محتويات
نساء من التاريخ
سطر التاريخ القديم والحديث أسماء سيدات عظيمات لما قدمن من إنجازات مميزة في مناحٍ حياتية عدة، ولالة فاطمة نسومر علم من أعلام التاريخ الجزائري والعربي ككل، فقد رصع اسمها كمناضلة حرة ساهمت في تخليص بلد المليون شهيد من من استعمار فرنسا الذي خيّم على الجمهورية الحرة طوال 132 سنة، حالها حال جميلة بوحيرد، وحسيبة بن بوعلي، ومليكة بلقايد، وغيرهم، وموضوعنا في هذا المقال عن أيقونة النضال الجزائرية نسومر، وسنتناول في هذا البحث ولادتها، وحياتها من الطفولة حتى الصبا، ثم تجربتها النضالة، وأخيرًا سنسرد أسباب احتلال البلاد من قبل الفرنسيين.[١]
لالة فاطمة نسومر
ولدت فاطمة محمد بن عيسة نسومبر سنة 1830 في عين الحمام الواقعة في جمهورية الجزائر، وقد تزامن ميلادها مع احتلال البلاد على يد الفرنسيين،[٢]وعاشت نسومر في بيت مسلم؛ فقد كان والدها محمد بن عيسى مشرفًا على الزاوية الرحمانية الصوفية، فاختارت الانتماء إليها أيضًا، وحفظت القرآن الكريم في عمر صغيرة، ثم أشرفت على مدرسة حفظ القرآن في مكان سكنها، فكانت واحدة من سيدات المجتمع اللاتي اخترن العزوف عن الدنيا، وكان لأخيها الطاهر فضلًا كبيرًا في تعليمها اللغة، والتفسير، والأصول، إلى أن أصبحت فقيهة مجتمعها،[١] ويذكر في هذا المقام أنها تزوجت في عمر مبكر يقال وهي ابنة 16 ربيعًا، لكن زواجها لم يكن موفقًا فعادت إلى أهلها بعد أن رفض زوجها تطليقها، فظلت تحت عصمته، وهو ما حال دون زواجها من شخصيات هامة في ما بعد، [٣] لقبت المناضلة لالة فاطمة نسومر بخولة الجزائر نسبة إلى بطلة المسلمين خولة بنت الأزور، كما لقبت بأخت الرجال، وأما نسومر فينسب إلى قرية عاشت بها المناضلة، كما لقبت بقاهرة الاستعمارة الفرنسي.[١]، وأما الفرنسيون فقد سموها جان دارك جرجرة تيمنًا بالبطلة القومية الفرنسية جان دارك.[٢]
تجربة لالة فاطمة نسومر النضالية
بدأت المناضلة فاطمة نسومر حربها ضد الاستعمار الفرنسي وهي في سن العشرين، فانضمت إلى الزعيم المناضل الشريف بوبغلة، ونجحت في صد هجوم الاستعمار على قرية ناث إيراثن وهو ما شكل حافزًا لدى أهالي القرى المجاورة وشيوخ زواياها لتمجيد المقامة، والانضمام إلى صفوفها، وبفضل قدرة هذه الأيقونة في الخطابة والإقناع نجحت في تزعم حركة المقاومة في المنطقة سنة 1954، وتمكنت من استقطاب مئات الشباب، ثم أكملت نضالها ضد زحف الجنرال روندون يتشكرت الذي تعرض لهزيمة نكراء، وهو ما حفزها على الاستمرار وشن مزيد من الهجمات على مراكز العدو في مناطق مختلفة، ومنها معركة الأربعاء، وبراتن، وعين تاوريخ، وتخجلت، وغيرها.
