ما حكم تحريم الزوج لزوجته في حالة غضب؟

ما حكم تحريم الزوج لزوجته في حالة غضب؟
ما حكم تحريم الزوج لزوجته في حالة غضب؟

تحريم الزوجة بسبب الغضب

للوقوف على حكم تحريم الزوج لزوجته بسبب الغضب يتطلب الأمر الوقوف على مسألتين وهما: تحريم الزوج لزوجته، والمسألة الأخرى ارتباط هذا التحريم بالغضب، وفيما يأتي توضيحٌ لكلٍ منهما:

حكم تحريم الزوجة

يرجع حكم تحريم الزوج لزوجته إلى نية الزوج؛ فإن نوى الزوج طلاق زوجته؛ وقع الطلاق، وإن نوى الزوج الظهار من زوجته؛ وقع الظهار،[١] ويترتب على كلتا المسألتين أحكام وشروط خاصة سنبينها فيما يأتي:

إذا نوى التطليق فهو طلاق

يجب على الزوج ألا يستهين بألفاظ الطلاق؛ فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ثلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ: وهزلهن جِدٌّ: النكاحُ والطلاقُ والرجعةُ)؛[٢] فإذا قال الزوج لزوجته: "أنت محرمة عليّ" أو غيرها من الألفاظ المشابهة؛ فتعتبر حينئذٍ طلقة واحدة رجعية إن لم يطلق زوجته من قبل، أو كان قد طلقها طلقةً واحدةً قبل هذا القول.[٣]

وإن كان قد طلق زوجته مرتين قبل هذا القول؛ فيعتبر حينئذٍ طلقة ثالثة بائنة بينونة كبرى؛ بحيث لا يستطيع الزوج إرجاع زوجته إلا إذا تزوجت من رجل آخر وطلقها من غير اتفاقٍ بين الطرفين، أو مات عنها، فيستطيع الرجوع لها بعقدٍ ومهرٍ جديدين.[٣]

وإذا كانت هذه الطلقة هي الطلقة الأولى أو الثانية؛ فيجوز إرجاع الزوجة بالقول أو بالفعل خلال فترة العدّة: وهي ثلاث حيضات، أما إذا انقضت فترة العدّة يعتبر الطلاق بائناً بينونة صغرى، ويستطيع الزوج إرجاع زوجته في هذه الحالة بعقد ومهر جديدين وبموافقة الزوجة.[٣]

إذا نوى الظهار فهو ظهار

يقع الظهار بقول الزوج لزوجته: "أنت عليّ حرام" وغيرها من الألفاظ المشابهة في حالة الغضب إذا نوى الظهار، لأن الزوج لا يُظاهر زوجته إلا في حالة غضب؛ فلو لم يثبت حكم الظهار في حالة الغضب؛ لكان ذلك سبباً للتهاون في حكم الظهار وما يترتب عليه من أحكام.[٤]

ويجب على الزوج ألا يقرب زوجته في حالة الظهار قبل القيام بأداء كفارة الظهار، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ).[٥][٦]

وتجب كفارة الظهار على الترتيب؛ فإن لم يستطع القيام بإعتاق رقبة انتقل إلى صيام شهرين متتابعين، وإن لم يستطع الصوم انتقل إلى إطعام ستين مسكيناً، ولا يستطيع الزوج الاقتراب من زوجته إلا بعد الانتهاء من كفارة الظهار.[٦]

تأثير الغضب في حكم تحريم وتطليق الزوجة

الغضبان له ثلاثة أحوال وأقسام سنبيّن تأثيرها في حكم تحريم وتطلق الزوجة فيما يأتي:

  • الحالة الأولى: الغضب العادي

وهي حالة من الغضب التي تحصل بين الناس بالعادة؛ بحيث لا يفقد الإنسان معها شيئاً من العقل أو الشعور، فيعلم ويدرك ما يقول ويقصده؛ ففي هذه الحالة يقع الطلاق إذا تلفظ بتحريم الزوجة عليه.[٧]

  • الحالة الثانية: الغضب الشديد

وهي حالة يصل بها الإنسان إلى فقدان الإدراك والشعور؛ بحيث لا يعلم ما يقول ولا يقصد وقوع قوله، فكأنها حالةٌ من الهذيان والجنون، حيث لا يصدق المرء نفسه عند انتهاء غضبه من أنه قال ذلك القول، بل وينكر أنه قاله؛ ففي هذه الحالة لا يقع بلفظ التحريم الطلاق.[٧]

  • الحالة الثالثة: الغضب المتوسط بين الحالتين السابقتين

وهي حالةٌ من الغضب لا تُفقد الإنسان الشعور كاملاً، بل يبقى عنده جزء من الشعور والعقل، بحيث يندم على ما قاله بعد زوال الغضب عنه، وهذه الحالة محلٌ نظرٍ عند الفقهاء،[٨] لذا يجب التنبيه إلى ضرورة مراجعة دائرة الإفتاء الخاصة بكل دولة؛ وذلك لغايات معرفة الحكم الصحيح على كل حالة، فقد يتعدد الحكم حسب اختلاف مجريات المواقف المتعددة بين الناس، ولكل حالةٍ حكمها الخاص بها.

ويجب ألا يتساهل الناس بحكم الطلاق بسبب الغضب؛ فيعتقدون أن أي غضبٍ يرتفع بسببه وقوع الطلاق، فالرجال عادةً لا يطلّقون وهم في حالةٍ من الابتهاج والانبساط، وهذا يستدعي ضرورة التميز بين حالات الغضب السابقة، والوصف الدقيق الصادق لحالة الغضب؛ الذي يمكن المفتي من تحديد الحكم الدقيق لكل حالة.

المراجع

  1. "نطق بتحريم زوجته غاضبا ولم يع ما قال"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2022. بتصرّف.
  2. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1184، حسن غريب.
  3. ^ أ ب ت "هل تحريم الرجل زوجته يعد طلاقا "، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2022. بتصرّف.
  4. عبد الكريم اللاحم، المطلع على دقائق زاد المستقنع، صفحة 167، جزء 4. بتصرّف.
  5. سورة المجادلة، آية:3- 4
  6. ^ أ ب عبد الرقيب الشامي، الكفارات أحكام وضوابط، صفحة 94- 96. بتصرّف.
  7. ^ أ ب "حكم الطلاق في حالة الغضب"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2022. بتصرّف.
  8. "حكم طلاق الغضبان"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 31/8/2022. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :

46 مشاهدة