محتويات
نبذة عن محمد علي باشا
ولد محمد علي في العام 1769م بمدينة قَـوَلة التي تقع إلى الجنوب من مقدونيا، وقد عاش محمد علي يتيمًا بعد وفاة والده "إبراهيم"، وبحكم صداقة حاكم مدينة قَـوَلة لإسرته كفله ورباه واعتنى به؛ فأصبح يتجار بالدخان من خلال دعم إحدى قريباته وتاجر فرنسي، ولكن بدأت علامات التفوق والدهاء والذكاء تظهر عليه منذ بداية حياته العملية، فيروي المؤرخون أنه تمكّن من تحصيل الأموال الأميرية كمتطوع من سكان إحدى المناطق التابعة لحاكم قَـوَلة، ومن خلال تصرف ذكي فيه قدر كبير من الشجاعة استطاع محمد علي أن يحصل على هذه الأموال منهم، وفي شاهدة أخرى على جرأته حينما نازل زملاءه في مسابقة القوارب واستطاع الفوز عليهم بالرغم من الخطورة والصعوبات التي تعرض لها في هذه الحادثة، فالشاهد من ذلك إنما هو تسليط الضوء على خصال ومزايا شكلت في مجموعها شخصية محمد علي الذي أصبح حاكمًا لمصر فيما بعد، وقدرته على تخطي العقبات التي تواجهه في الحياة عامةً.
والتحق بالجيش العثماني وأصبح برتبة ضابط، ونزل إلى مصر مع حملة العثمانيين العسكرية لتخليصها من الفرنسيين بعد الحملة العسكرية عليها بقيادة نابليون بونابرت، وخلال وجوده بمصر استشعر بذكائه وجود فراغ سياسي وعسكري في مصر بعد انتهاء الحملة الفرنسية عليها، فوضع لنفسة خطة لتولي الحكم في مصر من خلال إرادة الشعب المصري وتأييده؛ إذ كانت البداية لذلك هو توليه الفرقة التي كانت بقيادة حاكم قَـوَلة الذي كان محمد علي وكيلًا له، فبعد رجوعه إلى بلده خلفه محمد علي في قيادة هذه الفرقة وأصبح برتبة بكباشي، ليستمر في منازعة الفرنسيين حتى وقع معهم محمد علي اتفاقًا يقضي بجلائهم عن مصر في العام 1801.
عادت مصر تحت حكم السلطنة العثمانية، وعُين "خسروا باشا" واليًا عليها، والذي كان البكباشي محمد علي قريبًا منه، ولكن الأمر لم يستقر كثيرًا فقد حصلت منازاعات بين المماليك الذين كانوا يحكمون مصر والفرق العسكرية العثمانية التي بقيت في مصر كسلطة عسكرية حاكمة، وجرت أحداث مختلفة، ولكن محمد علي باشا كان مدركًا للمهمة التي ستوصله للحكم، وبالفعل وصل لهدفه وأصبح حاكمًا لمصر بعد تثبيته من الباب العالي في الدولة العثمانية وتأييدهم له. [١]
محمد علي باشا بعد توليه الحكم في مصر
تولى محمد علي باشا حكم مصر في العام 1805م، فأدخل العديد من الإصلاحات على البلاد، لا سيما في هياكل الدولة، فأنشأ الدواوين، واهتم بالتعليم، وأمر بابتعاث المصريين للبلاد الأوروبية للتعلم، كما أن الاقتصاد بدأ بالتعافي والنهوض بشكل لم يسبق له مثيل في ذلك الوقت، فركز على الزراعة وتسهيل عمل المزارعين، فأقام السدود وأصلح الأراضي وشق القنوات، وفي مجال الصناعة شهدت فترة عهده بناء مصانع للأسلحة والسفن والنسيج، وفيما يأتي أهم الانجازات والأحداث التي حصلت مع محمد علي باشا في مصر خلال فترة حكمه، هي كالآتي : [٢]
- الاهتمام بالجيش والمدارس الحربية: كان هدف محمد علي باشا أن توجد لمصر قوة عسكرية تزيد من نفوذها، فأنشأ جيشًا منظمًا ضم فيه المصريون والسودانيو؛، فأقر مبدأ التجنيد الإجباري، واستعان بالخبراء الأوروبين في تشكيل الجيش، والذي كان على رأسهم الضابط الفرنساوي "جوزيف ساف" المعروف عندهم بسليمان باشا الفرنساوي، فأنشأ المدارس الحربية وجهز قطعًا حربية صناعة أوروبية.
