محتويات
مفهوم النظام التعليمي
قرن الله عز وجل رسالة الإسلام منذ بداية تنزيلها بالعلم والتعلم، فكانت أول الآيات المنزلة على النبي صلى الله عليه وسلم تدعوه للقراءة، ومع تقدم العصور وتبدل الحضارات زادت حاجة الإنسان للعلم والمعرفة واكتساب المعلومة التي تنهض به وتبدل حاله إلى مستوى معيشي أفضل، وما كان ليتم ذلك من دون نظام تعليمي مدروس، ونعني بالنظام التعليمي المكونات المرتبطة مع بعضها بشكل مباشر أو غير مباشر، والتي تهدف إلى إنتاج قوى بشرية عاملة في مختلف قطاعات الحياة ومجالاتها، وهو مجموعة القيم والمبادئ التي تهدف مؤسسة تعليمية إلى الوصول إليها عبر دروس تعليمية تُمنح للمستقبلين (الطلبة)، ويعتمد النظام التعليمي على ثلاثة من العناصر الرئيسية، وهي: الأهداف والمرجعية، والبيئة، وقد برزت العديد من الأنظمة التعليمية الحديثة التي تدمج بين الوسائل الالكترونية والتقليدية القديمة في سبيل الإرتقاء بالنظام التعليمي، وتتربع فنلندا على قائمة أفضل الأنظمة التعليمية في العالم، بينما تعد قطر هي الأفضل في الوطن العربي[١].
أهداف النظام التعليمي
هناك مجموعة من الأهداف والنقاط التي يصبو إليها أي نظام تعليمي عالمي، وفي حال حققها فهذا يعني جدواه، وإلا فإنه يلزمه التغذية الراجعة وإعادة الدراسة من جديد، ومن أبرز تلك الأهداف نذكر:
- التهيئة: وهي المرحلة الأولى من النظام التعليمي التي تهدف إلى التربية على القيم وجملة من المبادئ والأخلاقيات الفطرية التي يجب على الإنسان أن يتحلى بها كي يُحسن التعامل مع الآخر.
- التأسيس: وهي المرحلة الثانية التي يصبح فيها الطالب أشبه بالإسفنجة القادرة على تشرب القواعد الأساسية لمختلف العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء، والعلوم الدينية الفقهية، والفنون وغيرها، ويمتلك خلالها الطلبة المهارات والبيانات الكافية لتأهيلهم للمرحلة القادمة.
- التثقيف: إذ يكون العقل الإنساني لدى الطالب في مرحلة النضج والنمو، فيتلقى فيها الدراسة الشاملة والقاعدة الثابتة التي يرتكز عليها تعليمه، فيتعرف على ذاته ويدرك توجهاته ومساعيه، وتتقد داخله الحماسة للتغيير والعِلم والعمل.
- التوجيه: والإعداد التي يكون دور الطالب فيه أكبر من دور المعلم، إذ يتلقى المعلومة ويصقلها داخله بالطريقة التي تتناسب مع جملة ما تعلمه خلال السنوات السابقة، وبناء عليه يستطيع أن يضع الخطوط الأولى لشكل المستقبل.
- المرحلة العملية: التي يُقسم فيها المتعلمون إلى مجموعات كلٌ بحسب مستواه وتوجهه، فهنالك المبدعون وأصحاب المواهب، وهناك أصحاب العقول الرياضية العملية، وأصحاب النبوغ الخاص وهكذا[٢].
نظرة الدين الإسلامي للتعليم
يمكن أن نقرأ ما ورد في القرآن الكريم لمعرفة أهمية العلم والتعليم في ديننا الحنيف، إذ إن كلمة (العلم) ومشتقاتها وردت في القرآن 779 مرة، بالإضافة للأحاديث النبوية الشريفة التي أمرت المسلمين بأخذ العلم، فكانت أول كلمة نزلت بوحي الله جبريل عليه السلام على سيد الخلق والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم هي كلمة "إقرأ"، وهي الكلمة التي تعني أن دين الإسلام يقوم على العلم ورفض الضلالات والخرافات والخزعبلات، قال الله عز من قائل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[٣]، وفي آية أخرى تبين للمسلمين أهمية الذين يعلمون من الذين لا يعلمون، يقول الله تعالى : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب}[٤]، وفي آية أخرى توضح مدى الخشية التي تلازم العلماء من الله، وأنهم أكثر الناس خشية من الله لما يروه من بديع الخلق، والذي لا يمكن إلا أن يكون من الخالق سبحانه وتعالى، يقول الله تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}[٥]، أما الأحاديث التي وردت في السنة النبوية الشريفة فقد تحدثت عن العلم وأنه هو الطريق للجنة، وأخيرًا فقد اتخذ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم هذه الآيات والأحاديث النبوية نهجًا في حياتهم يطلبون فيه العلم، وقد كانت عواصم الدولة الإسلامية التي تعاقبت منارة للعلم والعلماء، وبشهادة علماء الغرب التي تفيد أن ما توصلوا إليه اليوم من علوم غاية في التعقيد والتكنولوجيا المتقدمة هو نتاج العلوم التي سبقهم فيها المسلمون في جامعاتهم ومدارسهم التي بنوها فترة العصور الإسلامية [٦].
معايير النظام التعليمي
حتى يتم التحقق من سير العملية التعليمية ضمن نظام تعليمي سوي وصحيح؛ فإن هنالك عددًا من المعايير التي تضمن جودة التعليم وسلامته، وهي ما سنبينه فيما يأتي[٧]:
- المستوى العام للطالب، يعد الانعكاس الأول للنظام التعليمي، ولهذا فقد دأبت الكثير من الدول على عقد امتحانات ختامية لقياس مستوى الطلبة العقلي.
