كيف أعرف ماذا سيحدث معي في المستقبل

كيف أعرف ماذا سيحدث معي في المستقبل
كيف أعرف ماذا سيحدث معي في المستقبل
 من منا لا يحب أن يمتلك الكرة البلورية السحريّة التي تخبره عن كل ما يسأل، ولا تخفي عنه صغيرة ولا كبيرة. جميعنا يرغب في معرفة المستقبل ليرى وضعه الاجتماعي، الصحي، المالي والعاطفي، وما ستؤول إليه حياته وملامحها وأهم ما يميزها، ويميل لمعرفة الأمور التي سينجح فيها، وما سيفشل فيه، فلكل منا اهتمامته وما يشغل تفكيره. نستطيع القول إنّ الدافع الرئيس في معرفة ما سيحدث هو الخوف من المستقبل؛ لأنه مجهول، وكل مجهول مقلق، والإنسان فضولي وعجول بطبعه.

 

 سجلت حالات بالتاريخ لأناس يمتلكون القدرة على رؤية ومضات من المستقبل، ومن أشهرهم نوستراداموس الصيدلانيّ والمنجم الفرنسي، حيث نشر مجموعة من التنبؤات في كتابه الذي يحمل عنوان النبوءات عام 1555 للميلاد، ويحتوي الكتاب على تنبؤات بالأحداث التي اعتقد أنها سوف تحدث في زمانه وحتّى نهاية العالم، الذي توقع أن يكون في عام 3797، وكان يقوم بكتابة الأحداث على شكل رباعيّات غير مفهومة. وهو لم يعتمد على الفلك أو قراءة الكف، أو حتى تسخير الجان، حيث كانت لديه هذه القدرة. وأغلب المؤيدين له يقولون إنّ إساءة الترجمة المتعمد، وسوء فهم وتفسير الرباعيّات التي كتبها، هي الأسباب وراء تكذيب البعض وعدم تصديقهم لأي قدرة تنبؤية حقيقية. واتهم بالهرطقة من قبل الكنيسة في عصره، وانتهت حياته نتيجة الإصابة بداء النقرس.

 

 في عصرنا الحالي وعلى الرغم من التطور التكنولوجيّ، والتفسيرات العلميّة المقنعة لكل ما يدور حولنا، والتي قام المختصون بتدريسها، إلا أنّ البعض ما زال يؤمن بالمشعوذين على اعتبار أنهم قادرين على التنبؤ بالمستقبل، ولا يعلم المستقبل إلا الله سبحانه وتعالى، وهنا يجب أن نوضح نقطة هامّة، وهي أن الله وحده يعلم الغيب، ولا يشاركه في معرفته أحد ولا شيء سبحانه جل شأنه، ولمّا يأمر الله تبارك وتعالى الملائكة بكتابة الأحداث في اللوح المحفوظ، ويملي عليهم ما سيكتبونه، يستمع نفر من الجنّ والشياطين إلى ما يمليه الله جلّ وعلا على الملائكة، فتصبح لديهم المعرفة، وترميهم الملائكة بالشهب لطردهم، وينقل الذي ينجو منهم من الشهب الأخبار للعراف الذي يقوم بإخبار صاحب الشأن ما يعدّه تنبؤًا بالمستقبل، ومعرفةً بالغيب، ولكنه لا يعدّ غيبًا، فبمجرد أن أملاه الخالق سبحانه على الملائكة أصبح من المعلوم وليس من الغيبيات، فالغيب هو الذي يعرفه الله وحده، من أجل ذلك نقول كذب المنجمون ولو صدقوا، فهم مجرد ناقلين لأخبار سمعها من لديه القدرة على التنصت إلى السماء، ويميلون إلى تبهيرها وتضخيمها من أجل أن يحصلوا على اهتمام ومال المصدقين بهم.

 

 ونستطيع كبشر أن نتحكم لا أن نتنبأ بالمستقبل، من خلال الاجتهاد في العمل والدراسة، فلكل مجتهد نصيب، ووضع خطط يومية، أسبوعية، شهرية، وسنوية وحتى بعد عدد من السنين لتحديد ما نريد الوصول له وتحقيقه، والعمل الجاد وليس فقط مجرد خطوات على ورق، ولا تتوقع أن يأتيك ما تريد على طبق من ذهب، ستصادف العقبات والمصاعب، ولكن لذة النجاح تكون في التغلب على العثرات التي تصادفنا في الحياة، فأغلب الشخصيات التي اشتهرت بنجاحها وحسن تخطيطها للمستقبل والعمل الجادّ للوصول لما تمّ التخطيط له، كانت لهم بدايات صعبة جدًا، ولكنّها انتهت بأنجح النهايات، حيث كانوا على قدر من الوعي والاصرار لتحدي الصعوبات وتخطيها والوصول لما أرادوا، فالتذمر والشكوى لن ترجع عليك بفائدة إلا نفور الناس من نظرتك السلبيّة المحبطة، وجعلك لا تراوح مكانك وتمنعك من التقدم إلى الأمام.

 

 ولتقريب ما تمّ ذكره في المقال أعلاه، سنتطرق لمثال حي من واقعنا وليس من مجاهل التاريخ، لشخص يعيش واقعنا وظروف حياتنا نفسهما. فمن منّا لا يعرف مارك زوكربيرج مبتكر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، فقد كان طالبًا جامعيًا طموحًا، وكان الفيس بوك مشروع تخرجه للتواصل بين الزملاء في الجامعة، ولاستمرارية التواصل بينهم بعد التخرج، والمتتبع لحياته يرى أنه أصيب بالكثير من خيبات الأمل، ورفعت ضده دعاوى قضائية كسبها في النهاية، ولكنه لم يجعل اليأس يتمكّن منه، فكلما أغلق بابٌ في وجهه، حتى تحول لآخر محاولًا المرور منه نحو النجاح والتفوق، وفي النهاية جنى ثمار تعبه، وأصبح مليونيرًا حتى قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره.. 

فيديو ذو صلة :