محتويات
الشعراء
تعرف كلمة شعراء في معاجم اللغة العربية بأنها اسم جمع مشتق من الفعل الثلاثي شَعَرَ بمعنى علم وأحسن وفطن للشيء، فهو شاعر، فنقول: شعر بالألم أي أحسن به، والشعراء هم الأشخاص الذي يكتبون الكلام الموزون المقفى قصدًا لأهداف عديدة سواء الحكمة وضرب الأمثال، أو مديح قامة من رجال الدولة أو العلماء العظام، أو ذم آخرين، أو شعر المناسبات الذي يُقال في مناسبة معينة كذكرى الاحتفال بحدث ديني، أو تاريخي، أو ما شابه، وقد لمع أسماء شعراء كثر حتى يومنا الحاضر، فبات ما ضج به قلمهم من قصائد وأبيات تدرس في المناهج المدرسية والجامعية، وحديثنا في هذا المقال عن الشاعر الكبير أبي القاسم الشابي.[١]
الشاعر أبو القاسم الشابي
هو أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي،[٢]، لقبه شاعر الخضراء نسبة إلى بلده تونس الخضراء.[٣] ولد الشابي في الرابع والعشرين من شباط فبراير عام 1909، في قرية الشابة وإليها نُسب، وهي قرية تونسية تتبع محافظة توزر[٤]، وتوزر عروس الصحراء التونسية وجنة الواحات، تقع في الناحية الجنوبية الغربية من جمهورية تونس، وهي مدينة حدودية مع الجزائر عند خط بداية الصحراء الكبرى[٥]، نشأ الشابي في أسرة متدينة مثقفة، فأبوه محمد الشابي خريج جامع الأزهر، وقد عمل قاضيًا، وكان لعمله هذا تأثير على شخصية الشاعر؛ فرافقه في جميع تنقلاته بين المدن التي عمل بها، الأمر الذي أكسبه معرفة بالكثير من المناطق من ناحية، وخلق لديه حبًا للأماكن التي زارها من ناحية أخرى.[٤]
تزوج الشابي ابنه عمه شهلة، وأنجب منها ولدين اثنين هما الصادق الذي عمل أعمالًا حرة في مجالي الفلاحة والتجارة، وجلال وهو مهندس درس في ألماني وتزوج هناك، وله عدة بنات أيضًا، [٦]وتلقى تعليمه الابتدائي باللغة العربية دون غيرها من اللغات في الكتاتيب القرآنية في مدنية قابس، وقد أنهى حفظ كتاب الله عزل وجل وهو ابن تسع سنوات، ثم بدأ بتعلم أصول اللغة العربية والدين على يد والده، ثم انتقل إلى العاصمة سنة 1920م فالتحق في جامع الزتيونة وهو في 12 من عمره متابعًا دراسته الثانوية، وتجدر الإشارة إلى أنه لم يكتف بالدروس الجامعية فحسب، بل كان قارئًا نهمًا يحب المطالعة لتوسيع مداركه ومعارفه فدأب على ارتياد مكتبتي قدماء الصادقية والخلدونية لينهل من الأدب العربي القديم والحديث، والأدب الأوروبي بالاعتماد على بعض الترجمات.
وبحلول عام 1927 حصل الشابي على شهادة ختم الدروس من جامعة الزيتونة، وهي أرفع شهادة ممنوحة في ذلك الوقت، ثم التحق بمدرسة الحقوق التونسية وتخرج فيها سنة 1930، لكنه لم ينسَ الأدرب فظل يذهب إلى المجالس الأدبية والمنتديات الفكرية، كما انضم للنادي الأدبي بقدماء الصادقية، ومن هنا برزت موهبته الأدبية، لكنه كان راغبًا في التجديد وتجاوز المألوف وهو ما فتح عليه باب الانتقاد من المحافظين، ومن أولى محاضراته الأدبية في مكتبة الخلدونية عن الخيال الشعري عند العرب، وذلك في شهر شباط فبراير من العام 1929 وكان له من العمر 20 عامًا فحسب، لكنه أذهل الحضور بعرضه عن إنتاج العرب من الشعر في مختلف الأزمنة والبلدان، ثم أصبح بعدها كاتب مجلس جمعية الشبان المسلمين حديثة النشأة.[٤]
أفكار الشابي وقصائده ووفاته
لم يقتصر فكر الشابي على اللغة العربية، وإنما انفتح على الثقافات الأخرى الأوروبية والأمريكية، ومن هنا نادى بتحرير الشعر العربي من كل رواسب الشعر القديم، والاقتداء بأعلام الغرب في الخيال والفكر، وقد سمى عقلية بعض رجال الثقافة والسياسة بالجمود والخمول لأنهم يرفضون الانفتاح، وهذا ما أثار عليه موجة انتقادات جديدة، بل إن المحافظين دعوا لمقاطعته، وهذا ما حز في نفسه، فكتب عنه في بعض أشعاره، [٤]تنوعت قصائد الشابي ما بين الغزل، والشعر الوطني، والحديث عن الطبيعة، وقد نشر كل ما يجول في خاطره في مجلة أبولو المصرية، ثم فتح له رئيس تحرير المجلة آنذاك الشاعر أحمد زكي أبو شادي المجال ليكتب ديوانه الينبوع، ومن أشهر قصائده ما يلي:
- قصيدة لحن الحياة: ومنا بيت الشعر الشهير: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.[٤]، وهي جزء من النشيد الوطني الونسي أيضًا.[٣]
- قصيدة إلى طغاة العالم: التي غنتها النجمة التونسية لطيفة.
- قصيدة عذبة أنت: التي غناها الفنان السعودي محمد عبده.
- قصيدة اسكني يا جراح: التي غنتها الفنانة التونسي أمينة فاخت، والفنان اليمني أبو بكر سالم.[٣]
توفي الشابي في ريعان الشباب، وكان عمره 25 ربيعًا، فقد فاضت روحه إلى بارئها جراء مرض قلبي قضى عليه في التاسع عشر من تشرين الأول أكتوبر عام 1934[٦]، وذلك في مستشفى الحبيب تامر بالعاصمة التونسية والذي كان يعرف باسم مستشفى الطليان، وقيل بل في الثالث من الشهر المذكور، ثم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في مدينة توزر، ومع ذلك فقد ظل اسمه محفورًا في العقول والقلوب، وظلت قصائده خالدة إلى يومنا الحالي، وقد رثاه عاهل المغرب الحسن الثاني الراحل بقوله: "أكلته عبقريته كما يأكل السيف غمده".[٢]
أبيات شعرية لأبي القاسم الشابي
نذكر فيما يأتي بعض الأبيات الشعرية لأبي القاسم:[٢]
- أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً
- فأهوي على الجذوعِ بفأسي!
- لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ
- أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ.
- قد كنت في زمن الطفولة والسذاجة والطهور
- أحيا كما تحيا البلابل والجداول والزهور
واليوم أحيا مرهق الأعصاب، مشبوب الشعور،
- هذا مصيري يا بني أمي، فما أشقى المصير!
- كم بقلب الظلام من أنة
- تهفو بغصات صبية أيتام.
- يا طائر الشعر ! روّح على الحياة الكئيبة
- وامسح بريشك دمع القلوب فهي غريبة
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى الشعراء في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "معلومات عن الشاعر أبو القاسم الشابي : طائر تونس الحر الخالد"، أنا البحر، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ياسمين محمود (8-7-2015)، "سيرة حياة أبو القاسم الشابي (شاعر الخضراء)"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "أبو القاسم الشابي.. شاعر الأمل"، الجزيرة، 2-3-2015، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2019. بتصرّف.
- ↑ عائد عميرة (8-4-2017)، "رائحة المدن.. ماذا تعرف عن توزر التونسية؟"، نون بوست، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أبو القاسم الشابي وتفاصيل جديدة عن حياته الشخصية"، سيدتي، 5-1-2019، اطّلع عليه بتاريخ 15-7-2019. بتصرّف.