مدينة قوم عاد
مدينة إِرَمَ هي مدينة تقع في اليمن ما بين حضرموت وصنعاء، وهي المدينة التي كان يسكنها قوم عاد الذين ينتمون إلى فئة العرب البائدة، ويعني لفظ "إرم" مدينة الألف عمود، وقد ذُكرت في القرآن الكريم بلفظ "إِرَمَ ذات العماد" في قوله تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ}[١]، وهذا بالطبع للدلالة على عظم هذه المدينة، وقوّتها، وعلو بنائها، ويرجع بعض المورخون نسب قوم عاد إلى "إِرَمَ بن سام بن نوح"، وقد كان اسم إِرَمَ عند الأمم القديمة اسمًا لابن من أبناء سام، ومن الجدير بالذّكر هنا أنّ بعض المؤرّخين اختلفوا في تسمية إِرَمَ، فبعضهم ذهب إلى أنّها اسم المدينة التي سكنها قوم عاد، بينما قال البعض الآخر مثل الطّبري أنّها اسم قبيلة وليس مدينة.[٢]
اكتشاف مدينة قوم عاد
إِرَمَ المدينة العربيّة المفقودة، التي طُمرت ومن يسكنها بالرّمال حتّى اختفى أي أثر لهم من على وجه الأرض، الأمر الذي دعى المؤرّخين الغربيّين إلى التّشكيك في أصل وجود هذه المدينة، واعتبروها من الأساطير والخرافات القديمة، لكن في الآونة الأخيرة وبعد اكتشاف أرشيف مدينة إيبلا، وجدوا ذكر لمدينة إِرَمَ في سجلاّت مدينة إيبلا التّجاريّة، ما أعطاهم تأكيدًا على وجودها، وباستخدام صور الأقمار الصّناعيّة في المنطقة التي يُعتقد أنّ قوم عاد سكنوها، وبالاستعانة بالصّور من وكالة ناسا، في بداية الثّمانينات أيضًا، لاحظ المؤرّخون الغربيّون مدينة قديمة أطلقوا عليها اسم "أطلانطس الرّمال"، ويعتقد بعضهم أنّها قد تعود لمدينة قوم عاد.[٣]
قصّة قوم عاد
كان قوم عاد أوّل من عبدوا الأصنام بعد الطّوفان العظيم، وكان لديهم ثلاثة أصنام رئيسية هي؛ صد، وصمود، وهرا،[٤]وكانوا قومًا شديدي البأس، وطوال القامة، وعظيمي القوّة، وكانت مساكنهم عظيمة شاهقة ذات أعمدة ضخمة، وقد فتح الله عليهم أبواب رزقه من الأموال والبنين، وفجّر لهم العيون، وأنبت لهم فيها مختلف الزّروع، فكانت عيشتهم مترفة، فيها الكثير من اللّهو والمفاخرة، وإظهار القوّة.[٥]
وقد بعث الله سبحانه وتعالى إليهم سيّدنا هود عليه السّلام برسالة التّوحيد، والدّعوة لعبادة الله الواحد الأحد لا شريك له، وأمرهم أن يشكروا الله تعالى على نعمه، لكنهم جحدوا، وكابروا، وأصرّوا على عبادة الأصنام، بل وقالوا عنه أنه مجنون، وزادوا في طغيانهم، ورفضوا تصديق البعث والنّشور، وتجبّروا وطغوا على الضّعفاء، فلم يقوموا بحق الخالق، ولا المخلوق تكبّرًا على الله جلّ وعلا وتجبّرًا على العباد، فكان عقابهم من الخالق أن أرسل عليهم ريحًا عقيمة، صرصرًا باردة شديدة لا خير فيها ولا بركة، ومحمّلة بالأتربة والرّمال، ولها صوت قوي مفزع، وسلّطها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيّام، دون أن تنقطع عنهم لحظة، فأهلكتهم ودفنوا هم ومدينتهم التي تفاخروا بها، وبقوّتهم، وجبروتهم تحت التّراب، فأصبحوا أثرًا بعد عين.[٥]
قد يُهِمُّكَ
عند ذكر مدينة إرَمَ لابد من التحقّق من تاريخها لمعرفة من أمر ببنائها، والسّبب الذي دفعه لبنائها بهذه الصّورة الفارهة؛ إذ يذكر بعض المفسّرين أنّ من أمر ببنائها هو الملك "شدّاد بن عاد"، وكان ملكًا شديد البأس وقوي الهيبة، ولمّا جاء على مسامعه جنّة عدن التي وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بها، قال: "أَبني في الأرض مثلها"، وسخّر ميزانيّة مهولة وضخمة لبنائها، فكانت قصورها من ذهب وفضّة، وشق فيها الأنهار، وأمر بزراعة أنواع مختلفة من الأشجار، فكانت مدينة فاخرة، وأهلها مترفون، وهو ما قاله القرطبي رحمه الله في ذكر مدينة عاد ووصفها، لكن بعض العلماء كانوا قد أنكروا تلك القصة، وعدوها من الخرافات التي أُخذت عن بني إسرائيل.[٦]
المراجع
- ↑ سورة الفجر، آية:7- 8
- ↑ "مدينة قوم عاد .. إرم ذات العماد "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-25. بتصرّف.
- ↑ "إرم ذات العماد"، المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-25. بتصرّف.
- ↑ "قصة هود عليه السلام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-25. بتصرّف.
- ^ أ ب "قصة عاد في القرآن"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-25. بتصرّف.
- ↑ "قصة شداد بن عاد ، وبيان بطلانها ."، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-25. بتصرّف.