الحياة
لا يمكن الحديث عن مفهوم الحياة إلا من خلال رؤية الدين الإسلامي لها، وإن الحديث بخلاف ذلك قد يُدخل القارئ في بعض المتاهات هو في غنى عنها، فالموضوع له درجة من الحساسية لا يستهان بها، وذلك لتعدد الأديان والمذاهب التي ترى كل الحياة من وجهة نظرها وتوجهاتها الفكرية أو ما يُسمى بأيدولوجيتها، أما الدين الإسلامي فقد نظر للحياة ووضح دلالاتها من خلال الكثير الآيات القرآنية والأحاديث، فهو منهج كامل يرشد الإنسان للسلوك القويم، ويضعه على طريق السعادة في الدنيا والآخرة، فقد لخص الدين الإسلامي الحياة بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:8]، فالآية واضحة في خطابها للمسلمين، والتي تفيد بأن أي سلوك إنساني لا يستجيب فيه الإنسان لما يدعو إليه الله ورسوله فيه مخالفة للطريقة الحياتية التي يجب على الإنسان أن يعيشها، فالمسلم له منهجيته في الحياة ووجهة نظره عنها الواضحة الجلية التي لا غبار فيها، وهذه المنهجية من الضروري أن تنعكس على سلوكه، كما أن الحياة هي قناعة، فلا حياة طيبة دون التسليم بأمر الله، وما يعقب ذلك من الرضا والصبر والاستقامة، وبناءً على ما تقدم، فالآية الكريمة الآتية لخصت وربطت الحياة الطيبة بالإيمان، يقول الله سبحانه وتعالى : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:16].[١]
الأمور الدنيوية في الحياة
صحيح أن الدين الإسلامي يفرض على أتباعه الالتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى، وما جاء به على لسان رسوله الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة، إلا أن ثمة أمور دنيوية تقع ضمن المباح في الشريعة الإسلامية، فمثلًا هل يجوز للإنسان شرب الماء صباحًا، فمن البديهي أن أمرًا كهذا هو من ضمن الأمور الدنيوية في الحياة، وكذلك فإن أخذ العلوم بشكل عام من أي نظم أخرى لا تتعارض مع الشرع يقع في نفس المفهوم، فلا مانع يحول دون معرفة علوم الاقتصاد والطب والهندسة من هذه النظم، وإن كانت لا تعتقد بالدين الإسلامي، وقد سبق الرسول –صلى الله عليه وسلم- البشرية جمعاء بهذا الخصوص، والحديث المتعلق بتأبير النخل خير شاهد على ذلك، فالحديث الذي رواه مسلم رضي الله عنه عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول : إن كان ينفعهم ذلك فلْيصنَعوه، فإني إنما ظننتُ ظنًّا، فلا تؤاخذوني بالظنِّ، ولكن إذا حدَّثتُكم عنِ اللهِ شيئًا فخُذوا به، فإني لن أكذبَ على الله عز وجل[رواه مسلم].[٢]
أقوال عن الحياة
تصدر الحكم أو الأمثال الشعبية أو الخواطر في الحياة، كنتيجة خوض العديد من البشر حول العالم لظروف حياتية تخلق منهم حكماء أو مفكرين أو رياديين، فالكثير من هذه المقولات أو الحكم أو الأمثال لها تأثير في طريقة حياة الكثير من الأشخاص، فهي لم تأت من فراغ، وتلقى احترامًا لدى عموم الناس، وسنتناول دلالات بعضها، كالآتي: [٣]
- تشير المقولات الشعبية والحكم المتداولة، إلى أن الأذى الذي يلحق بالإنسان من أعز الناس عليه، لا يلزمه اليأس أو الحزن، بل بالعكس يجب على الإنسان أن يكون على قناعة بأن الله سيمده بالحياة من جديد، ويعوضه بما هو أفضل.
- تقول حكمة بالغة الأهمية أن مشاكل الإنسان لا تكمن في فشله هنا وهناك، ولكن مشكلة الإنسان تكمن في عدم الاستفادة من تجربة الفشل.
- تقول الحكمة أيضًا، بأن من الأخطاء التي يرتكبها الإنسان هو في اعتماده الكلي على شخص واحد يحبه ويميل إليه، فالحياة أوسع من ذلك في علاقة الإنسان بالآخرين.
- تدعو الحكمة إلى تحلي الإنسان بالأخلاق الطيبة كمفتاح لمحبة الآخرين له، وذلك بالتودد للآخرين، والتماس الأعذار لهم، والعفو عند المقدرة، ومنحهم الطاقة الإيجابية في جميع الأوقات والظروف، الأمر الذي يعطي الإنسان الراحة النفسية في جميع حالاته.
- يفهم الأشخاص الحياة أحيانًا بطريقة مخالفة للواقع، فالحكمة تقول: إن فهم الإنسان بوجود أشخاص يعيشون بسعادة أكثر منه، هي من المفاهيم التي تعيب فهم الإنسان للحياة.
- تتغير معاني الحياة عند الكثير من الأشخاص فقط عندما يواجه المشاكل، والتي قد يصعب حلها إلا بالتضرع لله عز وجل، فلا يعرف الأنسان العطف والرحمة والمودة اتجاه الآخرين، إلا عندما يجد نفسه هو أكثر الناس بحاجة إليها.
- تعجز الحياة في أن تُنسي الإنسان من شاركه البكاء، ومن وقف لجانبه في محنته وفاجعته، ولكنها أحيانًا كثيرة تُنسيه من شاركه اللهو واللعب.
الموت
تنتهي حياة الإنسان بالموت، وهذه الحقيقة الوحيدة التي لا يختلف فيها اثنان من البشر على وجه الأرض بغض النظر عن معتقداتهم أو مذاهبهم أو الأيدولوجية الفكرية التي تخص أي منهم، ولعل الموت من أهم المواعظ التي تؤثر في حياة الإنسان، فالله سبحانه وتعالى قهر عباده بالموت، يقول الله سبحانه وتعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ"[الزمر:30]، وجعل من حقيقة الموت وحدها منهجًا للالتزام بأوامر الله ونواهيه، فالتفكير في هذه الحقيقة التي قد تكون مرعبة للكثير من البشر، ولما تقتضيه طبيعة الإنسان بالخوف من الموت، أو الحزن على أن يُغيب الموت أحد أقربائه أو أصدقائه، ولكن في حال كان الاعتقاد الذي يتبناه الإنسان بحتمية الحياة الآخرة بعد الموت، وأن كل ما قام به من أعمال صالحة سيجد ثمرتها بعد الموت، فالأمر سيسهل عليه، وخير شاهد على ذلك ما نُقل عن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في التسابق للشهادة ونيلها كطريق حتمي للجنة التي عرضها السموات والأرض.[٤]
المراجع
- ↑ "ما هي نظرة الاسلام الى الحياة ؟"، islam4u، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.
- ↑ إسلام ويب (3-2-2019)، "أنتم أعلمُ بأمرِ دنياكم"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.
- ↑ "كلام عن الحياة"، generalculture، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.
- ↑ فتحي الشوك (24-12-2018)، "حقيقة الموت ووهم الحياة!"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2019. بتصرّف.