محتويات
موقع مدينة بعلبك
بعلبك هي مدينة من مدن محافظة البقاع الواقعة في لبنان شمال شرق عاصمتها بيروت، تمتد بعلبك شرقي نهر الليطاني على مسافة 1.17 ألف متر، وتعد مركز قضاء محافظة البقاع، كما وتعد من المدن التاريخية في المنطقة كاملة، يبلغ عدد سكانها قرابة 250 ألف نسمة يعتنق أغلبهم المذهب الشيعي، حظيت بعلبك عبر التاريخ أهمية كبيرة وذلك لوقوعها على مفترق للطرق تربط الساحل المتوسطي بالبر الشامي وشمال سوريا بشمال فلسطين، واستفادت المدينة من موقعها لتصبح مركزا تجاريًا ومحجًا دينيًا أكسبتها شهرة واسعة في المنطقة، كما وبنيت فيها الكثير من الأضرحة التي تجذب السياح والمعابد الكبيرة في العهد الروماني، كما وتشتهر المدينة بالمهرجانات العالمية التي تشد أكبر الفنانين إليها سواء العرب أو الأجانب، وجاء تسمية بعلبك بهذا الاسم من تركيب كلمتين هما بعل ويعني رب وبك وترمز للبقاع، وكان يطلق عليها في عهد الرومان هيليويولس وتعني مدينة الشمس، وسميت أيضًا بالقلعة في عهد الأمويين، وتحتوي المدينة الكثير من الآثار العائدة للعهد الفينيقي واليوناني، كما وضمت منظمة اليونسكو المدينة إلى قائمة التراث العالمية.[١]
بعلبك بين الماضي والحاضر
بعلبك مدينة قديمة مأهولة منذ القدم، أنشأها الفينيقيون في أوائل سنة ألفين قبل الميلاد، وأقاموا فيها هيكلًا لعبادة إله الشمس بعل الذي استمدت المدينة اسمها منه، ثم احتلها الإغريق بقيادة الإسكندر الأكبر في العام ثلاثمئة وأربعة وثلاثين قبل الميلاد، وغيروا اسمها ليصبح "هيليوبوليس" أو مدينة الشمس، أو مصر الجديدة، ومن بعدهم وقعت مدينة بعلبك تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية في القرن السادس قبل الميلاد، فقاموا بتحسين موقع المدينة من خلال إقامة مشاريع بناء ضخمة، وإنشاء قنوات مائية، وممرات، وطرق متميزة، ولما كان عهد الإمبراطور سبتيموس سيفيروس قام ببناء معبد جوبيتر الكبير الذي يعد أحد أكبر المباني الدينية في تاريخ الإمبراطورية الرومانية على مر التاريخ. وما زالت آثار هذا المعبد المثير باقية حتى يومنا هذا. أما في العصر الإسلامي الذي ابتدأ بانتصار المسلمين على البيزنطيين في معركة اليرموك، فأصبحت بعلبك تدعى "القلعة"، فقد تم تقوية الجدران وتعزيزها لتصبح المدينة قلعة يتحصن بها المسلمون من الأعداء، كما أحيطت المدينة في ذلك العهد بسور منيع ما زالت آثارة باقية إلى العصر الحالي، هذا بالإضافة إلى قيام المسلمين ببناء مسجد وسط المعابد التي ظلت شاخصة منذ العهد الروماني، وفي العصر العثماني، وتحديدًا في العام ألف وثلاثمئة واثنين وسبعين، حدث سيل مهول في المدينة أدى إلى وفاة الآلاف من السكان، بالإضافة إلى تدمير عدد من المنازل والمحال التي أتى عليها طوفان الماء وطمرها تحت الرمال التي جرفتها السيول، أما اليوم فتعد مدينة بعلبك واحدة من أهم المدن اللبنانية التاريخية، وهي المدينة الأنشط سياحيًا، حيث يؤمها السياح من كل دول العالم، بل هي جوهرة المدائن السياحية اللبنانية التي يقصدها الفنانين، والمشاهير لحضور المهرجانات، والتقاط الصور التذكارية قريبًا من الآثار القديمة، والمعالم السياحية الكثيرة المتميزة.[٢]
أهمية بعلبك السياحية
