أين تقع قرطبة

الأندلس

كان فتح المسلمين للأندلس عند وصول القائد طارق بن زياد في العام 711م للجزيرة الإيبيرية، وما زال المكان الذي وقف به القائد طارق بن زياد استعدادًا لفتح الأندلس عند مضيق سمي فيما بعد بمضيق جبل طارق، فكان هذا الحدث الذي سُطِّر في التاريخ الإسلامي ويُمجد حتى يومنا هذا، وكانت نتيجته سيطرة المسلمين على معظم مناطق الأندلس ( إسبانيا حاليًا)، وكذلك بعض المناطق في شبه الجزيرة الإيبيرية كالمنطقة المسماة حاليًا بالبرتغال، وعد المؤرخون أن سيطرة المسلمين على إسبانيا ونجاحهم في ذلك يعود إلى أن الشروط التي تعرض لها أهالي الأندلس لم تكن بقساوة ما كان يشترطه عليهم من غزاهم سابقًا كالقوط، وقد عم الاستقرار في ربوع الأندلس خلال عهد الأمويين بقيادة الأمير عبد الرحمن الداخل، والذي انشق عن الدولة العباسية، وأسس حمكًا للأمويين فيها، إذ أقام المسلمون فيها كنزًا حضاريًا ما زالت قصوره وجامعاته شاهدًا على ذلك. [١]


مدينة قرطبة الإسبانية

اُطلق عليها اسم قرطبة من قبل الجنرال "هاميلكار" الذي كان قائدًا للنوميديين، ولكنهم لقوا حتفهم جميعًا في معركة قريبة منها، لتقع المدينة بعد ذلك تحت سيطرة الرومان في العام 206 ق.م، لتبقى على هذا الحال حتى العالم 711م، وهو العام الذي دخل فيه المسلمون لعموم إسبانيا، وهي من المناطق التي دخلها المسلمون بالقوة على خلاف الكثير من المناطق في شبه الجزيرة الإيبيرية، وفي العام 716م أصبحت عاصمة مقاطعة قرطبة، وقد نعمت هذه المدينة بالأمن والاستقرار بين المسلمين والمسيحيين، فكانت بعض مناطق في كنيسة سانت مخصصة لخدمة المسلمين، حتى بناء مسجد كبير فيها، وأيضًا بناء الكنائس وإعادة ترميم المدمرة منها أثناء الغزو، وبعد مرور أكثر من أربعين سنة اختيرت قرطبة عاصمة الولاية الإسلامية التي استقلت في الأندلس، مما جعلها من أكثر مناطق التقدم والتطور الحضاري في العالم لمدة قرنين من الزمن، فقد وصفها بعض الأوروبين على أنها حلية العالم. [٢]


موقع قرطبة في إسبانيا وأهميتها

مدينة قرطبة هي اليوم عاصمة المقاطعة المسماة على اسمها، وهذه المدينة العريقة تقع في منطقة الجنوب الإسباني على ضفة نهر يُسمى "الوادي الكبير"، فالنهر يندفع من أقصى غربها لأقصى شرقها كأطول نهر في إسبانيا، أما إحداثياتها فهي تقع على دائرة العرض رقم 38 إلى الشمال من خط الاستواء، ويبلغ عدد سكانها مع ضواحيها اليوم حوالي 360 ألف نسمة، وتعد ثالث أكبر مدن إسبانيا من حيث عدد السكان وكذلك المساحة، وهي تحوي أهم الآثار التي خلفتها الحضارات التي تعاقبت عليها، فالمدنية كانت عاصمة الدولة الأموية في الاندلس، ومركزًا ثقافيًا في عموم القارة الأوروبية، إذ أدرجتها منظمة اليونسكو كأحد المعالم التراثية العالمية، أما حدود المدينة فشمالًا يحدها جبال "سييرا موينا"، وجنوبًا مناطق شاسعة من الريف الإسباني. [٣]