- التوتر في العلاقات مع الإمبراطورية العثمانية : لم يكن طموح محمد علي باشا في حكم مصر وحسب، بل كان إقامة كيان كبير لمصر سياسي وعسكري على حد سواء، فسعى لأن تكون المناطق الممتدة من منابع نهر النيل حتى جبال طوروس إلى الجنوب من تركيا تحت قبضته وحكمه، فنجح بضم السودان في حملة عسكرية في عام 1824م، وحاول الاستيلاء على ولاية الشام بعد أن تدخل في مناصرة الدولة العثمانية في حربها مع اليونان، ولكن بعدما انتهت الحرب رفض العثمانيون ذلك، مما أدى لتوتر كبير في علاقته بهم.
- شن حملة على الشام: بعد التوتر الذي حصل بين محمد علي باشا والدولة العثمانية نتيجة رفضهم سيطرته على ولاية الشام شن بجيشه حملة على بلاد الشام، فكانت نتيجتها سيطرته على بعض المدن الساحلية في فلسطين عدا عكا التي استمر في حصارها ستة أشهر، والتي أعلنت استسلامها في العام 1832، مما دعا العشائر وكبارهم في سوريا لإعلان ولائهم لمحمد علي باشا، الأمر الذي أثار غضب السلطان العثماني آنذاك " محمود الثاني"، فأصدر قرارًا بعزل محمد علي باشا وتعيين " حسين باشا" مكانه، فجهز السلطان حسين باشا بجيش وأمره بمنع محمد علي التقدم في الشام، في حين كان ابن محمد علي " إبراهيم" قد استطاع السيطرة على مدن مهمة داخل الأراضي السورية وصولًا للأناضول في عمق الأراضي التركية، ففي معركة "قونيا" في العام 1832م هُزم الجيش العثماني على أيدي قوات محمد علي باشا، والتي أسفرت عن أسر الصدر الأعظم " رشيد باشا"، وبالتالي كان جيش محمد علي باشا قاب قوسين أو أدنى من انهاء وجود الدولة العثمانية.
- تدخل الأوربيون في علاقة محمد والعثمانيين: نتيجة لهذا التوغل الكبير لقوات محمد علي باشا تدخل الأوروبيون بينهم وصاغوا اتفاقية بين محمد علي والسلطان العثماني، والتي سُميت باتفاقية " كوتاهية"، والتي بموجبها اعترف السلطان محمود الثاني بالسيادة لمحمد علي على مصر وجزيرة العرب والسودان وجزيرة كريت وسوريا وفلسطين، في مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي التركية في منطقة الأناضول.
- تقدم قوات محمود باشا: بقيت العلاقة غير مستقرة بين الطرفين وتجددت المعارك بينهما، وكان فيها التقدم الواضح لقوات إبراهيم باشا لا سيما في الأراضي السورية، ومع موت السلطان العثماني محمود الثاني وانضمام الجيش العثماني لقوات محمد علي باشا حصلت فوضى عارمة في عاصمة الدولة العثمانية إسطنبول، وكان ذلك في العام 1839م، فاستنجد العثمانيون بالإنجليز الذين أجبروا محمد علي باشا على قبول معاهدة لندن التي بموجبها سيسحب قواته من الجزيرة وكريت وسوريا، وبقاء محمد علي وذريته في مصر مقابل دفع الجزية.
نهاية حكم محمد علي باشا في مصر
نهض محمد علي باشا بمصر من النواحي العسكرية والصناعية والعلمية والتجارية؛ فجعل من مصر دولة ذات ثقل ونفوذ لم يسبق وأن عاشتها في تاريخها المعاصر، ولكن من جاء بعده من رؤساء كانوا من الضعف بمكان، فلم يستطيعوا التمسك بما تركه لهم محمد علي باشا من إرث سياسي أو مادي، فكانت نهاية فترة حكم المكلية في مصر على يد الثورة التي أقامها الضباط الأحرار وأطاحوا بها بالملك فاروق في العام 1953م؛ أي بعد وفاته باكثر من مئة عام، والتي كانت في العام 1848م، وذلك بعد تنحيه عن الحكم لمرضه، وبعد ذلك بفترة قليلة توفي عن عمر يناهز 79 عامًا. [٣]
المراجع
- ↑ "محمد علي باشا"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 7-7-2019. بتصرّف.
- ↑ طه عبد الناصر رمضان (2-2-2018)، "هكذا هزم حاكم مصر الدولة العثمانية.. وضمن سيطرته!"، alarabiya، اطّلع عليه بتاريخ 7-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "محمد علي باشا.. والي "مصر الحديثة" خلال الحكم العثماني"، turkpress، 10-2-2016، اطّلع عليه بتاريخ 7-7-2019. بتصرّف.