بيتهوفن
وُلد لودفيج فان بيتهوفن في السادس عشر من شهر كانون الأول عام 1770، في مدينة بون الألمانية، ووالده هو يوهان فان بيتهوفن، واشتهر بتعاطيه الكحول، كان يعمل مغنيًا في كنيسة البلدة، وأما جده فكان من أكثر الموسيقيين نجاحًا وشهرةً في المدينة، وقد كان الملهم والمثل الأعلى لبيتهوفن، وأمه هي ماريا ماجدلينا لايم، وكانت سيدة أنيقة ونحيلة، وكان والده يعامله بقسوة شديدة، وخاصة في تعليمه الموسيقى، فقد كان يضربه عند ارتكابه لأي خطأ في عزف البيانو، وفي بعض الأحيان كان الجيران يسمعون صوت بكائه، ومع ذلك كان بيتهوفن مغرمًا بالموسيقى، وكان يتمتع بقدرة عالية على الاستيعاب.
كان بيتهوفن يتمتع بذكاء شديد، وفي في سن السادسة عزف أمام الإمبراطورة ماريا تيريزا، ونظمت أول حفلة موسيقية لبيتهوفن في السادس والعشرين من شهر آذار عام 1778م، وأطلق عليه موزارت لقب "الطفل المعجزة ذو الست سنوات"، وعندما بلغ 12 عامًا، نشر أول عمل موسيقي من تأليفه، وفي عام 1784م ساءت حالة والده الصحية بسبب إدمانه على شرب الكحول، ولم يعد يستطيع الغناء، ولم يعد قادرًا على إعالة أسرته، فطلب بيتهوفن تعيينه عازفًا للأورغن في الأبرشية، ولاقى طلبه الموافقة، وتقاضى راتبًا سنويًا مقداره 150 فلورينزًا، وقد وصل عمر 11 عامًا دون أن يتعلم شيئًا سوى الموسيقى.
لم يكن بيتهوفن يتقن الأمور الأساسية في الحياة، كالعلاقات الاجتماعية، والدراسات، والعلوم، وعندما بلغ 14 عامًا عمل عازفًا للأرغن، ومساعدًا لابن الإمبراطورة ماريا تيريزا، ووصوله لهذا المنصب يثبت المستوى الفني الرفيع الذي وصل إليه بالرغم من عمره الصغير، وكان يعمل بالنيابة عن عازف الأورغن وقت غيابه، كما أنه عمل في مسرح القصر كعازف للهاربسيورد، وكان يدرب المغنيين، ثم بدأ يتعلم التأليف، والتقى "نيف" الذي كان سببًا رئيسيًا في إذاعة صيته، فقد اكتشف الموهبة المعجزة في هذا التلميذ العبقري[١][٢].
مرض بيتهوفن ووفاته
أصيب بيتهوفن بصمم بسيط سنة 1802، مما جعله ينسحب من الأوساط الفنية تدريجيًا، وبالرغم من ذلك لم يبتعد عن الإنتاج الفني، ولكن أعماله الفنية اتخذت منحنى آخر، وقد زادت حالة الصمم لديه، فابتعد عن العزف في الاحتفالات العامة، وابتعد عن الناس، واتجه للعزلة، وقلّ عدد مؤلفاته، وأصبحت أكثر تعقيدًا، وتعد سيمفونيته الخامسة والتاسعة من أكثر سيمفونياته شعبية، وقد كتبهما وهو أصم، كما أنه أضاف الكلمات والغناء إلى سيمفونيته التاسعة، وعاش بيتهوفن قسمًا من حياته في قرية هيليجنشتادت، الواقعة بالقرب من جوتنجن، للاستفادة من الحمامات الكبريتية الموجودة فيها، وفي أحد الأيام ذهب للتجول في إحدى الغابات القريبة، فكان بالقرب منه راعٍ ينفخ في المزمار، ولكنه لم يستطع سماعه، فتأكد أنه تحول إلى إنسانٍ أصمٍ بالكامل، [٣]وقد مرّ بيتهوفن بحالة شديدة من اليأس والإحباط، بسبب إعاقته، إلا أنه قاوم كل أحزانه وأوجاعه، ووجه كل طاقته نحو التأليف الموسيقي، وتوفي سنة 1827م، في مدينة فيينا[١].
