محتويات
العلاج النفسي للتخلص من الضيق والوسواس
يُعرف الوسواس القهري OCD بأنه اضطراب نفسي يؤثر بشكل كبير على حياة الفرد وأفكاره وينتج عنه القيام بأفعال وسلوكيات قهرية متكررة، وكثيرًا ما يرتبط الوسواس القهري بزيادة مستويات الشعور بالقلق والضيق لدى المصاب؛ وذلك لأنه كلما حاول المصاب تجاهل الأفكار والوساوس التي تجول في ذهنه سيجد نفسه مضطرًا في النهاية للاستجابة لها لتخفيف درجة توتره، وهذا دون شك يزيد الأمر سوءًا،[١] ومن الأساليب التي يتبعها المختصون في علاج اضطراب الوسواس القهري هي العلاج النفسي أو الأدوية، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء في عام 2018 على استخدام ما يُعرف بالتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة TMS الذي يُستخدم بكثرة لعلاج الاكتئاب كعلاج إضافي للبالغين المصابين بالوسواس القهري، لكن عمومًا لم يثبت وجود علاج نهائي للوسواس القهري؛ فالعلاجات الحالية تساعد المصابين فقط على السيطرة على أعراض المشكلة لديهم وتُساعدهم على الانخراط في حياتهم اليومية بشكل طبيعي، ويُعد العلاج السلوكي المعرفي CBT وبعض العلاجات النفسية الشبيهة من بين أهم طرق العلاج النفسي التي أثبتت فاعليتها في السيطرة على الوسواس القهري لدى المرضى، لكن في بعض الأحيان يكون العلاج النفسي أكثر فعالية عند استخدامه بالتزامن مع الأدوية وليس لوحده.[٢]
قد أوضحت الدراسات المتعلقة بالعلاج النفسي أن نوعًا معينًا من العلاج المعرفي السلوكي يسمى التعرض ومنع الاستجابة ERP يُعد فعّالًا في الحد من السلوكيات القهرية حتى لو لم تُجدي العلاجات الدوائية نفعًا، وغالبًا ما يسعى هذا العلاج إلى تعريض المريض لموقف معين يؤدي إلى حثهم على القيام بسلوك قهري (مثل ملامسة الأشياء المتسخة)، وفي الوقت نفسه يتم منعهم من الانخراط في هذا السلوك المعتاد عليه في مثل هذه المواقف (مثل تكرار غسل اليدين)، وقد يعاني هؤلاء المرضى في بداية العلاج من زيادة مشاعر القلق لديهم إلا أن الدوافع القهرية تنخفض عند معظم الأشخاص مع استمرارهم في العلاج.[٢]
أما في حال الأفراد الذين يُعانون مما يُعرف بالوسواس الديني، والذي يتمثل بتكرار أداء الصلوات إذا تشتت انتباه المصلي، أو تكرارها إذا لم يشعر بأنه أداها بتركيز، أو سؤال الآخرين عما إذا كان قد أداها بشكل صحيح، أو الافراط في القراءة أو البحث عبر المؤلفات والكتب والنصوص الدينية، أو الافراط في الاعتذار لله والاستغفار عن سلوكياته وتصرفاته، فإن العلاج الأمثل لهذه الحالات قد يتضمن استخدام العلاج السلوكي المعرفي بالإضافة لبعض الأدوية، لكن بالطبع لن يُطلب من المريض التخلي عن دينه عند خضوعه للعلاج، وبدلاً من ذلك يتم منحه طرقًا متنوعة لمواجهة مسببات الوسواس الديني والعيش في إطار عقيدته وتقاليده الدينية بشكل سليم.[٣]
العلاج الدوائي للتخلص من الضيق والوسواس
تُستخدم بعض الأدوية في تخفيف حدة أعراض الوسواس القهري والضيق الناجم عنه، وعادةً ما يحتاج المريض إلى حوالي ستة إلى اثنا عشر أسبوعًا ليحصل على الفائدة المرجوة منها، وتشتهر الفئة الدوائية المعروفة باسم مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRIs والتي تُستخدم لعلاج الاكتئاب بكونها من الأدوية الفعّالة في علاج الوسواس القهري، إلا أن الجرعة المستخدمة في علاج الوسواس القهري عادةً ما تكون أعلى من تلك المستخدمة في علاج الاكتئاب،[٤] وعلى أية حال فإن أهم مضادات الاكتئاب المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في علاج الوسواس القهري تشمل الآتي:[١]
- دواء كلوميبرامين Clomipramine: يُوصف للمرضى البالغين والأطفال بعمر 10 سنوات فما فوق.
- دواء فلوكستين Fluoxetine: يُوصف للمرضى البالغين والأطفال بعمر 7 سنوات فما فوق.
- دواء فلوفوكسامين Fluvoxamine: يُوصف للمرضى البالغين والأطفال بعمر 8 سنوات فما فوق.
- دواء باروكستين Paroxetine: يُوصف للمرضى البالغين فقط.
- دواء سيرترالين Sertraline: يُوصف للمرضى البالغين والأطفال بعمر 6 سنوات فما فوق.
