تطور الثياب عبر في التاريخ
لا يوجد تاريخ محدد حول وقت ارتداء الإنسان الملابس لأول مرة، فيما ترجح المصادر التاريخية أن الإنسان ارتدى الملابس لأول مرة خلال الفترة الممتدة بين 100.000 - 500.000 عام ماض، وقد صنعت بداية من جلود الحيوانات وفرائها، ومن أوراق النباتات، ومن العظام والقواقع، وكانت تعلق على الجسد أو تربط حوله، فيما تمكن الإنسان البدائي من خياطة الجلود منذ 30 ألف سنة على الأقل بدليل عثور العلماء على إبر من عظام الحيوانات، كما عثر العلماء على قميص وفستان مرصع بالخرز يعود إلى 6 آلاف سنة فيمصر، وعلى أية حال يبقى هناك شخصية معروفة لمع اسمها في خياطة الثياب لأول مرة، فعرفت الحياكة كمهنة وعُمل بها، وهي محور حديثنا في هذا المقال، ثم سنتحدث عن الأسباب التي دعت الإنسان إلى ارتداء الملابس.[١]
أول من خاط الثياب
يعد نبي الله جل وعلا إدريس عليه السلام أول مَن خاط الثياب، وقد اعتمد في ذلك على نبات الكتان، طاويًا بذلك صفحة المصنوعات من جلود الحيوانات، وكان مع كل غرزة إبرة يذكر اسم الله ويسبّحه بالقول: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر".[٢] ولمن لا يعرف سيدنا إدريس فهو "إدريس بن يارد، وقيل: لود بن مهلائيل بن قينان بن انوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام"، ورد اسمه في كتاب التوراة خنوخ أو أخنوخ، فيما يسميه اليونانيون أرميس أو طرميس أو هرمس الحكيم، وهو ثالث نبي بعد آدم وشيث، أرسله الله تبارك وتعالى لإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الهدى والمعرفة فظل يدعوهم، وقد أدرك 368 سنة من حياة آدم، وقيل بل 308 سنة، علمًا أنه ولد في مدينة منوف في مصر، وقد تجول في بقاع الأرض ثم عاد إلى مصر من جديد، وقيل بل ولد في مدينة بابل في العراق فلما آتاه الله النبوة لم يؤمن به إلا قلة من قومه، فيما أعرض عنه كثر، ثم أعرض هو بدورهم عنهم ورحل ومَن معه إلى مصر، وهناك أكمل دعوته من جديد، فكان يحث الناس على الأعمال الصالحة مثل الصلاة، والصوم، والجهاد، وإخراج الزكاة للفقراء، وكان يحرم عليهم المسكرات وأكل لحوم بعض الحيوانات مثل الخنزير والكلاب، كما كان يحثهم على الطهارة من الجنابة، معاقبًا كل من يخالف أوامره ونواهيه.
وقد ميز الله جل وعلا سيدنا إدريس عليه السلام بتعلم لغات أهل زمانه كلها فكان يكلم كل شخص بلسانه، كما علمه الفلك، والنجوم، والطب، والحساب، والأدب، فكان عليه السلام أول مَن كتب بالقلم، وأول من خطط لبناء المدن فبنى في زمانه 188 مدينة، وبنى الهياكل للعبادة، وتجدر الإشارة إلى أن أوامر وتشريعات الله كانت تنزل عليه مرًة واحدة وقد عرفت باسم صحف إدريس، وكان يحفظها كلها عن ظهر غيب ويدرسها للناس، وعلى أي حال فكلها ألقيت في البحر وأتلفت رغم أنها مليئة بالعلم والإرشاد النافع حسب ما أفاد به المحققون، تزوج من هدانو أو آذانة بنت باويل بن محويل بن خنوخ، فأنجب منها متوشالخ وكان له من العمر 300 سنة آنذاك، ولشدة إيمانه حسده إبليس اللعين فرفعه الله مكانًا عاليًا وأدخله الجنة حيًا، وقيل بل قبض ملك الموت روحه في طبقات السماء، ومما جاء في القرآن الكريم عن سيدنا إدريس قوله جل وعلا: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) [مريم: 56-57].[٣]
سبب ارتداء الملابس
تعددت أهداف الإنسان من ارتداء الملابس، فلم تقتصر على الأهداف الفسيولوجية فقط، بل إنها تطورت في أشكال وزخارف، ثم اكتسبت قيمة رمزية، ويمكن إجمال الأسباب البدائية والحديثة في ما يلي[٤][١]:
- الاحتشام وتجنب الاستثارة الجنسية، مع انعدام أي دلائل تؤكد أن الهدف الوحيد من ارتداء الملابس هو الاحتشام، وذلك لأن العري أمر طبيعي كان في الزمن الماضي.
