مدينة بربرة وموقعها
بربرة هي مدينة صومالية ساحلية مهمة، وهي الميناء الثاني في الصومال، تُوجد على الساحل الشمالي بجوار خليج عدن على بعد 240 كم في الجنوب من عدن، وساحلها ذو شعاب مرجانية قليلة، وذو رصيف قاري ضيق وضحل، ويُوجد على مقربة منها جزيرة مايوت، ويحيط بها سهل من الرواسب الساحلية الفيضية.
بلغ عدد سكان مدينة بربرة في العام 1985 ما يُقارب 65 ألف نسمة، بعد أن كانوا 50 ألف نسمة في العام 1964، ويُوجد في المدينة حي أوربي يحتوي على بيوت ومخازن حجرية، وحي شعبي ذو شوارع عريضة إلا أنه مؤلف أساسًا من حظائر وأكواخ، ويُوجد في المدينة أيضًا مرفأ صغير، وتبلغ سعة التفريغ اليومية فيه نحو 200 طن، ويتوجب على المسافرين أن ينتقلوا إلى الشاطئ عن طريق زوارق صغيرة، وحديثًا وُسّع المرفأ ليصبح هذا الميناء التجاري البحري ذا قيمة استراتيجية مهمة.
ويُعد ميناء بربرة في الوقت الحاضر مركزًا للثقل الاقتصادي، وذلك بعد أن انخفضت أهمية ميناء زيلع التاريخي، والتجارة البحرية للميناء في الأساس هي مع عدن، وتُعدّ منطقة بربرة من أشهر المناطق في شرقي أفريقيا لتربية الأغنام، وأيضًا من المناطق الهامة في إنتاج السمك وتصنيعه، وتمتلك مدينة بربرة تاريخ عريق، ويُقال أن مهاجري العرب من شبه الجزيرة العربية هم أول من أقامها، ثم تتابعت إليها الهجرات، وحدث امتزاج بين السكان الأصليين والقادمين.
وقد دخلت المدينة ضمن مملكة العدل الإسلامية القوية في نهاية القرن الخامس عشر، وخضعت للسيطرة المصرية سنة 1875 ميلادي، ومن أهم المشاريع التي أنجزها المصريون في تلك البلاد، توصيل المياه العذبة من دوبار إلى بربرة، ولا يزال هذا النظام مستعملًا إلى اليوم، وفي سنة 1884 ميلادي، أجبرت بريطانيا مصر على إخلاء بربرة، وزيلع وبلهار، وكونت منها ما يسمى "بالصومال البريطاني"، وقد اتخذ الروس من مدينة بربرة قاعدة بحرية عام 1975 ميلادي، إلا أنهم غادروها بعد سنتين أثناء حرب أوغادين، وفي النهاية جرى اتفاق في عام 1980 ميلادي، أعطى للولايات المتحدة الأمريكية الحق في استخدام هذه القاعدة.[١]
مناخ مدينة بربرة
تتمتع المدينة بمناخ معتدل شتاءً، وحار رطب صيفًا، ويمتد فصل الصيف من أيار إلى آب، إذ تبلغ درجة الحرارة العظمى في فصل الصيف إلى 44 درجة مئوية، وتؤدي الرياح الموسمية الجنوبية الغربية إلى هجرة محلية صيفية لأكثر من نصف السكان من الميناء والسهل الساحلي بإتجاه المناطق المرتفعة وسط البلاد، وتهطل الأمطار في فصل الشتاء بين شهري تشرين الأول وآذار، ويبلغ معدلها السنوي 59 ملم، وهي متفاوتة جدًا[١]
مساجد بربرة الصومالية
يعكس الطابع المعماري لبربرة ومنازلها القديمة، بصمات لحضارات سكنتها، أبرزها العثمانية، يفرح الزائرون بمآذنها العالية التي امتازت بها المساجد المنتشرة في جنبات المدينة، ويبلغ عددها ما يُقارب 75 مسجدًا، ففي حي دراولي القديم تتجلّى العمارة العثمانية في ملامحه ومعالمه العتيقة، فأزقة الحي، وأبوابه ونوافذه تتحدث عن نفسها، فيما تحكي المآذن والقباب بأقواسها الهندسية الجميلة، حكاية عثمانيين مرّوا، تاركين بعدهم إرثًا يغوص بأعماق التاريخ، وعلى الرغم من الدمار الذي لحق به على عبر العصور، يتوسط الحي العشوائي مساجد عثمانية ترجع في تاريخ إنشائها لأكثر من قرنين، فيما تتزين تلك المساجد بمآذن وبقباب شاهقة مزينة بخطوط تضفي على هيبتها جمالًا، ويقول الشيخ سعيد صومالي، وهو صومالي من أم تركية، "إن المدينة قديمة تحتفط بجنباتها تاريخ وحضارات مرّت على حكمها، ومنها الإيطالية والعثمانية والإنجليزية، وذلك بسبب موقعها الجغرافي الإستراتيجي الذي يربط القرن الأفريقي بالعالم الخارجي، وفي حديثه للأناضول، يبيّن الشيخ سعيد، أن المباني التي تركتها الحضارة العثمانية، لا تزال مُؤكدة على حقبة تاريخية خلت، مشيرًا أن عدد قليل من المساجد مفتوح حاليًا للمصلين، بينما البقية مهددة بالانهيار، ويظهر من التصاميم المعمارية التقليدية للمساجد، أنها طراز إسلامي عربي بامتياز، صمد ضد قسوة الطبيعة والتغييرات الهندسية التي أدخلت عليها، وذلك بفعل إجراءات الترميم التي قامت بها الحكومة المحلية تجنبًا لزوالها عن الوجود.[٢]
ميناء بربرة
بعد أن كانت بربرة مدينة ساحلية مهمشة تطل على خليج عدن، تغير كل شيء فيها، وذلك بسبب اتفاق مع شركة موانئ دبي العالمية، ولدى جمهورية أرض الصومال عنصر أساسي في التنافس الاقتصادي الواقع على الضفة الأفريقية من البحر الأحمر، ولكن بالرغم من ذلك لم يصل ميناء بربرة إلى مستوى عالي من الحداثة، إذ تتكدس فيه العشرات من الحاويات التي تُوجد تحت الشمس الحارقة، وبعض الرافعات التي تآكلت بسبب الصدأ، ولكن بسبب موقع المرفأ عند مدخل مضيق باب المندب، الذي يُعد رابع أهم المعابر العالمية البحرية للتزود بالطاقة، فإن الباب مفتوح أمام الكثير من الآفاق والأحلام، خاصةً بعد أن وُقّع اتفاق ثلاثي في مارس (آذار) 2018 بين أرض الصومال، وشركة موانئ دبي العالمية وإثيوبيا، فقد منح هذا الإتفاق 19 في المائة لإثيوبيا، 30 في المائة لأرض الصومال، 51 في المائة من الأسهم لشركة موانئ دبي، وحسب ما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فإنه من المقرر تستثمر الشركة الإماراتية 442 مليون دولارًا لتحديث الميناء.[٣]
المراجع
- ^ أ ب "بربرة"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-26. بتصرّف.
- ↑ "مساجد بربرة الصومالية: إرث عثماني مهدد بالاندثار"، raialyoum. بتصرّف.
- ↑ "ميناء بربرة يحوّل أرض الصومال لاعبًا أساسيًا في البحر الأحمر"، aawsat، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-26. بتصرّف.