الفرق بين النبيذ والخمر

المسكرات في الإسلام

يعرف المسكر بأنه كل ما أذهب عقل الإنسان، وأفقده تركيزه وذاكرته، وجعله لا يعلم ولا يعي ما يفعل أو يقول، فالمسكرات هي أم الخبائث والكبائر، وأصل كل شر وفساد، وقد كرم الله الإنسان بالعقل وميزه به عن سائر المخلوقات، ليميز به الخطأ والصواب والحق والباطل، فإذا فقد الإنسان عقله وغيبه تحت تأثر هذه المسكرات؛ أصبح أشد خطرًا وإفسادًا على الأرض من الحيوانات، فقد يقتل الإنسان وهو تحت تأثيرها، ويزني ويرتكب أبشع الجرائم، والمسكرات آفة المجتمعات؛ لمضارها على الفرد والمجتمع، وفي القرآن الكريم بين الله تعالى مفاسد ومخاطر كل هذه المسكرات التي تذهب بالعقل البشري، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[١].[٢]


الفرق بين الخمر والنبيذ

يفرق بين النبيذ والخمر كما يلي[٣]:

النبيذ في اللغة: مأخوذة من نَبَذَ، مثل نَبَذتُ الشيء أي ألقيته من يدي ورميته وطرحته في وعاء، ونبّذته فيه تشديد دليل على الكثرة.

النبيذ في الاصطلاح: هو كل شراب يصنع بوضع أو نقع بعض الأطعمة والفاكهة مثل التمر أو الزبيب أو الحنطة في الماء أو اللبن، لجعل طعم الماء أو اللبن حلو المذاق وغير مسكر، وإن ترك حتى يفور ويتخمر فقد أصبح خمرًا مسكرًا، وللنبيذ عدة أنواع منها نبيذ العسل، ونبيذ التمر وغيرها الكثير.

الخمر: هو الاسم الجامع لكل ما يسبب السُكر بشتى مصادره التي صنع منها سواء كانت من الفاكهة كالعنب أو التمر والزبيب، أو من الحبوب كالحنطة والشعير والذرة، أو البطاطا والنشا، فالخمر هو ما صنع في الأصل من العنب وغيره، أما النبيذ فهو ما صنع من غير العنب أي أن كل خمر نبيذ، ولكن ليس كل نبيذ خمر.


حكم شرب الخمر

أما بالنسبة للحكم، فقد أجمع العلماء على تحريم الخمر، قليله وكثيره، وكل طرق التعامل معه لما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:(لعنَ اللَّهُ الخمرَ ولعنَ شاربَها وساقيَها وعاصرَها ومُعتَصرَها وبائعَها ومُبتَاعَها وحاملَها والمَحمولةَ إليهِ وآكلَ ثمنِها)[٤]، ويبقى خلاف في حكم النبيذ وهذا حسب طريقة تصنيعه، وفترة تخمير الفاكهة أو الحبوب، فإن ترك مشروب النبيذ في الماء حتى يتخمر ويفور ويُسكر فقد دخل في التحريم كالخمر؛ إذ إن الخمر المحرمة هي كل ما خامر العقل أيًا كان نوعها أو اسمها، لقوله صل الله عليه وسلم:(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ خَمْرٍ حَرامٌ)[٥].[٦]

  • يُباح شرب النبيذ الذي لم يشتد ولم يصبح مسكرًا، فعن ابن عباس قال:(كانَ رَسول اللهِ صَلَّ اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُنْتَبَذُ له أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَيَشْرَبُهُ إذَا أَصْبَحَ يَومَهُ ذلكَ، وَاللَّيْلَةَ الَّتي تَجِيءُ، وَالْغَدَ وَاللَّيْلَةَ الأُخْرَى، وَالْغَدَ إلى العَصْرِ، فإنْ بَقِيَ شيءٌ سَقَاهُ الخَادِمَ، أَوْ أَمَرَ به فَصُبَّ)[٧]، فالمسلم من سلم دينه من الشبهات؛ ففي الحديث عندما مضى على النبيذ أكثر من ثلاثة أيام فإن النبي عليه السلام أمر بالتخلص منه كي لا يكون قد تخمر وتحول إلى خمر مسكرة تذهب بالعقل وتؤذي الجسم.
  • يحرم شرب الخمر في كافة الديانات السماوية الثلاث، فمن الحكمة الإلهية أن لا توضع فائدة في شيء أمر الله سبحانه بتحريمه على عباده، فقد حرم الله الخمر، وعليه لا يجوز التداوي بها أيضًا.[٨]


مضار المسكرات على الفرد والمجتمع

  • تأثير المسكرات على المجتمعات: من أحد أهم أسباب تحريم الخمر والمسكرات مخاطرها ومفاسدها على الفرد والمجتمع، التي انتشرت مؤخرًا لتطال عموم المجتمعات بفئاتها المختلفة، فقد طال وبالها الأفراد والمجتمعات، وهدمت البيوت والأسر، ونشرت الفساد والفوضى في المجتمعات، فكان ضرر هذه المسكرات أشد فتكًا بالمجتمعات وأمنها وسلامتها من الحروب التي تأتي على كل شيء لتهلكه، فالمسكرات تعطل القدرات، وتذهب بالعقل، وتبيح كل المحرمات، والمنكرات، والخبائث، عدا عن الأمراض الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية.[٩]
  • أضرار الخمر على صحة الفرد: أضرار الخمر باتت لا تخفى على أحد، فمما لا شك فيه أن الخمر تُسبب الضرر الكبير على صحة الفرد المتعاطي لها، فالخمر تُذهب العقل وتدمر الصحة أيضًا؛ فقد أثبتت الدراسات أن الدم يبدأ بامتصاص الخمر مباشرًة بعد تعاطيه عن طريق جدار المعدة، فتصل المادة المخدرة للمخ؛ وتظهر أعراضها بعد فترة وجيزة من شربها، إذ تسبب تدهورًا كبيرًا في وظائف الدماغ، وضعفًا كبير في الذاكرة، عدا عن بعض الإصابات في العصب البصري، والأعصاب الطرفية، وتلفًا كبيرًا لخلايا الدماغ وتشوهها، وتؤثر الخمر على عمل القلب، وقوة تدفق الدم في الشرايين التي تغذي عضلة القلب، وبالتالي تعرض المدمن للذبحة الصدرية والسكتة القلبية، وأمراض كثيرة مثل السكر، ومن الجدير بالذكر أن الخمر تؤثر على العديد من أعضاء وأجهزة الجسم مثل الكبد، والجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي، ويسبب الخمر اضطرابات شديدة في إفرازات الغدد الصماء في الجسم.[١٠]


المراجع

  1. سورة المائدة، آية: 90.
  2. سورة المائدة، آية: 90.
  3. علاء العبادي (18-11-2011)، "الخمر والنبيذ"، العبادي، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
  4. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8/70، إسناده صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2003، صحيح.
  6. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8/70.
  7. رواه عبدالله بن عباس، في صحيح مسلم، عن مسلم، الصفحة أو الرقم: 2004، صحيح.
  8. "ضوابط جواز شرب النبيذ"، إسلام ويب، 25-9-2005، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
  9. "ما أثر المسكرات على الفرد والمجتمع"، ادعمني، 6-9-2018، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
  10. "اضرار الخمر على الجسم - كيف تعرف مدمن الخمر"، hopeeg، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :