مدينة وليلي
تقع مدينة وليلي في المغرب وتمتد حدودها قرب جبل زرهون، تحدها فاس من الجهة الغربية وتبعد عنها قرابة 60 كم، وتبعد عنها مكناس مسافة 30 كم تقريبًا، وتبعد عن مولاي إدريس زرهون مسافة 3 كيلومترات، ويرجع اسم وليلي إلى ورد شجر الغار وتحديدًا زهرة شجرة الدفلي، وقد مرّت عليها العديد من الحضارات الممتدة من قبل انتشار الإسلام وظهور الدولة الإسلامية، وتعد الحضارة الرومانية أهم هذه الحضارات، وقد بقيت فترة طويلة في وليلي، وكان لها تأثير كبير حتى جاءت الدولة الإدريسية وفرضت سيطرتها على البلاد.[١]
وتعد هذه المدينة من أهم المدن المغربية لقيمتها الحضارية والتاريخية التي تدل على أصالتها وقدم عمرها، وقد اخصت هذه المنطقة ببعض المقوّمات التي كانت سببًا في جعلها مركزًا مهمًا للحضارات السابقة ومنها: تعدد مصادر المياه العذبة مثل نهر فرطاسة ونهر الخمان وقد كانا بمثابة شريان حياة للمنطقة وقد ساعدا في خصوبة الأراضي الموجودة بجانبهما، بالإضافة إلى وجود بعض الموارد الطبيعية مثل محاجر جبل زرهون التي ساهمت في بناء المنطقة من مخابز ومحلات ومعاصر ومنازل سكنية، وساهمت في الأعمال الحرفية؛ إذ كشفت الحفريات وجود كثير من المقتنيات الأثرية المختلفة مثل التماثيل والمنحوتات والأواني والعملات النقدية، كما عثروا على بعض المناطق السكنيّة كبيرة المساحة والمتميزة بلوحاتها الفسيفسائية التي زادت من قيمتها.[١]
تاريخ مدينة وليلي
ساهمت الظروف الطبيعية في استقرار الإنسان في هذه المنطقة على الأقل منذ العصر الحجري الحديث؛ أي قبل نحو 5000 سنة، وتدل على ذلك واحدة من النقائش البونيقية، وقد ورد ذكر مدينة وليلي في مصادر تاريخية عدّة، وكشفت الحفريات الأركيولوجية التي أقاموها في الموقع منذ بداية القرن الحالي على عدة بنايات خاصة وعمومية، وفي القرن الثالث قبل الميلاد بنى الفينيقيون المدينة كما اتضح من بقايا معبد للإله البوني البعل، وخلال الفترة الممتدة من 25 ق.م و 40 م في أثناء حكم الملك يوبا الثاني وابنه بطليموس كانت المدينة تقع في مملكة موريتانيا، وشهدت مدينة وليلي ازدهارًا كبيرًا وأصبحت بعد سنة 40 م عاصمة لموريطانيا الطنجية، وقد عرفت مدينة وليلي في فترة حكم الأباطرة الرومان حركة عمرانية وتطورًا كبيرًا يتجلى من خلال المعابد، والحمامات والمحكمة ومعاصر الزيتون ومطاحن للحبوب.[٢][٣]
وفي الفترة 40-44 م واجهت المدينة تمردًا قاده أحد أتباع بطليموس ويدعى أيدمون، وبعد هذا التمرد منح الإمبراطور الروماني سكان المدينة صفة المواطنة وأُعفي أهلها من الضرائب لمدة 10 سنوات، وأجريت أصلاحات عدة في الحكم؛ إذ أنشئت مجالٍ ومراكز بلديات منتخبة، وعيّن قضاة لها، وعند حلول سنة 280 م عرفت المدينة سلسلة انقلابات وحروب أهلية أدت إلى إضعاف السلطة في وليلي وانتهى الحكم الروماني فيها، ووقعت تحت سيطرة القبائل البربرية، وعند وصول العرب إليها سنة 708 سسكنتها قبيلة تدعى عرابة من ليبيا، وأصبحت وليلي منطقة مهمة في الحكم الإسلامي، وأصبحت مقرًا لإدريس بن عبد الله الذي أسس سلالة الأدارسة التي تعد أول دولة في المغرب، وفي منتصف القرن الثامن عشر دمرها زلزال كبير، واسترجعت المجينة ريقها في فترة الاحتلال الفرنسي للمغرب في منتصف القرن العشرين، وفي سنة 1997 م، سُجّلت مدينة وليلي ضمن مواقع التراث العالمي.[٢]
السياحة في وليلي
تتميز مدينة وليلي برونقها وجمال طبيعتها وآثارها المختلفة؛ إذ يلفت نظر زائرها المناظر الخلابة الطبيعية التي تتوسطها المآثر العمرانية للمدينة، من أقواس وأعمدة أثرية مكتوب على بعضها أحرف رومانية، وما زالت المدينة محافظة على شموخها على الرغم من مرور السنوات، والمتجوّل في أرجائها يقف على منازل قديمة لها أسماء عديدة تعود للفترة قبل الحكم الروماني وبعده، مثل: منزل فينوس، ومنزل أورفي، ومنزل أعمال هرقل، والمحكمة القدية، وقصر كورديان، والساحة العمومية، وقوس النصر، والحيوانات المفترسة، والصدرية، ومنزل الساعة الشمسة، وتوفر هذه المنازل باحات وغرف وقاعات أكل واستقبال، وحمامات عمومية وأخرى صغيرة، كما تُزخرف أغلب باحاتها بأعمدة محددة أو حلزونية أو ملساء، ويعد قصر كورديانوس أكبر منازل المنطقة وأحد أكبر بنايات المدينة، وتبلغ مساحته 4488 م، وأعيد بناؤه في عهد الإمبراطور كوريانوس الثالث بين 238 و244 بعد الميلاد، ويعد السور الكبير الذي بني في عهد الإمبراطور مارك أوريل، ويمتد على مسافة 2000 متر، وفيه ثمانية أبواب وأبراج للمراقبة، وكان يعد حصنًا منيعًا ضد أي هجوم قد يستهدف المدينة، وقد بني في الفترة 168م و 169م.[٤][٥]
المراجع
- ^ أ ب "أين تقع مدينة وليلي ؟"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب خالد بن الشريف، "مدينة وليلي.. إرث الرومان لا يزال حاضرًا في المغرب"، ultrasawt، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "وليلي"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "رحلة الى "وليلي " التاريخية في المغرب عاصمة الامبراطورية الرومانية وحاضرة دولة الادارسة "، alwatanvoice، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "مدينة وليلي... كنز المغرب الذي يجمع بين التاريخ والحضارة"، soltana، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2019. بتصرّف.