ولا شك أن المحتل الفرنسي لم يكن ليتوانى عن الرد على هذه الهجمات، بل إنه طلب مساعدات عاجلة من السلطات الفرنسية، فأرسل له عدد إضافي من الجنود والعتاد، فاضطرت فاطمة وجيشها إلى الانسجاب إلى قرية تاخليجت ناث عيسو، فاستغل المحتل انسحاب المقاومة وارتكب أبشع جريمة نالت الحجر والبشر والشجر، وهذا ما دفع المناضلة إلى ضرب قوات الاستعمار من الخلف، بقطع طرف المواصلات فانقطعت الإمدادات عنه فاستفز الفعل قيادة الجيس الفرنسي في مدينة قسنطينة شرقي الجمهورية، فجهز جيشًا من 45 جنديًا في وقت كان عدد جنود نسومر سبعة آلاف، ففارق العتاد والعدة جعل النصر حليف الفرنسيين، وهذا ما أدى إلى طلب المفاوضات من العدو لوقف المعارك الطاحنة بين الطرفين، فوافقوا على طلبها.
ولما خرجت الوفد المفاوض غدر العدو بها فألقى القبض على الوفد المفاوض، ثم أصدر الجنرال روندون قرارًا بمحاصرة مكان المناضلة نسومر، ثم اعتقلوها مع ثلاثين ممن معها بحلول عام 1857 ووضعوها في السجن تحت حراسة مشددة، وهكذا ظلت نسومر حبيسة السجن 7 سنوات إلى أن وافتها المنية سنة 1863 عن عمر يناهز 33 عامًا بعد إصابتها بمرض مجهول تسبب في شللها، ففارقت الروح الجسد، وتوارى الأخير في مقبرة العالية بمدينة الجزائر العاصمة، ولكن بحلول عام 1994 قررت السلطات نقل الحثمان إلى قرية نسومر، فيما ظل الاسم خالدًا في كتب التاريخ إلى يومنا هذا.[١]
أسباب احتلال الجزائر
فيما يأتي ذكر لأهم أسباب احتلال الجزائر[٤]:
- القضاء على السلطة الجزائرية وتعويضها بسلطة استعمارية جراء حادثة المروحة بين الداي وقنصل فرنسا بالجزائر في نيسان أبريل عام 1827، وهذا يضمن للمحتل تعويضه باستغلال خيرات البلاد من ناحية، وإذلال الشعب من ناحية أخرى، وقد صرح بهذا السبب ملك فرنسا شارل العاشر في آذار مارس سنة 1830م فقال: "إن التعويض الحاسم الذي أريد الحصول عليه وأنا أثأر لشرف فرنسا أن يتحول بمعونة الله لصالح المسيحية"، وهذا ما ورد في التقرير الذي رفعه وزير الحربية الفرنسي إلى مجلس الوزراء في الرابع عشر من أيار مايو سنة 1827 بالقول: "لعله مع الوقت سيكون من حظنا أن نمدنهم وذلك بجعلهم مسيحيين"، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحادثة أزّمت العلاقة بين البلدين في حين أن فرنسا كانت تخطط لذلك بعد إبعاد إسبانيا وتصفية قاعدتها العسكرية بوهران.
- رغبة تجار فرنسا وقادتها في أن تحل فرنسا محل إسباينا في المنطقة لتقوية أسطولها في حوض البحر المتوسط.
- ترضية التجار الفرنسيين الذي خسروا مكانتهم إبان الثورة الفرنسية التي قضت على أرباحهم بعد هزيمة نابليون بونبارت وإعادة السيطرة البريطانية على التجارة في العالم.
- فشل الفرنسيين في احتلال مصر لا سيما بعد ضربات القوات الانجليزية سنة 1801م.
- إقامة محمية عسكرية لإقامة محمية فرنسية شمال أفريقيا تمتد من المغرب إلى مصر.
المراجع
- ^ أ ب ت ث يونس بورنان (8-6-2018)، "لالَّة فاطمة نسومر.. الجزائرية التي قهرت الاستعمار الفرنسي"، العين الإخبارية، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "فاطمة نسومبر"، الجزيرة، 30-11-2014، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد الله كمال (19-7-2018)، " فاطمة نسومر.. ابنة الزاوية التي قادت المقاومة الجزائرية ضد الفرنسيين"، ساسة بوست، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.
- ↑ حسن ورامي (29-5-2014)، "اسباب احتلال الجزائر"، الحوار المتمدن، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2019. بتصرّف.