محتويات
إرم ذات العماد
تعد إرم قبيلةً من أبناء عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام، وصفها الله عز وجل بذات العماد لطول وضخامة بيوتهم، وعُرفوا بقوتهم التي لا مثيل لها وأجسادهم الضخمة، إذ قال ابن عباس: "كان الرجل منهم طوله خمسمئة ذراع، والقصير منهم طوله ثلاثمئة ذراع بذراع نفسه"، وآتاهم الله ملكًا عظيمًا، ثم بعث إليهم هودًا عليه السلام، فدعاهم إلى ترك عبادة الأصنام وإلى توحيد الله وشكره على نعمه، لكنهم تكبروا وعتوا وكفروا وكذّبوه، فنجّاه الله وأهلكهم، {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ، سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ، فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ}[١].[٢][٣]
موقع إرم ذات العماد
تقع مدينة إرم في صحراء الربع الخالي، ولكنّها اختفت تحت الرمال نتيجة عاصفة رملية غير متوقعة، وهاجر سيدنا هود عليه السلام إلى حضرموت بعد كفر سكانها ونزول العقاب بهم، وتوفي ودفن فيها، وبقيت هذه المدينة مختفية وممسوحة عن الأرض حتى الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي، إذ تقدم علماء الآثار كثيرًا نحو استكشاف الحضارة التي جعلها الله عز وجل عبرةً للعالمين، وقد أعلنوا عن اكتشاف قلعة ذات أعمدة ضخمة يبلغ طولها تسعة أمتار، وقطرها ثلاثة أمتار سميكة الجدران، ويُمكن القول أنّه قد كُشف عن قصة (إرم ذات العماد) مدينة قوم عاد في الكشوف الأثرية الحديثة، مما يُثبت ما ذكر عنها في القرآن الكريم[٤]
قصة هود عليه السلام
كان قوم عاد أعظم الأشخاص خَلقًا وأشدهم قوةً وأطولهم جسدًا، وكانوا يتفاخرون بقوتهم، كما أنهم شيدوا البنيان ترفًا وتكبرًا، وبعث الله لهم هودًا مذكرًا لهم بنعم الله، وداعيًا لهم لتوحيد الله وشكره، لكنهم أصروا على أن يكونوا أول الأقوام بعد الطوفان الذين عبدوا الأصنام، ووصفوا نبيهم بالسفاهة والجنون، إذ قالوا له: إنا لنراك في سفاهة، وقالوا: وما نحن لك بمؤمنين، وظلموا الضعفاء وبطشوا بالمساكين، واستهزؤوا بالبعث والنشور، حتى جاءهم اليوم الذي كانوا يوعدون، فمنع الله عنهم المطر وأجدبت الأرض، ثم ساق لهم سحابةً، فاستبشروا بها، فإذا بها عذاب الله؛ ريح عقيم، لا خير فيها ولا بركة، وشديدة البرودة، وترفع الرجل عن الأرض ثم تنكسه على رأسه فينفصل عن جسده، وسلطها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ متواصلة، فأصبح لا يُرى منهم إلا مساكنهم، وجعلهم الله عبرةً لمن بعدهم.[٥]
وتوجد عبر ومواعظ عدة لقصة هود عليه السلام، وفيما يأتي ذكرها[٥]:
- عاقبة الظلم والاستكبار، انتقام العظيم الجبار؛ إذ قال قوم عاد: من أشد منا قوة، فكان عقابهم الريح، ولا يغفل الله تعالى عن الظالمين، إنما يستدرجهم ثم يهلكهم إهلاكًا شديدًا.
- يعد مفتاح النصر للمؤمنين الذي هو نهج الأنبياء والصالحين التوكل على الله والتوجه له بالدعاء، كما قال هود عليه السلام: ﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ﴾[٦] وقال:﴿ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ﴾[٧]، ولكن قد يتأخر نصر الله لحكمة ما.
- يعد الاستغفار والتوبة أعظم أسباب الرزق الوفير والزيادة في النعم، فقال هود لقومه: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [٨].