إنجازات بيتهوفن
قرر بيتهوفن السفر إلى فيينا بعد اقتحام الثوار الفرنسيين لمقاطعة كولونيا، فدرس الموسيقى بإخلاص ونشاط مع الموسيقيين الكبار مثل: يوهان ألبريشتسبيرجر، وأنطونيو ساليري، وهايدن، فاشتهر كثيرًا لموهبته العظيمة في عزف البيانو، وقد كان موهوبًا جدًا في الارتجال، وفي تلك الفترة التقى عدة أشخاصٍ قدموا الأموال والسكن له، وفي التاسع والعشرين من شهر آذار عام 1795، ظهر لأول مرة في إحدى الحفلات، وأدى أول كونشيرتو بيانو، وبعد هذه الحفلة بفترة قصيرة نشر سلسلة " Opus 1" للبيانو، التي حققت نجاحًا ماديًا كبيرًا[٢].
وفي أوائل شهر نيسان عام 1800، عُزفت في المسرح الإمبراطوري الملكي أول سيمفونية لبيتهوفن في مدينة فيينا، فنالت إعجاب الجمهور، وأصبح بيتهوفن بعدها من أهم الموسيقيين في أوروبا، وأكمل بعد ذلك تأليف قطعٍ موسيقيةٍ متنوعة، وفي سنة 1801 نشر "الرباعيات الوترية الستة"، والتي ضاهت مؤلفات هايدن وموزارت في جمالها وبراعتها، وبعدها ألف باليه "The Creatures of Prometheus" التي تميزت بشعبية كبيرة، ثم ألف السيمفونية الثالثة والتي تعد من أكثر أعماله أصالة، وفي هذا الوقت عانى من الصمم، ووضح في رسالة كتبها لصديقه فرانز فيغلر عام 1801 مدى حزنه وإحباطه من حالته الصحية، واستطاع بيتهوفن بأعجوبة متابعة تأليف أعماله الموسيقية، وذلك في الفترة الواقعة ما بين عامي (1803-1812)، وأُطلق على هذه الفترة اسم "الفترة البطولية"، فألف بيتهوفن ست سيمفونيات، وست سوناتات وترية، وخمس رباعيات وترية، وسبع سوناتات بيانو، وأوبرا وحيدة هي "Fidelio"، واثنين وسبعين نشيدًا، وأشهر معزوفاته هي"Moonlight Sonata"، وسوناتا الكمان"Kreutzer".[٢].
أعمال بيتهوفن
ألف بيتهوفن العديد من الأعمال الفنية، وهي خمس مقطوعات موسيقية باستخدام البيانو، وتسع سيمفونيات، ومقطوعة واحدة على الكمان، كما أنه ألّف مقطوعاتٍ استخدامت كمقدماتٍ للأوبرا، وأما عن أهم سيمفونياته وأبرزها فهي: التاسعة، والسادسة، والخامسة، وقد قسّم النقاد أعمال بيتهوفن إلى ثلاثة أقسام، وهي[١]:
- المرحلة الأولى: تميزت هذه المرحلة بسيطرة الطابع الكلاسيكي لموتسارت، وهايدن، وامتدت من سنة 1795م وحتى 1803م، وضمت هذه المرحلة ما يقارب خمسين عملاً، وتتكون من سوناتات البيانو، وكان أهمها "المؤثرة"، و"ضوء القمر"، والسيمفونية الأولى والثانية، وقد ذاع صيتهما في تلك الفترة.
- المرحلة الثانية: تميزت هذه المرحلة بالرومنتيكية، والثورية، والشاعرية، وامتدت هذه المرحلة من سنة 1804م وحتى 1816م، وضمت سيمفونيته الخامسة، وافتتاحيات "اجمونت"، و"كوريولان"، وأوبرا "فيديليو".
- المرحلة الثالثة: وتمثل هذه المرحلة آخر عشر سنوات من حياة بيتهوفن، وضمت هذه المرحلة عدة أعمالٍ منها: القداس الكبير، ورباعياته الوترية الأخيرة، وسيمفونيته التاسعة.
المراجع
- ^ أ ب ت هدير محمد (2015-6-21)، "قصة نجاح بيتهوفن"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-11. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "من هو بيتهوفن Ludwig Van Beethoven؟"، arageek، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-11. بتصرّف.
- ↑ "لودفيك فان بيتهوفن"، المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-11. بتصرّف.