- حماية الجسد من تقلبات الجو والمناخ، سواء من برد الشتاء القارص، أو حر الشمس أو ضرر أشعتها فوق البنفسجية، فمجتمعات الصيد مثلًا تعد الملابس وسيلة دفء شتاءً، والدليل أن قبائل الفويغو في أمريكا الجنوبية ترتدي لباسًا في بعض الوقت، وتتجول عاريًة في غيرها.
- حماية الجسم من الأسطح الخشنة والشظايا، كما انها حاجز صحي ضد النباتات المسببة للفطريات والطفح الجلدي، ولدغات الحشرات والأشواك، مما يؤمن الراحة للإنسان.
- منح الفرد مزيدًا من الأمان أثناء ممارسة الأنشطة البسيطة التي قد تمثل بعض الخطورة أحيانًا كما في المشي بين الشوك على سبيل المثال.
- وظيفة اجتماعية للتمييز بين الفرد وقرينه فهي تشير إلى الحالة الاجتماعية للشخص ومكانه سواء كان من طبقة الكادحين أم النبلاء، كما أنها تشير إلى طبيعة عمله، وعليه نجد التباين بين ملابس العاملين في القطاعات المختلفة.
- إبراز الاتجاهات الجنسية بما يدلل على الذكورة أو الأنوثة، فلا شك في اختلاف لون وشكل ملابس الرجال عن النساء.
- التعبير عن ذوق الفرد وأسلوب حياته، بالإضافة إلى مدى اعتداله دينيًا، وهنا ينبغي التنويه إلى أن القدماء اعتادوا على تلوين أجسادهم والرسم عليها، فلما صار الجو باردًا أصبح التفاخر بأجسادهم الملونة صعب بل غير ممكن، فذهبوا هنا إلى زخرفة الملابس، فأصبحت تؤدي غرضًا غير الذي نشأت من أجله.
- الوقاية من الأمراض، فكانوا يدمجون بعض الأعشاب بالملابس في منطقة الصدر لتخفيف حدة الأمراض التي قد تصيب المنطقة.
- طرد الأرواح الشريرة، فكان الإنسان يصنع أزياء مزينة بأحجار كريمة، وحلي حول الرقبة وأساور حول اليد أو على الأكمام إيمانًا بقدرتها على حمايتهم من الشر.
- إخافة العدو، وهذا مبدأ الهنود الحمر الذين عاشوا في أمريكا الجنوبية، وعليه ارتدوا الأزياء المرسومة.
- مواكبة الماضي كما في بداية القرن الثامن عشر لما انتشرت ملابس ركوب الخيل، علمًا أنها أصبحت زيًا رسميًا في بعد، وأما بحلول القرن العشرين فباتت تحفة في المتاحف.
- استخدام الملابس في الدعاية والإعلانات لفيلم أو منتج.
المراجع
- ^ أ ب ندى حنان (11-10-2017)، "اختراع الملابس: من؟ متى؟ لماذا؟"، منشور، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "«إدريس» أول من خاط الثياب من نبات الكتان"، صحيفة الاتحاد، 19-7-2013، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد الحشين الشبستري (5-4-2007)، "نبي الله إدريس عليه السلام"، هدى القرآن، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2019.بتصرّف.
- ↑ "تطور الأزياء على مر العصور"، الشمس، 23-2-2015، اطّلع عليه بتاريخ 28-6-2019.بتصرّف.