العلم والفلسفة
يعرف العلم بأنه السعي وراء تطبيق المعرفة وفهم العالم الطبيعي والاجتماعي، ويعتمد العلم على دراسة منهجية للسعي وراء المعرفة، وذلك من خلال وضوح أدلة موثوقة عن طريق التجربة والقياس، بالإضافة إلى أن العلم يعتمد على التحليل المنطقيّ، وذلك باستخدام بعض الفرضيات العلمية لتجربتها على الأرض الواقع، ومن ثم رؤية وتحليل نتائجها، فهو مصطلح يشير إلى مجموعة واسعة جدًا من الأنشطة العلمية التي لا يمكن حصرها.[١]
أما الفلسفة فهي كلمة من أصل يوناني وتعني "حبّ الحكمة"، وهي التي تعتمد بشكل خاص على التحليل المنطقي والعقلاني ضمن دراسة تحليلية منطقيّة معينة، بالإضافة إلى أنها تختص بدراسة جميع الجوانب التي تتعلق بخلق الإنسان وحكمة وجوده، فهذا الأمر يعد من الأمور الجدليّة الهامة التي دائمًا ما يبحث الفلاسفة عن إجابات واضحة ومنطقيّة لها، ولكن يبقى هذا الموضوع أمر جدليّ لغاية لآن، بالإضافة أيضًا إلى أن الفلسفة تعد أحد أهم العناصر المعرفيّة عبر التاريخ والحضارات والأزمنة.[٢]
الفرق بين العلم والفلسفة
قد يعتقد البعض أن هناك فرقًا كبيرًا ما بين العلم والفلسفة، إلا أنهما في الحقيقة يتشاركان جملة من الأمور، فالعلم كما قلنا هو دراسة تحليلة منهجية لفهم الظواهر الطبيعية ضمن مسار وخط موحد ألا وهو المنهج العلميّ، وتندرج منه العديد من الفروع مثل: العلوم التطبيقية، والعلوم الفيزيائية، وعلوم الأرض والفضاء، وغيرها من العلوم الأخرى، ومن الجدير بالإشارة إلى أن العلم كان يصنف كجزء من الفلسفة، ولكنه انفصل عنها في القرن السابع عشر، فماهية العلم تتلخص بالبحث عن الإجابات والعمل على إثبات صحتها ومن ثم استنتاج الحقيقة المنطقية والموضوعية، فالعلم يستطيع أن يكتشف شوائب لا حصر لها في جميع المجالات المختلفة، أما إذا أتينا للفلسفة، فهي تسعى لفهم ودراسة وجود الإنسان والعلاقة فيما بينهما، ومن المؤكد أيضًا بأن الفلسفة تندرج منها العديد من الفروع؛ كالميتافيزيقيا، والمنطق، والسياسة، وفلسفة اللغة، والمنطق، والتاريخ، والدين وغير ذلك، فالفلسفة أيضًا مبنية على العقل والمنطق في دراسة وتحليل الحجج، وإذا ما أردنا إيجاز ذلك فنستطيع القول:[٣]
- أن الفلسفة جاءت أولًا وأصبحت هي أساس العلم، ومن ثم أتى العلم لكنه كان يسمى في القدم باسم "الفلسفة الطبيعية"، أما الفرق بينهما فهو فقط بطريقة وأسلوب تعاملهم مع المعرفة وطبيعتها، فالعلم معنيّ بالظواهر الطبيعية، أما الفلسفة فهي تهتم بأصل وجود الإنسان وماهيته على هذه الأرض.
- العلم والفلسفة يبحثان عن الأسئلة والإجابات، ولكن تختلف طريقة التفسير لكلّ منهما، فطريقة تفسير الفلسفة تكون باستخدام الجدل والتفكير المنطقي بينما العلم يلجأ إلى البيانات التجريبية بوضع أي شيء تحت التجربة لرؤية نتائجه.
- من الممكن اللجوء إلى العلم في الحالات التي تتطلب التجربة والقياس، بينما يُلجأ إلى الفلسفة في الحالات التي لا يمكن فيها القياس وأخذ ملاحظات، أي تلك التي تعتمد على مجهود فكري منطقيّ مدروس.
- أن الفلسفة تُستنج وتُفسر عن طريق التفكير والمنطق، أما العلم فيستنتج ويفسرعن طريقة المراقبة؛ أيّ المتابعة والتحرّي الدائم.
مفهوم العلم عند الفلاسفة
بما أن هناك عدة جوانب مشتركة بين عمل الفلاسفة والعلماء على حدٍّ سواء، وبما أن الفلسفة كانت قائمة قبل وجود مصطلح العلم، فمن الجيد أن تأخذ عزيزي القارئ نظرة عن رأي الفلاسفة في العلم، بداية مع:
- جوليان باجيني: وهو كاتب وفيلسوف وصحفي، وقد كان رأيه في العلم أنه على الرغم من أن العلم يسعى دائمًا أن يختص بجميع المجالات وإيجاد إجابات لكلّ ما هو مجهول، إلا أنه يتسائل إذا كان العلم يستطيع أن يوفر إجابات حول المواضيع التي تختص بالأخلاقيات وعلم النفس الذي يندرج منه الميتافيزيقيا أي "ما وراء الطبيعة"، فدراسة سلوك الإنسان لا يمكن قياسها أو تعميمها كما هو متعارف في العلم، فالقضايا التي تختص بالوجود البشري مثلًا لا يمكن أن يجد العلم لها إجابات محددة.[٤]
- أرسطو: قام أرسطو بتقسيم العلم إلى ثلاث فئات، بداية مع دراسة الظواهر والأشياء الطبيعية ظاهريًا وضمنيًا، وثانيًا مع علم الإنتاج، مثل علم الحواسيب الذي لا يمكن معرفته إلا من خلال القوى البشرية بصفة أن البشر جميعهم يتشاركون بوجود عقل يساعدهم على التفكير والاستنتاج والإبداع بعكس الحيوانات الأخرى التي تتصرف على فطرتها ووفق غرائزها، لذا فإنه يقول بأنه من السهل على البشر الانخراط بالعلوم التي تتطلب الإنتاجية، أما بالنسبة للقسم الأخير من تقسيمات أرسطو للعلم كان باسم العلم العملي، وذلك بمعنى أن الإنسان والعقل البشري يستطيع ممارسة وتجربة بعض الأعمال العلمية التي تتطلب استكشاف وعمل، فجوهر علم العمل أن يتبع تصرفًا صحيحًا منطقيًا خالٍ من الأخطاء البشرية، ومن الجدير بالذكر بأن هذه التقسيمات ما زالت إلى وقتنا هذا ولم تتغير منذ 2000 عام.[٥]
- بلوتو: يعتقد بلوتو بأن العالم الماديّ الذي يندرج تحت المسمى العلمي وهميّ ومن صنُع الخيال، إذ إن الإنسان لا يتفاعل مع الأشياء بجسده وإرادته الحرة، فهو يُشبه الأمر على أن البشر جميعهم موجودين في كهف مظلم، لا يرون ولا يعلمون شيئًا عن العالم الخارجي، وأن كل ما سيراه من الخارج هو نسج من الخيال، فالأفكار هي التي تتحكم بنا ونحن الذين نعيش فيها، أي أننا سجناء عقولنا، ولن نتحرر من هذا السجن إلا إذا تجردنا من الأفكار المسيطرة بداخلنا، هكذا كان رأي الفيلسوف الشهير بلوتو في العلم، ومن الجدير بالإشارة إلى أن العديد من الفلاسفة يتشاركون نفس الرأي في عدم وجود دليل علمي تجريبي حول ماهية تفكير الإنسان.[٦]
المراجع
- ↑ "Our definition of science", sciencecouncil, Retrieved 6-5-2020. Edited.
- ↑ "Philosophy", britannica, Retrieved 6-5-2020. Edited.
- ↑ "Difference Between Science and Philosophy", differencebetween, Retrieved 6-5-2020. Edited.
- ↑ "Philosophy v science: which can answer the big questions of life?", theguardian, Retrieved 7-5-2020. Edited.
- ↑ "Aristotle’s Divisions of Science", academyofideas, Retrieved 7-5-2020. Edited.
- ↑ "Ideas of Plato in the Context of Contemporary Science and Mathematics", athensjournals, Retrieved 6-5-2020. Edited.