ظلمها

تنوّعت أساليب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى حفظ كرامة المرأة ومنع ظلمها، إذ إنّ من الظلم العظيم أن يظلم الرجل أقرب النّاس وأحوجهنّ إليه، فالزوجة تحتاج لمن يحميها ويرعى حقوقها ويحفظ كرامتها، والزوج أولى النّاس بذلك.

ومن هنا فقد نهى النبيّ عن ظلم الزوجة بشتّى الطرق؛ سواء كان ذلك بالإهانة والضرب أو بظلمها بالنفقة أو بغير ذلك، وتأكيداً على هذا فقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا).[٦]

ومن ظلم الزوجة أيضاً أخذ مالها بغير رضاها أو حرمانها من النفقة أو عدم تلبية متطلّباتها الأساسية والحاجية،[٧] لِذا نرى النبيّ الكريم يوصي بالإنفاق على الزوجة بأجمل طريقة، حيث يجعل ما يُنفقه الزوج على بيته من أعظم النفقات أجراً، وليس ذلك فحسب بل يأمر بإيناس قلب الزوجة بذلك، وانظر عزيزي القارئ إلى جمال هذه الوصايا النبوية:

  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (دِينارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، ودِينارٌ تَصَدَّقْتَ به علَى مِسْكِينٍ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ؛ أعْظَمُها أجْرًا الذي أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ).[٨]
  • قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إلى في امْرَأَتِكَ).[٩]

مناداتها بأحبّ الأسماء

حثّ النبيّ الزوجين على إحسان مناداة بعضهما، لأنّ ذلك ممّا يُدخل السرور في قلب الزوج والزوجة، ويدلّ على الملاطفة والمحبّة والإكرام، خِلافاً لمن اعتاد على المناداة بأسلوبٍ فظٍّ يُفسد المحبة، وقد كان النبيّ يُنادي السيّدة عائشة فيقول: (يا عائش، هذا جبريل يُقرئكِ السلام)،[١٠] وفي مرة أخرى: (يا حميراء، أتحبين أن تنظُري إليهم).[١١][١٢]

مراعاة مشاعرها

إذا نظرنا في سيرة النبيّ الكريم في معاملته لزوجاته نجد أنّه كان ليّن الجانب معهنّ، ويحرص على إشباع حاجاتهنّ العاطفيّة والنفسية، فقد كان الحبيب المصطفى رجلاً ودوداً لم تُنسِهِ واجباته العظيمة وقضايا الأمّة وجود مَن يحتاج إلى حنوِّه وعطفه وكلماته الحانية عليهنّ.[١٣]

وتروي لنا السيدة عائشة -رضي الله عنها- موقفاً يؤانس قلبها ويُدخل فيه السرور فتقول: (كُنْتُ أشْرَبُ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وأَتَعَرَّقُ العَرْقَ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ).[١٤]

تذكّر محاسنها عند الخصام

أوصى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الأزواج بعدم نسيان فضائل ومناقب زوجاتهنّ وأخلاقهنّ الكريمة خاصّة في وقت الخِصام أو المشكلات، وهذه دعوةٌ كريمةٌ إلى الإصلاح وعدم كسر خاطر الزوجة بتركها أو التقليل من شأنها، لِذا يقول -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ)،[١٥] ويفرك بمعنى البغض الذي يؤدّي إلى الترك.

المراجع

  1. "شرح حديث (وخيارُكُم خيارُكُم لنسائِهِم)"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2022. بتصرّف.
  2. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1162، حسن صحيح.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5185، صحيح.
  4. عبد الوهاب الطريري، "كان في مهنة أهله"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2022. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:676، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2328، صحيح.
  7. محمد المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 16، جزء 118. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:995، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:6733، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6201، صحيح.
  11. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:8951، قال الألباني إسناده صحيح.
  12. محمد الشنقيطي، فقه الأسرة، صفحة 4، جزء 5. بتصرّف.
  13. عبد الملك بن قاسم، يوم في بيت الرسول، صفحة 29. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:300، صحيح.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1469، صحيح.

فيديو ذو صلة :

32 مشاهدة