موقع عمورية
هي مدينة أموريوم قديمًا التي أُسست في الفترة المسماة بالهلنستية، أخذت بالتطور والازدهار في فترة حكم الإمبراطورية البيزنطية على أراضي آسيا الصغرى، وتعددت أسماؤها في ظل الحضارات التي تعاقبت عليها، ففي العصر العباسي عُرفت باسم عمورية نسبةً إلى المعركة التي حدثت فيها، وعند سيطرت السلاجقة الأتراك عليها سُميت المنطقة التي تضم جزءًا كبيرًا من الأناضول بأنقرة كما هي معروفة عالميًا اليوم، ومنطقة عمورية اليوم تُعرف باسم سيلفي حصار، وتقع تحديدًا في المنطقة الجنوبية الغربية لأنقرة، أي في وسط غرب الجمهورية التركية اليوم، وما تتميز به عمورية قديمًا أو سيلفي حصار اليوم بوجود المواقع الأثرية، فالمدينة كانت من أكبر وأهم مدن منطقة الأناضول خلال فترة العصور الوسطى، ولاحقًا أصبحت عاصمة مقاطعة الإمبراطورية البيزنطية في منطقة الأناضول، فالمدنية صاحبة تاريخ مليء بتعاقب الحضارات وما فيها اليوم من آثار تدل على ذلك، إذ كانت تتألف من منطقة أو مدينة عليا، والتي كانت عبارة عن قلعة على تل استوطن فيها البشر في عصور ما قبل التاريخ، ومنطقة سفلى أوسع مساحةً يحطيها جدران بُنيت في نهايات القرن الخامس عشر.
ويرجح المؤرخون بأن سبب تسميتها عمورية يعود لاسم بنت الروم بن اليفز بن سام بن نوح، أما بعد المعركة الشهيرة التي حدثت فيها والتي سُميت باسمها فالمدينة هُجرت وما تبقى منها يقع بالقرب من قرية حصار كوي التابعة لمحافظة أفيون في تركيا، ومن أشهر أبناء منطقة عمورية صاحب الحكايات الشهيرة وهو إيسوب الذي له حكايات عُرفت بحاكايات إيسوب. [١][٢]
قصة معركة عمورية
حدثت المعركة في شهر رمضان من العام 223 هـ، إذ أمر الخليفة المعتصم أحد خلفاء العصر العباسي الجيش لخوض معركة مع الروم، أما دوافع الخليفة لهذه المعركة حسب ما أورده المؤرخون أن ملك الروم آنذاك توفيل بن ميخائيل كما كانوا يسموه العرب شنّ هجومًا على ثغر ملطية في منطقة تركيا حاليًا، وثغر زبطرة قبل ذلك بعام، فخرّب ما فيها من أبنية وأسر عدد من نسائها، ومن ضمنهم شريفة تنتسب للسيدة فاطمة رضي الله عنها، فعذبها الملك وصاحت، فشدد عليها العذاب حتى صاحت وقالت وامعتصماه، فرد الملك على صياحها وقال: "لا ياتي على خلاصك إلا أبلق"، أي فرس فيه اللون الأبيض والأسود، فنُقل ما حدث للمعتصم فأمر بركوب الخيل كما وصفه الملك الرومي أي الأبلق، وأعد جيشًا كان في مقدمته وصل عدده إلى أربعة الآف من الفرسان الذين يركبون الخيل الأبلق، وبتفصيل أكثر عند تلقي الخليفة المعتصم خبر نداء الاستغاثة الذي أطلقته السيد الشريفة أنه صاح قائلًا "النفير النفير"، فذهب بجيشه إلى عمورية التي كانت عاصمة المقاطعة البيزنطية آنذاك، تزامنًا مع إرساله لأحد قواده الذي كان يُلقب بالأفشين، لمنطقة تُسمى سروج الواقعة جنوب تركيا، فأعد عدته من جنود وعتاد، وعيّن أمراء الحرب، وفي منطقة سروج قسم الجيش لفرقتين الأولى قادها الأفشين وتوجهت لأنقرة اليوم، والفرقة الثانية كان المعتصم على رأسها، ليلتقي الجميع عند أنقرة، إذ حدثت معركة قبيل معركة عمورية بأيام، وتحديدًا في الخامس