- الخدمات التعليمية المقدمة للمؤسسات التعليمية، فمن المؤكد أن التعليم يصبح أسهل مع وجود مواد مخبرية وفنية ورياضية ويقاس مستوى النظام التعليمي بمدى توافرها.
- كفاءة المعلمين، فمن المهم أن يتم التحقق من المعلم ومقدرته على منح المعلومة الصحيحة للطلبة، ولهذا تعقد امتحانات كفاءة قبل التوظيف.
- الجو الأسري والبيئة الحاضنة ومدى تواصلها مع المؤسسة التعليمية والطالب، واستكمال العملية التعليمية.
أساليب التعليم
سبَبَّ التنوع الكبير في المجالات العلمية نشوء العديد من الأساليب المستحدثة في التعليم، وذلك لعدم قدرة الأساليب التقليدية احيانًا من مجاراة التطور السريع اللافت في الوسائل التكنولوجية الحديثة ليس فقط في مجال التعليم والتعلم، وإنما في جميع مجالات الحياة، وبالتالي وجد علماء التربية أنفسهم أمام عدد كبير جدًا من الأدوات والوسائل التي من شانها أن تساعدهم في تعزيز قدرات المتعلمين لاسيما في بعض مجالات العلم التي تحتاج لهذا النوع من التقدم التنكولوجي، وفيما يأتي توضيح للأساليب التقليدية وغير التقليدية في التعليم وما يتميز به كل منها، وهي كالآتي [٨]:
أساليب التعليم التقليدية
وهي المعروفة بأسلوب المحاضرة والإلقاء، وهي من الأساليب التي لا يمكن الاستغناء عنها في العديد من مجالات التعليم، لما فيها من إيجابيات، وما تتميز به هذه الأساليب هو أسلوب المواجهة المباشرة بين المتعلمين والمعلم، وبحسب المتخصصين في أساليب الاتصال والتواصل يعد الاتصال وجهًا لوجه أقوى أنواع الاتصال بلا منازع، ففيه يمكن أخذ التغذية الراجعة في أقوى صورها، إذ يمكن في المحاضرة المناقشة والتفاعل والتدريب مباشرة، الأمر الذي يعطي زخمًا للموقف التعليمي، وفيها يمكن للمعلم أن يوجه سلوك المتعلمين بالاتجاه الذي يتناسب مع مادتهم التعليمية، فيعزز لديهم النمو المعرفي، ولكن يؤخذ على هذا الأسلوب أن العملية التعليمية في مجملها تقوم على المعلم في عملية التلقين للمتعلمين، مما يعزز السلبية في تلقي الطالب للمعلومة ويقلل من قدرته على الاستنتاج أو البحث، بالإضافة لتقليل أهمية هذا الأسلوب في حال كان عدد الطلبة كبيرًا في القاعة التدريسية.
أساليب التعليم غير التقليدية
وهي الأساليب التي تجبر المتعلم من التفكير وتحفزه على البحث، وفيها يُشرك المعلم طلبة العلم بالمواد التعليمية مستخدمًا الوسائل التعليمية الحديثة، ومن أهم أساليب التعليم غير التقليدية التعلم النشط، إذ يقوم المتعلمون بجملة من النشاطات العقلية والحركية ويطرحون الأسئلة ويجربون، بالإضافة إلى عمليات التحليل والتركيب والتقويم، الأمر الذي يعزز لديهم مهارات التفكير العليا، وفي أسلوب آخر من التعليم غير التقليدي ما يُسمى بالعصف الذهني والمناقشة، وفيه يُقسم المعلم الطلبة لمجموعات تناقش وتحلل وتخرج بنتيجة لمشكلة بحثية ما، ويتيح لهم استخدام أي نوع من وسائل الاتصال القديمة أو الحديثة، ومن طرق التعليم في نفس المجال أسلوب التعلم الذاتي الذي انتهجته الكثير من الجامعات حول العالم، والذي يُسمى نظام التعليم عن بعد أو المفتوح، وفيه يتمكن المتعلم من أن يعلم نفسه بنفسه بحسب ما يتناسب مع ميوله وقدراته المعرفية، وأخيرًا أسلوب التعليم الإلكتروني، وفيه يستخدم المتعلم الوسائل التعليمية المعتمدة على عالم الكمبيوتر والإنترنت، إذ يتميز هذا الأسلوب بقدرة تفاعلية كبيرة مع الطالب فيها من الوسائل العديدة التي توفر النقاشات وتبادل الأفكار بأقل جهد ممكن وبأقل تكلفة أيضًا، فاليوم التعليم الإلكتروني لا يحتاج من الطالب سوى ربط حاسوب بشبكة الإنترنت واستخدام التطبيقات التعليمية التي لا حصر لها.
المراجع
- ↑ "النظام التعليمي مبنى ومعنى"، المكتبة الإسلامية ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21.
- ↑ "غاية التعليم وأهدافه"، وزارة التعليم، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21.
- ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
- ↑ سورة الزمر، آية: 9.
- ↑ سورة فاطر، آية: 28.
- ↑ "أهمية التعليم في القرآن الكريم"، mafhome، اطّلع عليه بتاريخ 6-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "ما هي معايير تحديد جودة التعليم"، الفنار للإعلام، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-21.
- ↑ "أساليب التعليم والتعلم التقليدية وغير التقايدية"، menofia، اطّلع عليه بتاريخ 6-8-2019. بتصرّف.