تمتلك مدينة بعلبك طبيعة متوسطة ورائعة، إذ تجمع بين الجبل والبحر والسهل، وتعد القلعة الرومانية الشهيرة من أهم معالم الجذب السياحي في المدينة، إذ يحتوي محيط هذه القلعة على العديد من المعابد الّتي حافظت على بنيتها لقترة طويلة دون أن يطرأ عليه أي تغيير، كما تطل هذه المدينة على البحر على ارتفاع يزيد عن ألف متر عن السطح، وعرفت بعلبك منذ قديم الزمان باسم "مدينة الشمس"؛ لأنها تشتهر بالآثار القديمة الّتي تعود إلى العهد الروماني، والمعبد في قلعتها المبني من الحجارة الضخمة الّتي رُتبّت بدقة يعجز العلم العديث عن اكتشاف طريقة بنائه، إذ يمكن ملاحظة قدرة المعبد على الصمود طيلة هذه المدة الزمنية، وتتميّز هذه القلعة بارتفاع أبوابها الّتي تصل إلى 13 مترًا وعرض 6 أمتار، وتتوّج أعمدتها المتصلة ببعضها البعض بتيجان مزخرفة.[٣]
والجدير بالذكر أن القلعة تحتوي على تارخ حافل؛ بسبب توالي الحضارات عليها، إذ حوّلت إلى كنيسة في العصر البيزنطي، أما وجهته الجنوبية الشرقية فتحولت أحد الأبراج الّتي كانت لعصر المماليك إلى قلعة يقيم فيها الوالي، وتجمع بعلبك عددًا لا بأس به من المعالم الإسلامية؛ مثل مقام السيدة خولة، الجامع الكبير الّتي بني في العصر الأموي، كما شيّد الرومان الساحة الرومانية المعروفة، وتحتوي على جامع النهر، وجامع الحنابلة، وجامع الصاغة، كذلك المدرسة النورية، كما تحتوي المدينة على سوق قديم للتراث وبيع القطع التقليدية والشعبية.[٣]
آثار مدينة بعلبك
شيد الرومان في مدينة بعلبك ثلاثة معابد ضخمة هي جوبيتير وفينوس وميركوري، إلا أن الكثير من معالمها تعرضت للتدمير بسبب الزلازل التي تعرضت لها المدينة في القرن السادس للميلاد، ويعد معبد جوبيتير هو أضخم المعابد الرومانية على الإطلاق، ولم يبق من أعمدته إلا ستة من أصل 54 عامودًا، كما ويعد معبد باخوس من أكثر المعابد الرومانية التي حافظوا عليها في منطقة الشرق الأوسط، أما خلال فترة الحكم الأموي فقد شيّد مسجد ما تزال آثاره قائمة أمام مدخل الأكروبوليس، كما ويوجد في بعلبك بقايا لمسجد أم عياد الذي قيل أنه بني على أنقاض كنيسة مار يوحنا التي بنيت في عهد البيزنطيين، كما ويوجد في المدينة آثار لسكة القطار التي بناها الفرنسيون في الثلاثينات من القرن الماضي، كما وتحتوي المدينة على فندق بالميرا الذي شيد قبل قرابة 120 عامًا ويوجد فيه متحف يعكس تاريخ وحضارة بعلبك.[٤]
المعالم الأثرية في بعلبك
تعد مدينة بعلبك ثروة أثرية لبنانية في غاية الأهمية؛ لما تحتويه من آثار متميزة يمكن استغلالها والاستثمار فيها على صعيد السياحة الثقافية، والتاريخية، والبيئية، ومن أهم هذه الآثار:[٥]
- قلعة بعلبك: تبعد القلعة عن بيروت حوالي خمسة وثمانين كيلو متر، وترتفع عن سطح البحر (1150) مترًا تقريبًا، وتتألف من الدكة، والرواق المقدم، والساحة الكبيرة ، والبهو المسدس، والمذبح، والبرج، وتحوي داخلها معبدي جوبيتر وباخوس، إضافة إلى معبد فينوس.
- الجامع الأموي الكبير: ويقع عند مدخل القلعة، ويعود تاريخ بنائه إلى العصر الأموي، إذ بني من أعمدة الغرانيت وحجارة المعابد الرومانية القديمة، أما حديثًا فقد قامت مؤسسة الحريري بترميمه وجعله مكانًا لإقامة الاحتفالات الدينية في عيدي الأضحي المبارك، والفطر السعيد.
- حجر الحبلى: ويقع على مدخل مدينة بعلبك من الناحية الشرقية، ويبلغ طوله (21.50) مترًا، بينما يقدرعرضه بـ (4.80) مترًا، أما ارتفاعه فيصل إلى (4.20) مترًا، في حين يقدر حجمه بـ (422) مترًا مكعبًا، بينما يقدر وزنه بألف طن تقريبًا، وهذا ما جعل منه أكبر حجر منحوت العالم.
- قبة السعيدين: تقع قبة السعيدين شمال غرب قلعة بعلبك، وهي عبارة عن ضريح ذي قبة يضم قبورًا لعدد من حكام مدينة بعلبك من المماليك، حيث تم بناؤه في عهد الملك الناصر فرج عام (1409) للميلاد.
- قبة الأمجد: تقع هذه القبة على تلة الشيخ عبد الله المطلة على بعلبك من جهة الجنوب، وقد تم بناؤها في عهد الملك الأمجد بهرام شاه، حفيد القائد صلاح الدين الأيوبي، وتتألف من زاوية، ومسجد، وفيها قبر السيخ عبد الله اليونيني الذي سميت التلة باسمه.
- رأس العين: وهو نبع ماء قديم يقع إلى جنوب شرق المدينة، وفيه بقايا مذبح روماني، وجامع أيوبي يعود إلى سنة (1277) للميلاد.
- قبة دروس: وهي عبارة عن ضريح يرجع إلى العصر الأيوبي، يقع إلى اليسار من مدخل مدينة بعلبك الجنوبي، وقد كانت هذه القبة قديمًا مركبة على ثمانية أعمدة من الجرانيت الأحمر، بارتفاع أربعة أمتار.
تاريخ بعلبك
حكم بعلبك اليونان في عام 332 قبل الميلاد، وعلى يد إسكنر الأكبر عام 323 قبل الميلاد، ووقعت بعلبك فيما بعد تحت حكم سلالة البطالمة في مصر والّتي كانت تسمى باسم هليوبوليس، وبحلول عام 200 ميلاديًا غزا سلوقييّ أنطاكيا المنطقة، وظلّت تحت حكم السلوقيين حتى 64 قبل الميلاد، وبعد هذه الفترة أصبحت المنطقة تحت السيطرة الرومانية، وبعد عدّة عقود أصبحت مستعمرة رومانية تم تسويتها بواسطة الجحافل، وبعد ذلك انتقلت بعلبك إلى الأيدي البيزنطية، وبحلول عام 637 ميلاديًا خضعت بعلبك إلى الهيمنة العربية، ومنذ ذلك الوقت وحتى القرن العشرين كانت تدار من قبل مختلف الحكّام المسلمين في سوريا، وبعد الحرب العالمية الأولى وقعت بعلبك تحت الانتداب الفرنسي.[٦]
دمّر زلزال كبير جزءًا من المستوطنة القديمة في بعلبك، وبدخول الفترة من 1898 ميلاديًا إلى 1903 ميلاديًا، بدأت بعثة ألمانية بالتنقيب عن المعبدين الرومانيين الهائلين، وبدأت بإعادة بناء الأنقاض، ونفذت عمليات إزالة وإصلاح واسعة النطاق في ظل الانتداب الفرنسي، وبعدها جاءت الحكومة اللبنانية واهتمت بالأمر، وبحلول منتصف السبعينيات من القرن الماضي تراجعت عمليات الإصلاح والحفاظ على معالهمها؛ بسبب جعل بعلبك معقلًا للقوات الفلسطينية وحزب الله والقوات السورية في لبنان، وأُعيد مباشرة الاهتمام بها مرة أخرى بعد انتهاء لبنان من الحرب الأهلية في التسعينيات، كما ساهمت السياحة في إنعاشها وضخ الحياة فيها.[٦] وتعد مدينة بعلبك الحديثة مدينة مهمة للسياحة الاقتصادية في لبنان، إذ تحتوي على متحف افتتح عام 1998 ميلاديًا موجود في أنفاق تحت فناء معبد كوكب المشتري، كما يقام مهرجان بعلبك الدولي السنوي، إضافة إلى عروض موسيقية ودرامية تقام في فصل الصيف في محيط المعبد، وتعد بعلبك من أكثر الأراضي الزراعية المشهورة بخصوبة تربتها في المنطقة.[٦]
المعالم التاريخية في بعلبك
تعد قلعة بعلبك في جبل لبنان من أقدم المباني في العالم بأسره، إذ تقول الأساطير أن الشيطان أسمودي هو من هندس بعلبك وأسسها لقابيل ابن آدم بعدما قتل أخاه، إذ قال المؤرّخ دافيد هيركات أن هياكل بعلبك بُنيت قبل طوفان سيدنا نوح؛ لأن حجارة الهياكل نقلت على ظهر الحوت الذّي انقرض بالطوفان، إذ أن حجمه يكبر الفيل بعشر مرات، كما شاع بين المؤرخين العرب أن مردّة سليمان هم الذين أشادوا هياكل بعلبك؛ لأنها لا يمكن أن تكن من صنع البشر، كما تعد أكثر أجزاء المدينة شهرة هي القلعة الرومانية الّتي تضم داخلها معبد جوبيتر وباخوس، ويكمن جانبها معبد فينوسز، وما تزال هذه الآثار محفوظة حتى وقتنا الحالي، ومنذ حلول القرن السابع عشر الميلادي، بدأ البحث العلمي عن آثار القلعة، فبحلول سنة 1751 ميلاديًا قام المؤرخان البريطانيّان روبرت وودس وجيمس دوكنز بنقش ورسم تفاصيل المباني، وبين سنتيّ 1900 و1904 ميلاديًا كشف العلماء الألمان الأجزاء الرئيسية الثلاثة للمعابد، ورسموا كل الآثار المحفوظة، وبحلول سنة 1930 ميلاديًا تابع المؤرّخ الفرنسي أثريون أعمال الحفر، وخاصة في منطقة معبد جوبيتر، وفي سنة 1943 ميلاديًا وحتى بدء الحرب الأهلية في لبنان استلم اللبنانيّون مهمّة الحفر في بعلبك لتستمر عملية البحث والتنقيب حتى بعد الحرب بالتعاون مع البعثات الألمانية.[٧]
معلومات عن مدينة بعلبك
من أهم المعلومات عن مدينة بعلبك ما يلي:[٨]
- سكن الناس في بعلبك منذ حوالي 9000 سنة قبل الميلاد وأصبحت موقعًا هامًا جدًا للسياحة من جميع دول العالم.
- يعد مناخ بعلبك مناخًا دافئًا ومعتدلًا، وعادة ما تكون أشهر فصل الشتاء ممطرة أكثر من أشهر فصل الصيف.
- يوجد في مدينة بعلبك عدد كبير من المدارس والمجمعات التعليمية التي تستقبل عددًا كبيرًا من الطلاب من كل مكان في العالم.
- يقام في مدينة بعلبك مهرجان بعلبك الدولي الذي بدأت فعالياته منذ عام 1956م، والتي تقام خلال الفترة بين شهر يوليو وأغسطس، ويعد من أقدم وأعرق مهرجانات بعلبك ولبنان، ويقدم في هذا المهرجان عروضًا موسيقية كلاسيكية وأوبرا والروك عدا عن عروض الباليه.
- تتميز أراضي بعلبك بأنها أراضٍ زراعية وبأجوائها الرائعة جدًا.
المراجع
- ↑ "بعلبك"، معرفة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-1.
- ↑ "معلومات عن مدينة بعلبك لبنان"، murtahil، 10 أبريل، 2019، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-16. بتصرّف.
- ^ أ ب "بعلبك … مدينة الشمس"، tourismomag، اطّلع عليه بتاريخ 26-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "بعلبك: مدينة الشمس تنام على أمجاد تاريخها"، القدس العربي، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-1.بتصرّف.
- ↑ "الآثار"، baalbak، اطّلع عليه بتاريخ 2019-9-16. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "Baalbeck", britannica, Retrieved 26-8-2019. Edited.
- ↑ "قلعة بعلبك"، baalbak، اطّلع عليه بتاريخ 26-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "معلومات عن مدينة بعلبك"، مرتحل، 2019-9-1.