والعشرين من شهر شعبان بين الفرقة الأولي التي كان يقودها الأفشين وإمبراطور بيزنطة، فهُزم فيها جيش البيزنطيين، وهرب قائدهم الإمبراطور البيزنطي إلى قسطنطينية (استنبول حالياً)، وعندما التقى بالأفشين وجيشه عند أنقرة دخلوها بعد هروب أهلها منها ليواصلوا السير نحو عمورية، فعند سماع الإمبراطور الهارب لقسطنطينية الأخبار أرسل للمعتصم معتذرًا له عما جرى في ملطية، وأنه على استعداد لإعادة الأسرى ويبني لهم ما دمره، فرفض المعتصم وحاصر حصن عمورية لمدة أحد عشر يومًا، وبدأ بقصف الحصن بالمجانيق والآلات الحربية، الأمر الذي مكّنهم من دخول عمورية في السابع عشر من شهر رمضان عام 223 هـ، وتخليص الأسرى لا سيما السيدة الشريفة. [٣][١]
اختيار الخليفة المعتصم لمنطقة عمورية
تعد هذه المدينة من المناطق الهامة في دولة البيزنطيين بعد قسطنطينية (استنبول اليوم)، فكان سؤال الخليفة المعتصم لمن جمعهم قبل البدء بتجهيز الجيش والرد على ما فعله الروم في منطقة ملطية وزبطرة عن أعظم مدينة بعد قسطنطينية، تولي الدولة البيزنطية اهتمامًا وتتخذها قاعدة كخط مواجهة مع دولة الإسلام العباسية آنذاك، فقيل له عمورية، ويُعدّ المؤرخون أن فتح هذه المنطقة كان بمثابة الانطلاق والتفكير الجاد من المسلمين بفتح قسطنطينية، والتي بالفعل استطاع فتحها القائد العثماني العظيم محمد الفاتح عام 1453م، أي بعد معركة عمورية بأكثر من 600 عام تقريبًا، إذ استطاع المسلمون بفتح عمورية من السيطرة على مناطق غرب الأناضول التي كانت تُسمى آنذاك بآسيا الصغرى، والجدير ذكره في هذا المقام أن منطقة عمورية قد تعرضت من قبل المسلمين للعديد من الهجمات، وذلك لموقعها الهام الذي يصل إلى القسطنطينية، فوصل لأطرافها قبل معركة عمورية بأقل من 200 عام الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان عام 666 م، وسيطر عليها الخليفة يزيد ابنه في محاولته بفتح القسطنطينية عام 669 م، لكن القائد البيزنطي أندرياس استعادها من يد المسلمين، فتجددت المحاولات لفتحها عام 716 م وحصارها، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
وفترة حكم الخليفة العباسي محمد المهدي بقيادة الحسن بن قحطبة كانت هناك محاولة هامة لفتحها وأيضًا لم ينجحوا في ذلك، الأمر الذي يشير إلى أن الخلفاء المسلمين في عصور ما قبل فتح عمورية كانوا على دراية بأهميتها وأهمية فتحها تمهيدًا لفتح أهم مكان يهمّ الإمبراطورية البيزنطية وهي القسطنطينية، ولكن قدّر الله أن تفتح في عهد الخليفة العباسي المعتصم. [٤]
المراجع
- ^ أ ب "أين تقع مدينة عمورية"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "المدينة الأثرية التركية عمورية Amorium"، adwhit، 28-11-2016، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "معركة عمورية.. عندما صرخت امرأة: "وامعتصماه""، amrkhaled، 28-3-2018، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "معركة عمورية انعطافة في العلاقات بين الدولتين العباسية البيزنطية "، iasj، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2019. بتصرّف.