محتويات
السلطان عبد الحميد الثاني
يعد السلطان عبد الحميد هو السلطان الرابع والثلاثين في زمن الخلافة العثمانية، وهو آخرهم ممن كانت له سلطة في الدولة قبل إنهيارها وتحول الدولة إلى دولة علمانية، فقد ولد هذا السلطان في العام 1257هـ/ 1842م، وهو ابن السلطان عبد المجيد الأول، وقد نشأ وترعرع في القصر السلطاني، وتلقى العلم في الأدب والتاريخ والتصوف، وكان يتقن اللغة الفارسية والعربية، وكان له هوايات عديدة أهمها الرياضة وركوب الخيل، وتميز السلطان بحبه ومواظبته على الشعائر والعبادات، والابتعاد عن ما هو مسكر للعقل، وكان أيضًا يتميز بصفات أهمها قلة الكلام وحسن الإصغاء وحب العزلة، وله اهتمامًا كبيرًا بالسياسة في العالم ومتابعة أخبار الدول الأخرى وعلاقتها مع الدولة العثمانية، وتولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة في العام 1876م وهو في عمر الـ 34، إذ كانت الدولة آنذاك في وضع سيء داخليًا وخارجيًا على حد سواء، ولكن كان فترة حكمه من السلاطين الذين حاولوا الإصلاح والوقوف أمام الأطماع الإستعمارية من جهة الغرب الذين كانوا يسمونها "رجل أوروبا المريض"، بالاضافة لموقفة المشرّف والحازم لاقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.[١]
نفي السلطان عبد الحميد الثاني وانهاء خلافته
انقلب على السلطان عبد الحميد في أحداث وقعت بتاريخ 31 مارس 1909م اتباع جميعة الاتحاد والترقي، الأمر الذي أدى إلى خروج فرقة من الجيش الثالث لمدينة استنبول وحصلت مواجهات أدت إلى مقتل عددٍ كبيرٍ من المواطنين والجيش، واُتهم السلطان آنذاك بتدبير هذه الأحداث، فُعزل السلطان وتنازل عن العرش لأخيه محمد رشاد، ونُقل هو ومعه 38 شخصًا إلى مدينة سلانيك، والتي كانت تعرف بطابعها اليهودي، وقد كان نفيه لها بعد تجريده من كل أمواله وأملاكه، وكانت الرقابة عليه شديدة حتى أنه كان يُمنع من قراءة الصحف، ومن الجدير بالذكر أن السلطان اُبلغ بقرار عزله من يهودي يُسمى قره صو عمانوئيل. [٢]
أهم الأحداث التي حصلت فترة خلافة السلطان عبد الحميد الثاني
عاش السلطان مدة 57 عامًا اتسمت بأحداث كانت هامة في تاريخ الدولة العثمانية، وكان مهتمًا طول فترة توليه الخلافة بإنقاذ الدولة مما كان يحاك لها من أعدائها الذين كانوا يطلقون عليها " الرجل المريض" وفي عصر كان يُسمى "عصر الأفول"، وفيما يأتي استعراضًا لأبرز محطات حياة السلطان، هي كالآتي : [٣]
- استلم السلطان الحكم بعد أن خُلع أخوه مراد الخامس عن العرش، وحسب الروايات والمؤرخين يقال أن مراد الخامس أصيب بالجنون، وبالتالي تولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة بعمر 34 عامًا عام 1876م.
- تلقى السلطان وبالتزامن مع بداية حكمه مطالبًا من الدول الأوروبية فيها سعيًا لتحسين أحوال رعاياهم في الدولة العثمانية، واعتبر المبعوثان العثماني والذي هو بمثابة البرلمان أن هذه مطالب هي تدخل في شؤون الدولة الداخلية، وقوبل بالرفض، مما دعى روسيا لإعلان حربها على الدولة العثمانية، فاحتلت بلغاريا وأدرنة.
- قرر السلطان عبد الحميد حل مجلس المبعوثان لمعالجة الموقف، مما أعطى الفرصة للأوروبين بدعم الإشاعات والتحريض الذي وصفه بالطغيان والاستبداد، ونتج عن ذلك بأن قام السلطان بمزيد من التصعيد وتشكيل جهاز سري للأمن، وتقييد حريات الطوائف والأعراق في بلاده.
- انفصلت جمبع أراضي البلقان التي كانت تابعة للدولة العثمانية خلال العقد الأول لتولي السلطان عبد الحميد الثاني الحكم، وقد تقاسماها كل من النمسا وروسيا، وبعد انتهاء الحرب العثمانية الروسية، بدأت الدول الأوروبية باحتلال الدول العربية في شمال القارة الإفريقية، فاحتلت فرنسا تونس، واحتلت بريطانيا مصر.
- وفي بداية القرن الماضي أي مطلع القرن العشرين، رجعت الثورات تغطي بعض مناطق البلقان، وكان ذلك بالتزامن مع إخماد حرب مع اليونان، وبعض الاضطرابات في منطقة مقدونيا.
- وصل الأوروبيون لقناعة بأن هذه الخطط قد توصلهم إلى ما يسعون إليه ولكنها بحاجة لوقت طويل، ولكن الطريقة الأمثل هي تسميم الرجل المريض من الداخل، فاستغلت وجود بعض اليهود الذين تظاهروا بالإسلام من يهود الدونمة، والذين اتخذوا مدينة سالونيك مقرًا لهم، لتُشكل في باريس أثناء الثورة الفرنسية جمعية سُميت "جمعية الإتحاد والترقي" وكان أهم أهدافها إنهاء خلافة السلطان عبد الحميد الثاني، وتحويل الدولة لدولة علمانية، قد لاقت هذه الجمعية دعمًا أوروبيًا كبيرًا، ولا شك أن السلطان عرف ما يخططون له، إلا أن حجم الهجمة وشراستها كانت أكبر من قدرته على الإصلاح والمقاومة، وفي وقت لاحق انشق الجيش الثالث وثار على السلطان في مدينة سالونيك، وانضمام كل من أنور باشا ومصطفى كمال هذه الثورة.
- توازي ما يحاك مع مؤامرات ضد الخلافة العثمانية في هذه الفترة مع محاولات اليهود من السيطرة على أرض فلسطين، وقد عُرض على السلطان عبد الحميد المال للتنازل بها لليهود وإسكانهم فيها، لكنه كان ممن سجّل لهم التاريخ حتى يومنا هذا الموقف العظيم في رفضه تسليم هذه الأرض المباركة لليهود وأعوانهم، فقد قال مقولته الشهيرة في هذا الأمر موجهًا خطابه لهرتزل مؤسس الصهيونية، فقال " انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدّية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، وقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حيّ فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون، إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة.
- حاولت طائفة الأرمن اغتيال السلطان عبد الحميد في عام 1905م، وبالتزامن مع العديد من الجمعيات التي تتشكل هنا وهناك بهدف تحريض العرب الانفصال عن الدولة العثمانية وتبني نظام الحكم العلماني.
المراجع
- ↑ عبدا لعال سعد الرشيدي، "السلطان عبد الحميد الثاني المفترى عليه"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ↑ مصطفى عاشور، "عبد الحميد الثاني وجدل لم ينتهِ (في ذكرى ميلاده: 16 شعبان 1258هـ)"، archive، اطّلع عليه بتاريخ 2-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "قرن على رحيله.. سيرة السلطان عبد الحميد ما زالت ملهمة"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.