تشخيص الإصابة بالضيق والوسواس
هنالك مجموعة من الإجراءات التي يستخدمها المعالج النفسي لتشخيص الإصابة بالوسواس، منها:[١]
- التقييم النفسي: يتمثل التقييم النفسي في الحديث مع المصاب ومناقشة أفكاره ومشاعره وسلوكياته المختلفة؛ وذلك لبيان ما إذا كان لديه أي عادات أو سلوكيات قهرية تتعارض مع طبيعة حياته، وقد يلجأ المعالج النفسي إلى التحدث مع عائلة المصاب وأصدقائه لمعرفة تفاصيل أكثر عن حياته.
- الاستعانة بالمعايير التشخيصية: هناك مجموعة محددة من المعايير التي تُشير إلى الإصابة بالوسواس القهري وهي:[٥]
- أن تكون العادات والسلوكيات القهرية التي يعاني منها المصاب مستمرة في معظم الأيام ولمدة أسبوعين متتاليين على الأقل.
- أن يعترف المصاب بكون هذه الأفعال والسلوكيات ناتجة عن أفكار ودوافع داخلية.
- أن يكون لدى الفرد فكر أو فعل واحد على الأقل لا يزال يقاوم حدوثه.
- ألا يكون التفكير في تنفيذ هذه السلوكيات القهرية بهدف تحقيق المتعة، بل طريقة للتخلص من القلق والتوتر.
- أن تكون الأفكار أو الدوافع القهرية مستمرة وغير سارة بالنسبة للمصاب.
- اختبارات جسدية وفحوصات مخبرية: وذلك للتأكد من عدم وجود أسباب أخرى يمكن أن تؤدي إلى ظهور هذه الأعراض.[٦]
مَعْلومَة: ما أسباب الإصابة بالضيق والوسواس؟
يمكن للكثير من الأسباب والعوامل أن تلعب دورًا في نشأة الوساوس والضيق، وفيما يلي أبرزها:[٧]
- أسباب وراثية: أثبتت بعض الدراسات أن الوسواس القهري ينتقل بين أفراد العائلة الواحدة، كما أن الجينات التي تؤثر على كيفية استجابة الدماغ للناقلات العصبية- كالدوبامين والسيروتونين- تلعب دورًا في التسبب بحدوث هذه المشكلة النفسية أيضًا.
- الأسباب المتعلقة بالمناعة الذاتية: أحيانًا تبدأ أعراض الوسواس القهري بالظهور عند الأطفال بعد إصابتهم ببعض أنواع العدوى؛ كعدوى المكورات العقدية من المجموعة أ المسببة لالتهاب الحلق، وعدوى مرض لايم، فضلًا عن عدوى الانفلونزا H1N1.
- الأسباب السلوكية: أوضحت بعض الدراسات أن الشخص المصاب بالوسواس القهري يلجأ إلى القيام بالسلوكيات والعادات بشكل متكرر لاعتقاده أنها تُقلل من مشاعر الخوف والقلق لديه؛ فعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدي التعرض لحادث سيارة إلى الإصابة بالوسواس القهري في حال ارتبطت مشاعر القلق والخوف لدى الشخص بهذا الحادث وبدأ يتجنب القيام به بشكل غير عادي.
- الأسباب البيئية: يمكن أن يؤدي ضغط الحياة إلى حدوث اضطراب الوسواس القهري لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي أو الذين مروا ببعض الأحداث السيئة؛ مثل الولادة، أو مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة، الصراعات الشديدة، أو الأمراض الخطيرة، أو إصابات الدماغ، أو اضطراب ما بعد الصدمة، وفي المناسبة فإن بوسعك التعرف أكثر على اضطراب ما بعد الصدمة عبر قراءة اضطراب ما بعد الصدمة وأعراضه.
- الاكتئاب: أشارت بعض النظريات المتعلقة بدراسة أسباب الوسواس القهري أن الاكتئاب هو أحد العوامل المسببة له، لكن وعلى الرغم من أن الاكتئاب يزيد فعلًا من تفاقم أعراض الإصابة بالوسواس القهري إلا أن بعض الباحثين أشاروا إلى احتمالية أن يكون الاكتئاب ناجمًا أكثر عن الوسواس وليس سببًا لحدوثه.[٨]
المراجع
- ^ أ ب ت "Obsessive-compulsive disorder (OCD)", mayoclinic, 11/3/2020, Retrieved 13/1/2021. Edited.
- ^ أ ب "Obsessive-Compulsive Disorder: When Unwanted Thoughts or Repetitive Behaviors Take Over", nimh, Retrieved 13/1/2021. Edited.
- ↑ "What is Religious OCD?", centerforanxietydisorders, Retrieved 13/1/2021. Edited.
- ↑ "What Is Obsessive-Compulsive Disorder?", psychiatry, 1/12/2020, Retrieved 13/1/2021. Edited.
- ↑ "Diagnosing OCD", ocduk, Retrieved 14/1/2021. Edited.
- ↑ SMITHA BHANDARI (1/9/2020), "Obsessive-Compulsive Disorder (OCD)", webmd, Retrieved 14/1/2021. Edited.
- ↑ Hannah Nichols (29/9/2020), "What is obsessive-compulsive disorder?", medicalnewstoday, Retrieved 13/1/2021. Edited.
- ↑ "What causes OCD", ocduk, Retrieved 13/1/2021. Edited.