قصة إرم ذات العماد
شداد وشديد أبناء عاد، ويتميزان بالكفر والبطش الشديد، عمل شداد وشديد بكل بطش في الحرب حتى استولوا على جميع ملوك الأرض، ومات شديد واستمر شداد بالكفر وعبادة الأصنام وكان يحب قراءة الكتب والترفيه، وكان كلما قرأ كلمة الجنة يسأل عنها ويستفسر عنها، وأمر بإنشاء جنة يتحدى بها الله والعياذ بالله، إذ أمر بجمع الأموال والياقوت والذهب والألماس والزعفران واللآلئ من البحار والجبال وأمر ببناء الجنة بهذه الثروة الكبيرة التي جُمعت، كما أمر بطلائها بالذهب وأنشأ سورًا لها، وأنشأ بحرًا من الماء العذب وبنى الأشجار من الياقوت والذهب، وقد أرسل الله سيدنا هود لقوم عاد لدعوتهم إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام إلا أنهم لم يستجيبوا له ووصفوه بالجنون، وقد تبرأ سيدنا هود منهم ومن أعمالهم ومما يعبدون .[٩]
عقاب قوم هود
استمر قوم هود بالاستهزاء منه كما طالبوه بأن يرسل الله عليهم العذاب، إلا أن سيدنا هود دعا الله وطلب نصره، وجاء الرد من الله بأن يصبر وأنه سوف يعاقبهم عقابًا شديدًا، فقطع الله عنهم مياه الأمطار لمدة ثلاث سنوات فلم تنزل قطرة واحدة فأصابهم الجفاف والقحط وهلاك الحيوانات ونفاذ الأموال، فتوجه القوم بالدعاء وطلب الأمطار من الإله ولم يطلبوا من الله، وقد سمعوا صوتًا من السماء يخيرهم بين السحب البيضاء أو الحمراء أو السوداء، فاختاروا السوداء وشكروا الآلهة ظنًا منهم أنها من بعثت الأمطار، فأرسل الله السحب السوداء مع رياح شديدة قلعت الأشجار وقلعت كل شيء على الأرض، واستمر العقاب سبع ليال وثمانية أيام حتى مات كل من على الأرض، هكذا عاقب الله قوم عاد الذين عصوا الله وأنكروا وجوده[١٠].
اكتشاف مدينة إرم ذات العماد
في عام 1990 انتشرت أخبار حول اكتشاف مدينة عربية مفقودة أسطورة الرمال، وقد لاحظ العلماء والمفسرون ذكر قوم عاد في القرآن الكريم، واكتشفها نيكولاس كلاب وهو عالم آثار، وأطلق اليونان عليها اسم العرب السعيد وسميت في العصور القديمة باليمن السعيدة، وكشفت الدراسات بأن هذه المدينة قد طُمرت بالرمال، وعُثر على علامات تدل بأنها كانت أرضًا خصبة قبل أن تتحول إلى صحراء قاحلة كما جاء في القرآن الكريم.[١١]
المراجع
- ↑ سورة الحاقّة، آية: 6-8.
- ↑ "المقصود بـ {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } رابط المادة: http://iswy.co/e3h2a"، ar.islamway، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2019. بتصرّف.
- ↑ "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"، library.islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2019. بتصرّف.
- ↑ "الكشف الحديث عن {إرم ذات العماد}"، al-eman، اطّلع عليه بتاريخ 29-9-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "قصة عاد في القرآن"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 29-9-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية: 56.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 26.
- ↑ سورة هود، آية: 52.
- ↑ "أين إرم ذات العماد ومن بناها "، thaqfya، اطّلع عليه بتاريخ 27/8/2019. بتصرّف.
- ↑ "معلومات عن مدينة إرم ذات العماد"، edarabia، اطّلع عليه بتاريخ 27/8/2019. بتصرّف.
- ↑ "المدينة التي ذكرت في القران الكريم إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد"، sakafnews، اطّلع عليه بتاريخ 27/8/2019. بتصرّف.