الشاعر فرزدق

الفرزدق

الفرزدق هو شاعر من شعراء العصر الأموي، أما اسمه فهو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، ويكنى أبا فراس، وسمي بالفرزدق لضخامة وتجهم وجهه ومعناه الرغيف، ولد في كاظمة لبني تميم، وقد اشتهر بشعرالهجاء والمدح والفخر وشعر.

أما سنة ميلاده فكانت سنة 38 للهجرة، وهو حفيد صعصعة بن ناجية التميمي الذيكان، يشتهر بافتداء الموؤودات من قومه في زمن الجاهليّة، وأدرك الإسلام وكان جوادًا كريمًا، ونشأ الفرزدق ذرب اللسان لا يسلم منه في الهجاء قريب أو غريب، وأسرف في الهجاء ببني فُقيم لأنّهم قبلوا الدية، فقال:

لقد آبت وفود بني فقيم

بآلمِ ما تؤوب به الوفودُ

فاشتكوه إلى زياد بن أبيه، فطلبه، فخافه الفرزدق، ثم هرب من العراق قاطعًا البادية، ودخل بسعيد بن العاص والي المدينة، فأجاره وأمّنه، ومدحه الفرزدق بقصائد بديعة منها:

ترى الغرّ الجحاجح من قريش

إذا ما الأمر في الحدثان غالا

قيامًا ينظرون إلى سعيدٍ

كأنّهمُ يرون به هلالا [١]


جرير والفرزدق

في القديم استغل المجتمع والسلطة الشعراء لكونهم الأداة الإعلامية الأكثر شهرة لتحقيق أهداف هي الدفاع عن القبيلة أو الحط من شأن القبائل الأخرى والأشخاص المنافسين، فضلًا عن دعم أفكار وخطاب وأيديولوجية السلطة إعلاميًا بين الجماهير، ولا يذكر اسم جرير والفرزدق إلا ويخطر في الذهن تلك الأهداف التي تحققت على أيديهما، وذلك من خلال الافتخار بقبائلهما والانتقاص من الطرف الآخر، ومدح السلطة الأموية ممثلة في الخلفاء الولاة، واشتهر بينهما نمط من الشعر يسمى بـشعر النقائض، والنقائض لون من ألوان الهجاء، وهو فن قديم في الشعر العربي الذي يحط من شأن الآخر، ويستصغر مكانته، ويكشف عيوبه ويبين مثالبه.

وقد عاش جرير والفرزدق في القرن الأول الهجري وعقد من القرن الثاني من الهجرة جنوب العراق في مدينة البصرة، وهي المدينة التي كانت تموج في ذلك الوقت بالحركات السياسية، والفرق الدينية، والعصبية القبلية تحت ظل دولة بني أمية، وأصبحت القبائل التي سكنت فيها، وشكلت أحياء مستقلة بها تتزاحم في المكانة والسيادة، وتستذكر تلك القبائل أمجادها السالفة، وماضيها العتيد، واستكان القوم إلى بعضٍ من الدعة، ووجدت هذه القضايا متنفسًا لها لتظهرعلى السطح، واحتالت القبائل بوسائل لقتل فراغهم، وللتعبير عما في نفسهم من حنين إلى ماضيهم القريب.

أجمع الناس على أن أشعر أهل الإسلام هما جرير والفرزدق والأخطل؛ وذلك لأنهم أعطوا حظًا وافرًا في الشعر لم يعطه أحد في الإسلام، وقد مدحوا أقوامًا فرفعوههم، وذموا أقوامًا فوضعوهم، وهجاهم أقوام فردوا عليهم، فأفحموهم الرد، وهجاهم آخرون، فرغبوا بأنفسهم عن جوابهم فأسقطوهم، هؤلاء شعراء أهل الإسلام، وهم أشعر الناس بعد الشاعر حسان بن ثابت لأنه لا يشاكل شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد.

قيل لبشر بن مروان: أيهما أشعر، الفرزدق أم جرير أم الأخطل؟ فقال: والله ما كان الأخطل مثلهما، ولكن أبت قبيلة ربيعة إلا أن تجعله ثالثهم، فقال: أجرير أم الفرزدق؟ قال: إن جريرًا سلك بعضًا من أساليب من الشعر لم يسلكها الفرزدق، وقد ماتت النوار زوجة الفرزدق وكانوا ينوحون عليها بشعر جرير، وكان يقول الأصمعي: قال أبو عمرو ابن العلاء: الأخطل ثم الفرزدق ثم جرير، وأبو عبيدة كان يقول بمثل قول أبي عمرو.[٢]


فخر الفرزدق

يمزج الشاعر بين الفخر والهجاء، فالهجاء عند الفرزدق موضوع في جو فسيح من الفخر، أما موضوع فخره فكان في قومه ونفسه، وفخره بقومه أشد من فخره بنفسه، فهو أعز الناس بيتًا وأوسعهم خيرًا وأرفعهم شرفًا وكرمًا، وهم أصحاب العقول التي توازي الجبال، والثبات الذي لا يتزعزع.

وقد برع الفرزدق براعة فائقة في الفخر، ذلك لأن مكانة آبائه وأجداده قد مهدت له سبيل القول بالفخر، وتحدى جريرًا وتطاول عليه أن يأتيه بمثل آبائه وقومه.

وقد كان هدف الفرزدق في هجائه الاستعلاء على جرير، فكان فخره في الأغلب ممتزجًا بهجاء جرير ورهطه، أما فخره بقومه فكان من خلال وصفهم بالمكارم التي كان العرب يفتخرون بها، ككثرة العدد والبأس في القتال وحماية الجار، وشرف المنزلة، ونباهة الذكر وقري الضيف ورجاحة العقل، ثم يعدد آباءه ويذكر مآثرهم، كما أن الفرزدق يستغل بعض الحوادث التي هجاه بها جرير، فيجيد الاعتذار لها ويحولها إلى فخر، وحين عجزعن قتل الأسير الرومي الذي دفع إليه قال:

ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم

إذا أثقل الأعناق حمل المغارم[٣]


المراجع

  1. "الفرزدق"، المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 6/7/2019. بتصرّف.
  2. "جرير والفرزدق.. صراع الإعلام العربي في تاريخنا القديم"، ميدان، اطّلع عليه بتاريخ 6/7/2019. بتصرّف.
  3. "الفرزدق"، منتديات البهجة، اطّلع عليه بتاريخ 6/7/2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :