الشك في الحياة الزوجية

الشك في الحياة الزوجية
الشك في الحياة الزوجية

الشك

هو واحد من المشاعر البشريّة المعروفة التي تقع بين التصديق بالشيء أو تكذيبه، ومحله الفؤاد لا القلب، ويظهر وينمو بسبب عدم توافر الأدلة الكافية التي تجعل الشخص متذبذبًا بين رأيين ونظريتين، والشكّ أمر طبيعي يحدث لجميع الأشخاص ما لم يتجاوز حدودًا معينةً، كأن يسيطر على عقل الإنسان ويظهر من خلال سلوكٍ مضطرب يؤثر على حياته وحياة الآخرين، فحينها يصنف كمرض نفسي خطير يجعل الشخص ميالًا للشك بكل ما يوجد أمامه من أشخاص وأشياء، فيبدأ بمراقبة كل شيء والسؤال عن جميع التفاصيل البسيطة والمعقدة، كما يبدأ بالتَّجسس على أفراد أسرته لعدم ثقته بهم، ويتعارض الشك مع الاعتقاد ويتناقض مع اليقين، إذ يتعدى حدود الأمور الروتينية في الحياة من الشك بالتزام الأبناء بمذاكرتهم أو صدق المدير في تقديم الترقية في العمل أو مصداقية البائع في إعادة ما تبقى من المال؛ ويصل إلى الشك بالوجود والمعتقدات الدينية والظواهر الطبيعية والعلوم التاريخية والحديثة، ويشبه العلماء ذلك بانسلاخ الشخص عن بيئته ومجتمعه وبناء سور وهمي يحيط به وبأفكاره بعيدًا عن العالم الكرتوني المحيط به، وقد اهتم علم الفلسفة بالشك خصوصًا ومنحه قدرًا من الدراسة المستفيضة للتعرف على مراحله ومستوياته وعناصره وأركانه[١][٢].


الشك في الحياة الزوجية

توجد العديد من الأنواع والحالات المختلفة للشك بين الشخص والآخرين، ولعل من أصعبها الشك في العلاقة الزوجية، أي عندما يبدأ الشخص بالشك في أمانة زوجته واستقامتها وعفتها وحفاظها على البيت والنفس، أو العكس أي عندما يتسلل الشك إلى نفس الزوجة بوجود إمرأة أخرى في حياة زوجها تلهيه عن اهتمامه بعمله وأسرته وزوجته وتحاول هدم البنيان والنواة المجتمعية الأولى، وتتزايد حدة هذا الشك في المجتمعات العربية والشرقية عمومًا مقارنة مع العالم الغربي، وذلك يعود إلى الضوابط والعادات والتقاليد المجتمعية التي تُلزم الرجل والمرأة بالحفاظ على قدسية هذه العلاقة وحمايتها من التشويه والسمعة السيئة، بالإضافة إلى المرجعية الدينية التي تعلي من قيمة الزوجين الصالحين وتكفل لهم كل القواعد والمعطيات التي تعينهم على ذلك، ولكن عندما يتسلل الشك إلى الحياة الزوجية ويتعاظم وينمو يومًا بعد آخر بسبب تصرفات معينة أو أعراض أولى، فإن تلك التصرفات تؤدي إلى وجود خوف دائم من أحد الطرفين تجاه الآخر، مما يعني فقدان الثقة والأمان بين الشَريكين وذلك نذير شؤم في أي علاقة، إذ إنّ العلاقات تقوم على أساس الثقة والمودة بمجملها، وعندما يصل الطرفين إلى حدّ من توجيه وتراشق الاتهامات والمحاسبة فلربما وصلا لطريق مسدود يصعب معه المتابعة والاستمرار، والأفضل هنا هو الانفصال، ولهذا يجب التأني على الدوام قبل الولوج في أي علاقة عاطفية وتكليلها بالزواج من خلال التعرف على الآخر وتوجيه الأسئلة السليمة له عن الآراء والأفكار والعمل ومتطلبات الزواج وغيرها، ومن ثم السؤال بإفراط عن الطرفين تجنبًا للأذى النفسي والجسدي أو تشتيت الأطفال في حال الطلاق، ويجب إيجاد حلول سريعة للشك مثل الذهاب إلى معالج نفسي متخصص وتلقي جلسات منتظمة من شأنها تصفية الذهن من الأفكار الخاطئة والمساعدة على التفكير السليم[٣].


أعراض الشك

قد يصعب على الطرفين معرفة بعضهما جيدًا في الفترة الأولى من بدء العلاقة؛ وذلك لأن كليهما يكون حريصًا على تقديم أفضل ما لديه من معسول الكلام وحسن التصرف، إلا أن النبيه واللبيب يمكنه رصد علامات الشخصية الشكاكة المفرطة من خلال مجموعة من الأعراض التي سندرجها فيما يلي[٤]:

