المتنبي
وُلد أبو الطيب المتنبي في مدينة الكوفة الواقعة في العراق سنة 915 م، واسمه الكامل هو أبو الحبيب أحمد بن حسين بن الحسن بن مرة بن عبد الجبار، وكان ينتمي إلى قبيلة كندة، أما والده فكان يعمل حاملًا للخزانات المائية، وفي عام 924 م طرد القرامطة الشيعة من مدينة الكوفة، فلحقت بهم أسرة المتنبي وعاشوا بين القبائل البدوية، فأتقن اللغة العربية وتعلم مذاهبهم، وفي عام 932 م قاد المتنبي الثورة القرمطية في سوريا، فسُجن لمدة سنتين، وبعد ذلك خرج من السجن وأصبح شاعرًا متجولًا، ويعد من أشهر شعراء العرب، فهو لم يكن مجرد شاعر يتمتع بالبلاغة والفصاحة، وإنما كان صاحب شخصية متفردة ومتميزة، ويعتز بنفسه كثيرًا في مجالسه وقصائده، وكان شديد الذكاء، وقد كتب في المديح والهجاء[١]، وعندما كان المتنبي في منطقة بادية السماوة ادّعى النبوة، وتبعه بعض الأشخاص من قبيلة بني كلب، ولكن الإخشيد أمير حمص قام بأسره، فأطلق سراحه بعد أن تاب، وقد رجح بعض الباحثين تسميته بذلك، بسبب أبياته التي قال فيها:
ما مقامي بأرض نخلة إلا
- كمقام المسيح بين اليهود[٢].
مرّ المتنبي في مرحلة من من مراحل حياته بالعديد من المؤامرات التي حُبكت ضده، ممّا اضطر المتنبي أن يترك سوريا عام 957 م، فسافر إلى مصر، وكان يحكمها في ذلك الوقت الإخشيديون، ثم التقى المتنبي بشخص أثيوبي اسمه أبو المسك كافور وقد وُلد عبدًا، ولكن المتنبي سخر من كافور في قصائده، فهرب من مصر عام 960 م، وسافر إلى عدة أماكن؛ منها بغداد، ولكنه لم يشعر بالأمان فيها بسبب الحروب التي كان يقوم بها القرامطة عليها، فرحل المتنبي إلى مدينة شيراز في إيران، وعاش تحت حماية أمير دولة أسرة بئيد[١].
إنجازاته وأسلوبه
بدأ الشاعر أبو الطيب المتنبي كتابة الشعر وهو في سن التاسعة، ومن الموضوعات التي تناولها في شعره؛ مدح الملوك الذين قابلهم في حياته، ووصف الحروب والمعارك، وفلسفة الحياة، والشجاعة، وقد بلغ عدد قصائده حوالي 326 قصيدة، وما زالت قصائده منتشرة في العالم العربي إلى يومنا هذا، وقد نظم المتنبي العديد من القصائد في مدح سيف الدولة وانتصاراته العسكرية التي حققها في شمال سوريا، مما وطّد علاقة سيف الدولة في المتنبي، وعُرف المتنبي بذاكرته القوية[١].
تتميز قصائد المتنبي بالنمط الكلاسيكي الذي جمع بين عناصر الأشعار السورية والعراقية، كما أن تكبر المتنبي وفخره بنفسه، مكّنه من كتابة أشعاره ببلاغة ومهارة عالية، كما خصّص المتنبي القصيدة التقليدية بالكثير من الاستقلالية، ويقدّر العرب أشعار المتنبي كما يقدس الغرب أعمال شكسبير الأدبية وكتابهم المقدس، وتصنف أغلب قصائده بأنها قصائد مدح وهجاء، وتعد قصائده فريدة من نوعها في الأدب الكلاسيكي، ومع كل ذلك لم يحصل المتنبي على على الاهتمام من الناحية الإنسانية، فقد درست أعماله وقصائده من حيث هيكلها والأدوات المستخدمة فيها، دون الاهتمام بالدوافع التي جعلته يكتب هذه القصائد، وتجاهل الطريقة التي يفكر فيها، باستثناء مقالة واحدة نشرت من قِبل جيه مونتجومري سنة 1995م، وعنوانها "المتنبي وعلم النفس من الحزن"[١].
المتنبي وسيف الدولة الحمداني
عُرف سيف الدولة الحمداني بجانب كونه أميرًا بأنه أديبٌ وشاعرٌ مميز، وكان يحب أن يجمع حوله أفضل الأدباء والشعراء، وفي هذا الوقت كان المتنبي يعيش في أنطاكية، ولكنه كان دائمًا يتمنى أن يعيش بالقرب من سيف الدولة الحمداني، فقدمه أبو العشائر إلى سيف الدولة ليكون من شعرائه، فوافق المتنبي بشرط أن لا يعامله كبقية الشعراء، وأن يبقى محافظًا على افتخاره بنسبه ونفسه، فرضي سيف الدولة بذلك، وسرعان ما أصبحت العلاقة بينهما قوية جدًا، وأصبحا صديقين حميمين، وقد كتب المتنبي العديد من القصائد في مدح سيف الدولة، وأهمها القصيدة العصماء التي كتبها عندما حقّق سيف الدولة انتصارًا عظيمًا على الروم، ولكن هذه العلاقة لم تدم طويلًا بسبب حسد من حولهم، فكثير ما كانوا يحاولون الإيقاع بينهما، وفي أحد المرات عاتب المتنبي سيف الدولة لتصديقه لتلك الأكاذيب والمكائد، فكتب له أبياتًا شعرية ورد عليه سيف الدولة بأبيات توضح عدم رضاه، فرمى سيف الدولة محبرة في وجه المتنبي في أحد المجالس[٣].
وفاته
توجد العديد من الروايات بشأن مقتل أبي الطيب المتنبي، ولكن المؤرخون اجتمعوا على قصة واحدة وهي أن المتنبي كتب قصيدة هجاء عن ضبة بن يزيد العتبي وهو ابن أخت فاتك الأسدي، وقد عُرف ببذاءة لسانه ومكره وغدره، وكان كثيرًا ما يؤذي من حوله فكرهه الناس، وطلبوا من المتنبي أن يهجوه، فهجاه المتنبي بأقبح القصائد، وفي أحد الأيام أراد الخروج إلى بغداد، فنصحه أحد أصدقائه بأن يصطحب من يحميه في الطريق؛ لأن فاتك الأسدي عزم على إيذائه، ولكنه رفض، فلقيه فاتك في الطريق ومعه أصحابه، فقتلوه وحاول المتنبي أن يهرب، ولكن أحد غلمان فاتك الأسدي قال له: أو لست من قلت:
الخيل والليل والبيداء تعرفني
- والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فأثرت هذه الكلمات على أبو الطيب المتنبي، فقاتلهم ولكنهم تمكنوا من قتله في منطقة دير العاقول وهو في طريقه إلى بغداد[٣].
المراجع
- ^ أ ب ت ث "من هو المتنبي Al- Mutanabbi؟"، arageek، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-14. بتصرّف.
- ↑ "لماذا سمي ‘أبو الطيب المتنبي بهذا الإسم‘؟"، الجنوب، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-14. بتصرّف.
- ^ أ ب انجي بلال (2019-2-28)، "بحث عن المتنبي كامل"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-14. بتصرّف.