حديث تُنكح المرأة لأربع
حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على الزواج ورغّب به في مواطن كثيرة في السنة النبوية، وخصصّ حديثه في بعض الأوقات عن صفات اختيار الزوجة؛ فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ).[١]
وهو حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه، وأخرجه مسلم في صحيحه، بالإضافة لذكر الحديث في كتب السنة الستة،[٢] وإن أول خطوة في الزواج تتمثل بالاختيار الصحيح للزوجة التي تتمتع بصفات مميزة تؤهلها للزواج وبناء الأسرة المسلمة؛ وسنذكر في هذا المقال الأوصاف التي تُنكح الزوجة لأجلها.
شرح حديث تُنكح المرأة لأربع
بيّن الحديث النبوي الشريف الخصال الأربعة التي يقصدها الناس بشكلٍ عام في زواجهم؛ فبعض الناس تبحث عن الجمال، وبعض الناس يبحث عن الحسب، أما بعض الناس فيرغب بصاحبة المال والسلطان، وبعض الناس يتزوج المرأة لدينها؛ فإم اجتمعت هذه الأوصاف مع الدين فهو خير وزيادة، وإن تخير المرء بين الأوصاف فالأفضل اختيار صاحبة الدين والخلق.[٣]
وأكّد الحديث على اختيار المرأة صاحبة الدين؛ حيث إن الأفضل لأصحاب الدين اختيار الزوجة التي تنفعهم في الدارين؛ فتكون صالحةً في الدنيا، ومُذكرةً لزوجها بطريق الهداية الموصل إلى جنةٍ عرضها كعرض السماء والأرض، فزواج المرأة بحسب المال أو الجمال أو الجاه قد لا يدوم، والدين يبقى ويدوم وهو الأنفع في الدنيا والآخرة.[٤]
قال القاضي البيضاوي: "إن اللائق بذوي المروءات وأرباب الديانات أن يكون الدين مطمح نظرهم في كل شيء لا سيما فيما يدوم أمره ويعظم خطره، فلذا اختاره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بآكد وجه وأبلغه فأمر بالظفر الذي هو غاية البغية ومنتهى الاختيار والطلب".[٤]
وسنذكر أوصاف المرأة التي تُنكح لأجلها، مع بيان أفضل الأوصاف التي أرشد النبي الكريم الشباب لمراعاته عند اختيار الزوجة فيما يأتي:[٥]
- مالها
المرأة الغنية لا تُلزم زوجها بما لا يُطيق من طلبات، ولا تُكلفه في والإنفاق، وقد استنبط أهل العلم من ذلك على جواز أخذ الزوج من مال زوجته ولكن بشرط رضاها وإعطاء زوجها عن طيب نفسٍ منها.
- حسبها
الحسب هو أصل المرأة في آبائها، والنسب الشريف من الأقارب، فبعض الناس ينظر للحسب والجاه الذي يناسبه.
- جمالها
الجمال أمرٌ نسبيّ ومعايره تختلف من شخص لآخر؛ فما يراه بعض الناس جميلاً قد لا يراه الآخرون كذلك؛ ولا مانع من طلب الزوج بعض ما يريد أن يراه في زوجته من محاسن فهي قرينته وصاحبته في الحياة.
- دينها
دين المرأة وصلاحها مقدمٌ على كل مطلب، وهو الغاية الأسمى عند البحث عن الزوجة؛ فلو وجد الشاب زوجة صالحة لكنها قليلة الجمال، يُقدمها على المرأة الجميلة لكنها غير ملتزمة بتعاليم الدين؛ لأن الجمال نسبيّ وقد لا يدوم، أما الدين والصلاح فهو الذي يدوم وينفع في الدارين، فالظفر بذات الدين أولى وأعظم أجراً.
معنى تربت يداك
يقصد بها الافتقار؛ لكن العرب تستعملها في غير معناها الحقيقي، فلا يقصدون بها الدعاء عليه بالافتقار، فتقول العرب لمن يعود بالنصر والظفر بالمعركة: قاتله الله ما أشجعه؛ ويريدون بها ما يزيد قوته وشجاعته.[٤]
والحديث يبين أن الناس تتطلع للظفر بصاحبة المال أو الحسب أو الجمال لكسب الغنى؛ ويدعو الحديث للظفر بذات الدين التي سيغني الله -تعالى- بها صاحبها عن كل شيءٍ يريده من متاع الدنيا، وحسن المقام في الآخرة.[٤]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5090 ، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1338. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 395. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث القسطلاني، شرح القسطلاني إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، صفحة 22. بتصرّف.
- ↑ بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صفحة 86. بتصرّف.