ما حكم تمني الموت؟
نهانا الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن تمنّي الموت، إذ روي عن حارثة بن مضرب أنّه قال: [أتينا خبَّابًا نعودُه فقال لقد طال سَقمي ولولا أنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ لا تتمنَّوُا الموتَ لَتمنَّيتُه وقال إنَّ العبدَ ليُؤجَرُ في نفقتِه كلِّها إلَّا في الترابِ أو قال في البناءِ][١]، ووفقًا لهذا الحديث فلا يجوز لك كمسلم أن تتمنّى الموت بكل الأحوال وأيًا كانت الظروف التي تمر بها، لكن قال صلّى الله عليه وسلّم: [لا يتمنَّيَنَّ أحَدُكم الموتَ مِن ضُرٍّ نزَل به ولكِنْ لِيقُلِ: اللَّهمَّ أَحْيِني ما كانتِ الحياةُ خيرًا لي وتوَفَّني إذا كانتِ الوفاةُ خيرًا لي][٢]، فعليك دائمًا أن تدعو الله بأن يهديك ويُزيل عنك الكآبة والأمراض، واطلب منه عزّ وجل أن يقضي دينك، ويًفُك كُربتك، ويَمدّك بالصحة والعافية طوال العُمر.[٣]
متى يجوز تمني الموت؟
يُعد تمنّي الموت من الأمور التي لا يجوز للمسلم أن ينطق لسانه بها، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: [لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ, وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلا خَيْرًا][٤]، لكن هناك بعض الحالات والاستثناءات التي وضّحها لنا علماء الدّين والتي يجوز لك أن تتمنى الموت فيها، وهي كما يلي:[٥]
- الخوف من الفِتن: فعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْت، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ][٦] وهذا دليل على أنّه يجوز للمسلم أن يتمنّى الموت خوفًا من الوقوع في الفِتن.
- أن يكون الموت شهادةً في سبيل الله: عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إيمان بي، وتصديق برسلي، أن أرجعهُ بما نال من أجر أو غنيمة؛ أو أدخله الجنة، ولَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ][٧] إذ تمنّى الرسول عليه السّلام أن يُقتل وهو يجاهد في سبيل الله، وهذا دليل على فضل الشّهادة.
قد يُهِمُّكَ
يتساءل العديد من الأشخاص ما إن كان يجوز لهم أن يتمنوا الموت للغير، إذ أنّنا نسمع ونرى العديد مّمن يدعون على الآخرين لأنّهم أساؤوا لهم أو تسبّبوا لهم بالأضرار، وقد بيّن علماء الدّين بأنّه لا يجوز للمسلم أن يتمنّى الموت للغير إلا إذا كان قد ظلمه ظلمًا شديدًا، لقوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}[٨]. أمّا إذا كان الظُلم يسيرًا، فلا يجوز أن تدعو على من ظلمك بالموت أو أي سوء أكبر من الظُلم والاعتداء، وفي حال فعلتها فأنت في هذه الحالة آثمًا، وعليك التوبة والاستغفار لله فقد قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[٩]، كما لا يجوز أن تدعو على الآخر لأنّك تكرهه مثلًا، أو لا ترضى عن تصرفاته، وجاء في تفسير ابن كثير: "لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلومًا، فإنه قد أرخص له أن يدِعو على من ظلمه".[١٠]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن حارثة بن مضرب، الصفحة أو الرقم:3376 ، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:969 ، صحيح.
- ↑ "حكم تمني الموت"، بن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-05T22:00:00.000Z. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:2682 ، صحيح.
- ↑ "حكم تمني الموت"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-06T22:00:00.000Z. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن محمود بن لبيد الأنصاري، الصفحة أو الرقم:23625، إسناده جيد.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1491، صحيح.
- ↑ سورة النساء، آية:148
- ↑ سورة الشورى، آية:40
- ↑ "الدعاء على الشخص المكروه بالموت"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-06T22:00:00.000Z. بتصرّف.