  • كثرة الأسئلة: السؤال الدائم من قِبَل الزوج لزوجته أو الزوجه لزوجها عن الأشخاص الذي قابلهم أو قابلتهم، ومحاولة معرفة تاريخ اللقاء والأسباب والتفاصيل التي حدثت، ويهتم الرجل كثيرًا في معرفة وجود الرجال في البيئة المحطة بالزوجة وكيفية تعاملها وحديثها معهم، حتى وإن كانوا من أقربائها وعائلتها، وتهتم المرأة بمعرفة النساء الحاضرات في اجتماعات الزوج، وطريقة تعاطيه وحديثه معهن حتى وإن كنَّ من قريباته، ومن الجدير بالذكر أن الشك يختلف عن الغيرة بكونه يركز على أدق التفاصيل ويبني تهيئات لا وجود لها تنتهي بمشاكل جمة.
  • المراقبة والتجسس: وذلك من خلال مراقبة الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وإبداء السخط من وجود أصدقاء دون غيرهم بسبب تعليق أو إعجاب أو فيديو معين، والمطالبة بحظرهم وإلغائهم من قائمة الأصدقاء، أو مراقبة الشريك واللحاق به خفية إلى مكان عمله أو أثناء التسوق أو الخروج من الأصدقاء لقناعة راسخة ولا أساس لها بأنه يقوم بشيء خاطئ، وهذه التصرفات تولد غضبًا شديدًا لدى أي منهما تجاه الآخر.
  • الروتين اليومي: يُعد العديد من الأشخاص المصابين بارتياب الشك أن تغير نمط حياة الشريك وتبدل عاداته اليومية سبب كافٍ للشك به، ومن ذلك تغير ساعات النوم أو القيام بصورة مفاجئة بحمية غذائية للحصول على جسم رشيق أو الاهتمام بالمظهر الخارجي ووضع العطور والروائح الزكية، فليس بإمكان هؤلاء الأشخاص النظر للأمر بأنه طبيعي وإنما يبدؤون بالبحث المرهق والمتعب عما يثبت لهم أن سبب تبدل الطرف الآخر هو الخيانة.
  • التفتيش والبحث: بحيث يسمح الطرف الشكاك لنفسه بتفتيش مقتنيات الآخر وأغراضه الشخصية والبحث فيها، مثل الهاتف وقراءة الرسائل الخاصة مع الأقرباء و الأصدقاء، وافتعال المشاكل والمنغصات على الرغم من عدم وجود شيء حقيقي وملموس يثير الشك والريبة في المحادثات، أو قراءة دفتر اليوميات الخاص، أو البحث في الحقيبة، أو الحاسوب الشخصي، أو البحث في القمامة وسلة المهملات عن كل ما يشبع الشك.
  • لغة الجسد: توجد العديد من التصرفات التي تكشفها لغة الجسد، ولا يتقن الكثيرون تفسير تلك اللغة ومعرفة أسرارها وخاصة الشخص الشكاك الذي يجعل من كل نظرة أو ابتسامة أو همسة أو ضحكة أو لمسة سببًا للشك المفرط، ويبدأ بطرح سلسلة لا تنتهي من الأسئلة حول تلك الملاحظة، واستجواب الطرف الآخر للبحث عما يدعم أفكاره ويقنعه بها.

 

أنواع الشك

تختلف مرحلة الشك وتقييمها تبعًا لأمور وعوامل عدة، ومن ثم يُعرف النوع الذي تتميز به علاقةٌ بعينها، ويقسم الشك إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي كما يلي[٥]:

  • الشك المقبول: ويسمى كذلك بالشك العاطفي لارتباطه بمشاعر اليقين والإيمان على وجه التحديد، وهو غير ضار على الإطلاق كونه يستمر لفترة ما بين بضعة شهور إلى سنوات، وتعود أسبابه فكرية بحتة.
  • الشك المعقول: وهو نوعٌ يحتاجه الناس جميعًا بهدف حماية أنفسهم والتّأكد والتيقن من بعض الأمور قبل الإقدام عليها، إذ يستند على وجود معلومات جديدة في قضية معينة تجذب انتباه الإنسان، فمثلًا قد يكون لديه بعض المعلومات عن النظرية النسبية ثم يستمع أو يقرأ معلومات جديدة تشككه بمعلوماته بتلك النظرية، فيقع بين التصديق والتكذيب، ويكون الفيصل هو المزيد من البحث والأسئلة والمعرفة.
  • الشّك المرضي: ويسمى أيضًا بالشك الطوعي، إذ يُصاب الإنسان بأوهام اضطهادية تجعله يعتقد أن جميع الناس يكيدون له ويرغبون بإيذائه دون أدلة أو أسباب معقولة ومنطقية، وبدل أن يبحث عن المعلومات والبيانات فإنه سرعان ما يتخذ موقفًا عدوانيًا تجاه الأشخاص والأشياء ويعزلهم عن حياته، وفي هذه الحالة يحتاج الشخص للعون والمساعدة الممكنة.


المراجع

  1. "Doubt", routledge, Retrieved 2019-11-10. Edited.
  2. "doubt", vocabulary, Retrieved 2019-11-10. Edited.
  3. "A Marriage Consultant On Why It's Normal to Question Your Marriage", my domaine, Retrieved 2019-11-10. Edited.
  4. "How to Catch a Cheating Wife", incfidelibus, Retrieved 2019-11-10. Edited.
  5. "The Three Kinds of Doubt", matthewcochran, Retrieved 2019-11-10. Edited.

فيديو ذو صلة :

602 مشاهدة