معنى اسم الفاقة
تعني كلمة الفاقة ضيق العيش، أو العازة، أو الفقر، ويقال أن فلان في فاقة فلان، أي بحاجته، وبحاجة إلى ما يمتلك من المال، وتدل أيضًا على عدم استطاعة الفرد تلبية حاجات ومتطلبات نفسه أو متطلبات من يعليهم، والفرق بين الفاقة وبين الحاجة أن الحاجة تكون مؤقتة، وتكون في ظرف معين، وتنتهي بمجرد قضائها، ومن أبيات الشعر التي وردت فيها الفاقة قول محيي الدين بن عربي من العصر العباسي: "لو أنَّ لي كلّ ما في الكون من ذَهبٍ *** أصبحت ذا فاقة للجود غير ملي".[١]
الفاقة والفقر
الفقر من المصائب التي ما إن تصيب قومًا حتى تشتت معيشتهم، وتهلكهم، إذ يكون معظم همهم، هو أن يوجد رمق من الحياة، إذ لا يريد هو أن يموت ليستريح، ولا أن يغتني ليستريح كذلك، إنما يريد حاجة بسيطة يسدّ بها فقره الواقع، فهو مستغنٍ عن كل ترفٍ، إذ لا ينظر إليه حتى إن كان قريبًا منه، هو يريد فقط أن يملأ حاجته بالشيء البسيط، فلا مكان لديه للطمع، فالزهد هي سمته، والورع هو شيمته، ليس رغبةً، أو حبًا في الورع والزهد، بل هو واقع الحال الحالي، الذي ألمّ به فأصبح يتستر بالزهد والورع دون سوهما، وهذا بسبب انكساره وتقاعسه من مصيبته، فلا يريد أن يعمل ليتخلص من شيء من ذلك الفقر، إنما الخطب لديه هو قضاء وقدر أصابه حتى أقعده، فحل به داء الكسل والفتور، بدلًا من العمل وسؤال نفسه في أي جهة يسير ليتمكن من ضالته التي فقدها، وهكذا هي الأمور إلى أن ينتهي رمقه ويموت لكي يستريح، لا كما يريد هو، وإن الموت لهو من خير الننعم لمن هو على تلك الحال، ونحن كذلك في فقرنا المعرفي، فلا يوجد لدينا نزعة لكي نعيش لحقيقة نريدها، إنما نقتات من الحياة، فلا نحن من الذين قالوا نرضى بأن نكون أجهل الجاهلين، ولا نحن قلنا سنتعلم لنفهم ونخلّص أنفسنا من ذلك الجهل، إنما الأمر هو بعض من ذلك الرمق الذي يضر ولا ينفع، والسؤال هو إلى متى سنبقى في سكون متحرك، إذ نحن جمادات متحركة، كما أننا في أمس الحاجة لمواجهة ذلك الفقر المعرفي ببعض من الحركة التي تُذهب عنا بعضًا من تلك النكسة التي أحاطت بنا منذ طويل الأمد، حتى صارت وصفًا نوصف به بين الأمم، كما أن الفقر المادي المالي أهون بكثير من الفقر المعرفي، ولا أبين من مقولة ذلك الرجل الذي باع كتبه في سبيل أن يقرأ، وباع كل ما يملك حتى يدب عن نفسه الفقر المعرفي، فقد استحب الفقر المادي، وتعايش معه، ورفض أن يتعايش مع فقر البحث عن الحقيقة، وبكلمة سطرها العقاد لنا على جباهنا، إذ يقول: "إنني أفضل الفلسفة مع الفقر على الثراء مع الجهل، ولله دره".[٢]
الاستعاذة من الفقر والفاقة
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا ما يقول في دعائه: "اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت. اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت" [عبد الرحمن بن أبي بكرة: خلاصة حكم المحدث : صحيح]، فقد استعاذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الكفر والفقر، وقد قرن بين الكفر والفقر، وذلك لأن الفقر إذا انتشر، انتشر معه الشر، فإنه إذا عجز الفقير عن الشراء، أو لم يستطع أداء الديون، فهذا سيدفعه إلى الجرائم، وإلى الحرام، وتنشأ عندها الأنانية، وتبدأ المشاكل الاجتماعية بالظهور، وتزداد الحالات النفسية، واستعاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من الكفر والفقر كذلك، لأن بريد الكفر هو الفقر، فإن الرجل إذا افتقر أصبح ذليلًا، وإذا أصبح ذليلًا، باع دينه، ومن باع دينه، فقد انتهى ومات، وإن كان يعيش بين الأحياء بجسمه، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا قليل" [أبو هريرة: خلاصة حكم المحدث: صحيح]، واستعاذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الكفر والفقر، لأن الفقر سبب للذلة وللهوان، ووسيلة من وسائل القلة والضعف، فكم قاد الفقر من ناس إلى طأطأة الرؤوس، وإذلال النفوس، وكم اضطر من شخص إلى أن يهين نفسه، ويمد يده إلى غيره، واستعاذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الكفر والفقر، لأن الفقير يعيش بين الناس منبوذًا، ومهانًا بين الخلق، لا يُسمع له عندما يتكلم، ولا يُزوَّج عندما يتقدَّم، ولا يُؤبَه له، ولا يُلتَفت إليه، ولهذا قال الله تبارك وتعالى: "وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [النور:32].[٣]
المراجع
- ↑ "معنى كلمة الفاقة"، rjeem، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-26. بتصرّف.
- ↑ "الفـقـر والـفـاقـة"، hhaar.wordpress، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-26. بتصرّف.
- ↑ "الفقر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-26. بتصرّف.