أهم معالم مدينة قرطبة

عٌرفت المدينة التي أنشأها الخليفة عبد الرحمن الناصر في عصرها الذهبي بمدينة الزهراء، وهذا الاسم أو الكنية للمدينة أتى من اسم زوجته التي اشهت أن يبني لها الخليفة مدينة على اسمها، فهي مدينة الجمال والشعراء والأدباء والعلماء الذين كانوا يأتون إليها من جميع أنحاء العالم، لا سيما دول القارة الأوروبية، ومن أهم معالمها ما يأتي : [٤]

  • مسجد قرطبة : من المساجد التي صنفتها اليونسكو من مواقع التراث العالمي، والذي أمر ببنائه الخليفة في العام 785م، إذ كان يُعرف آنذاك بمسجد الخليفة، ففيه معالم معمارية غاية في الروعة، كالأعمدة والأقبية والنقوش الإسلامية، ولكنه تحول بعد خروج المسلمين من الأندلس لكاتدرائية، كما حصل بالعديد من المساجد في عموم الأراضي الأندلسية.
  • الحمامات العربية : اشتهرت قرطبة بحماماتها ذات الطابع الأندلسي، ففيها ثلاث غرف جدرانها حجرية، وهي من المعالم التي تميزت فيها المدينة في عهدي المرابطين والموحدين، وعلى غرار المساجد تحول الكثير من هذه الحمامات لمتاحف في العام 2006م.
  • قصور قرطبة : القصور هي صفة قرطبة الملازمة لها تاريخيًا، وهي خير شاهد على الحضارة التي تركها المسلمون في عموم الأراضي الإسبانية، ومن أشهرها قصر فيانا الخاص بمقر الخلافة الأموية آنذاك، وفيه 12 باحة صصمها المهندسون الأندلسيون على الطراز الأندلسي، بالإضافة للنوافير والمساحات الخضراء، وحديقة تابعة له بما فيها من نوافير عذبة، كما يوجد فيها أثاث جلود قديمة التي كان يستخدمها الخليفة وحاشيته.
  • الأسوار العربية : ما زالت هذه الأسوار في قرطبة حتى اليوم، فهي مما خلفه الأمويون بهدف تحصينها، كبقية مدن الأندلس، فالسور الغربي رُمم في عهد الخليفة عبد الرحمن الداخل، وهو سور روماني قديم، وأحجاره من القطع الحجرية المهذبة في القطع، بالاضافة لسور القصبة الذي بُني على شكل متوازي الأضلاع وفيه 7 أبواب.
  • قنطرة قرطبة: وهو جسر كبير عُرف باسم قنطرة قرطبة، فهو يقع على نهر قرطبة الأكبر، أي نهر الوادي الكبير، وبطول يصل لـ 400 متر وعرض 40 مترًا وارتفاع 30 مترًا.


اقتصاد مدينة قرطبة

تشتهر قرطبة بالزراعة التقليدية، بالإضافة لمكانتها السياحية في إسبانيا والعالم، وهي تضم آثارًا تاريخية تتفرد فيها دونًا عن عموم المدن السياحية في أروروبا، أي إن اقتصادها قائم على الزراعة والسياحة، وبعض الصناعات التقليدية الخفيفية، كصناعة الفضيات والحلي التي يصنعها أهل المدينة بأنفسهم، ولكنها تعد من المدن الاستراتيجية في إسبانيا، إذ ترتبط اليوم بشكبة من الطرق الواسعة تؤدي لأهم المدن الإسبانية، كمدريد وإشبيلية، والمدن الواقعة في الغرب الإسباني، بالاضافة لمطار متواضع وشبكة قطارات سريعة تصل لمدنية مدريد العاصمة الإسبانية اليوم في حدود ساعتين. [٥]


المراجع

  1. "حكاية المسلمين مع الأندلس في ذكرى دخولهم إلى شبه الجزيرة الايبرية"، bbc، 30-4-2019، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  2. "قرطبة .. زهرة الأندلس"، yallabook، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  3. عالية كريم، "قرطبة مدينة أندلسية لحمتها الحاضر وسداها الماضي"، maakom، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  4. وفاء الحكيري (29-5-2019)، "ماذا تعرف عن قرطبة، زهرة الأندلس؟"، meemmagazine، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  5. "قرطبة"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :