محتويات
التيار الكهربائي
اكتشف عالم الفيزياء الدنماركي هانز كريستيان أورستد عام 1820 أن المغناطيسية والكهرباء هما جانبان من الشيء نفسه في تجربة أجراها ليتمكن من تحويل اتجاه إبرة بوصلة وذلك بوضعها بالقرب من التيار الكهربائي، وليكتشف أيضًا أن مرور التيار في سلك موصل ينشأ عنه مجال مغناطيسي يحيط بالسلك ويؤثر على الحقول القريبة الأخرى مثل الحقول المغناطيسية، وكانت هذه النتائج مصدر إلهام لعالم الرياضيات والفيزيائي الفرنسي أندريه ماري أمبير ليتوصّل إلى العلاقة بين الكهرباء والمغناطيسية، فوجد أنه إذا وُضع سلكان متوازيان ومتقاربان وسرى فيهما تيار، فإنهما سيتجاذبان أو يتنافران وذلك بالاعتماد على اتجاه التيار في كل من السلكين "في نفس الاتجاه أو في اتجاهين متعاكسين"؛ وذلك لأن كل سلك يولد مجالًا مغناطيسيًا، ويعتمد مقدار التجاذب أو التنافر طرديًا على طول السلك[١].
يُعرّف التيار بأنه تدفق الشحنة الكهربائية، وهي عادةً الإلكترونات أو الذرات التي فقدت الإلكترونات، ويرمز للتيار بالحرف الكبير I، ووحدة قياس التيار هي الأمبير ويرمز لها بالرمز A، والأمبير الواحد من التيار يُعبّر عن مرور كولوم واحد من الشحنة الكهربائية من نقطة محددة خلال زمن مقداره ثانية واحدة، ويفترض الفيزيائيون أن التيار يتدفق من النقطة الموجبة باتجاه النقطة السالبة، وهذا ما يسمى بالتيار التقليدي أو تيار فرانكلين، والتيار الكهربائي يمكن أن يكون تيارًا مستمرًا أو تيار التناوب، ويتدفق التيار المستمر (DC) في نفس الاتجاه في جميع النقاط الزمنية على الرغم من أن مقدار التيار اللحظي قد يختلف، بينما في التيار المتناوب ( AC )، ينعكس اتجاه تدفق الإلكترونات دوريًا، وتعرف عدد دورات التيار المتناوب الكاملة في الثانية الواحدة بالتردد والذي يقاس بالهرتز[٢].
الفرق بين التيار المستمر والتيار المتناوب
يقسم التيار الكهربائي إلى نوعين أساسيين الأول التيار المستمر، والثاني هو التيار المتناوب، كما يأتي:
التيار المستمر
- التيار المستمر أو المباشر ("Direct Current, "DC)، هو التدفق أحادي الاتجاه للشحنة الكهربائية بمعنى أنه يتدفق باتجاه واحد، أو هو تدفق ثابت للإلكترونات من منطقة ذات جهد عالٍ أو ما يعرف بالقطب السالب إلى أخرى ذات جهد أقل وهو ما يسمى بالقطب الموجب، وكان سابقًا يُعرف بالتيار الجلفاني، وهو ينتج من مصادر مختلفة مثل البطاريات والمزدوجات الحرارية والخلايا الشمسية والآلات الكهربائية من النوع الديناميكي، وقد يتدفق التيار المباشر في موصل مثل سلك، ويمكن أن يتدفق في أشباه الموصلات أو العوازل أو حتى في الفراغ كما هو الحال في الأشعة الأيونية أو الإلكترونية[٣].
- يمكن الحصول على التيار المباشر من مصدر تيار متناوب باستخدام (current-switching arrangement) ويسمى مقوّم ، وهو يحتوي على عناصر إلكترونية تسمح بتدفق التيار في اتجاه واحد فقط، كما يمكن توليد التيار المباشر من التيار المتردد باستخدام جهاز يسمى "العاكس" أو باستخدام مجموعة مولدات ومحركات[٣].
- استخدام التيار المستمر لأغراض تجارية في نقل الطاقة الكهربائية في أواخر القرن التاسع عشر، ونظرًا لما كان يتمتع به التيار المتناوب من مزايا تفوق مزايا التيار المباشر فقد استُخدم التيار المتناوب في تحويل وإرسال وتوزيع الطاقة الكهربائية لغاية بضع سنوات مضت، إلى أن طوّر أديسون في منتصف الخمسينات ناقل الحركة (HVDC)، ليحل محل أنظمة التيار المتردد ذات الجهد العالي، ومن ضمن التطبيقات التي تتطلب تيارًا مباشرًا، أنظمة طاقة السكك الحديدية الثالثة، إذ توزع محطات الطاقة التيار المتردد على المحطات الفرعية، ويُستخدم المقوم لتحويل الطاقة إلى تيار مباشر، كما يستخدم التيار المباشر لشحن البطاريات، ويُستخدم أيضًا في جميع الأنظمة الإلكترونية تقريبًا كمصدر للطاقة، وتستخدم كميات كبيرة جدًا من طاقة التيار المباشر في إنتاج الألمنيوم وغيرها من العمليات الكهروكيميائية، إلى جانب أنه يستخدم في تسيير السكك الحديدية، أما التيار المباشر عالي الجهد فيُستخدم لنقل كميات كبيرة من الطاقة من مواقع التوليد عن بعد أو لتوصيل شبكات جهد التيار المتناوب[٣].
التيار المتناوب
- في التيار المتناوب تنعكس الحركة أو التدفق للشحنة الكهربائية دوريًا، ويشير AC إلى النموذج الذي يُستخدم في توصيل الكهرباء إلى الشركات والمساكن، والتيار المتناوب هو في العادة موجة جيبية، ولكن في تطبيقات معينة تُستخدم أشكال موجية مختلفة، مثل الأمواج المثلثية أو المربعة، وإشارات الصوت والراديو المحمولة على الأسلاك الكهربائية هي أيضًا أمثلة على التيار المتناوب، في هذه التطبيقات يكون الهدف المهم غالبًا هو استرداد المعلومات المشفرة (أو المعدلة) على إشارة التيار المتردد، أما التردد الذي يعمل به النظام الكهربائي يختلف حسب البلد؛ إذ تُولّد معظم الطاقة الكهربائية في 50 أو 60 هرتزًا، وتمتلك بعض الدول مزيجًا من الترددات من 50 هرتزًا و 60 هرتزًا، مثل اليابان. وتوليد الكهرباء على ثلاث مراحل شائع جدًا، إذ توضع ثلاثة ملفات منفصلة في الجزء الثابت للمولد بزاوية 120 درجة، لتنتج ثلاثة أشكال موجية متساوية في الحجم.[٤].
- يمكن توليد التيار المتردد باستخدام العديد من الطرق وباستخدام العديد من الدوائر، وأبسط طريقة لتوليد التيار المتردد هي استخدام مولد التيار المتردد (Basic Single Coil AC Generator)، ويعمل مولد التيار المتردد وفقًا لمبدأ الحث الكهرومغناطيسي لـ فاراداي المبني على تحويل الطاقة الميكانيكية (مثل الدوران) إلى طاقة كهربائية[٥].
- إذا أخذنا في الاعتبار تكلفة توليد التيارات AC و DC، فإن تكلفة التوليد للتيار المتناوب أرخص من تكلفة توليد التيار المستمر، كما أن الآلات التي تستخدم التيار المتناوب بسيطة في التصميم وصيانتها سهلة مقارنة بالآلات التي تستخدم التيار المستمر، ويمكن استخدام التيار المتردد لنقل الطاقة على مسافات طويلة بينما لا يمكن ذلك باستخدام التيار المستمر لأن نطاق الجهد للتيار المتردد مرتفع، ويمكن تحويل التيار المتردد بسهولة من الجهد المنخفض إلى الجهد العالي أو من الجهد العالي إلى الجهد المنخفض باستخدام محول، وبالتالي تكون مجموعة الفولتية في التيار المتردد واسعة جدًا، وتكون خسائر نقل الطاقة لمسافات طويلة في التيار المتردد أقل من التيار المستمر عندما يكون الجهد الكهربائي مرتفعًا، كما أن محركات التيار المتردد تنتج عزم دوران أعلى من محركات التيار المستمر[٥].
- بالرغم من مزايا التيار المتناوب إلا أن له سلبيات أيضًا، مثل أن قيمة الذروة للتيار المتردد عالية لذلك من الخطير جدًا استخدامها دون عزل، كما أن تكلفة انتقال التيار المتردد مرتفعة جدًا مقارنة بانتقال التيار المستمر.[٥].
حرب التيارات
كان كل من توماس أديسون و نيكولا تيسلا متورطًين في معركة عرفت باسم حرب التيارات، وطور أديسون تيارًا مستمرًا، وخلال السنوات الأولى من اختراع الكهرباء كان التيار المستمر هو الأكثر شيوعًا وتطبيقًا، لكنه كان يواجه مشكلة واحدة تكمن في عدم قدرة التيار المستمر على التحويل إلى الفولتية الأعلى أو الأقل بسهولة، واعتقد تسلا أن التيار المتناوب هو الحل لهذه المشكلة، إذ يمكن تحويله إلى الفولتية المختلفة بسهولة باستخدام محول، وبدأ إديسون الذي لا يريد أن يفقد الإتاوات التي كان يكسبها من براءات اختراع التيار المستمر حملة لتشويه التيار المتناوب، ونشر معلومات مغلوطة يقول فيها أن التيار المتناوب أكثر خطورة، حتى أنه استخدم التيار المتناوب لصعق الحيوانات الضالة لإثبات وجهة نظره، وأقيم معرض شيكاغو العالمي في عام 1893 في أوج الحرب، وفشلت محاولة جنرال إلكتريك في تشغيل المعرض باستخدام تيار أديسون المستمر مقابل 554،000 دولار، أمام جورج ويستنجهاوس الذي قال أنه يمكن أن يشغل المعرض مقابل 399000 دولار فقط باستخدام تيار تسلا المتناوب. وفي نفس العام قررت شركة (Niagara Falls Power Company) منح (Westinghouse) التي حصلت على ترخيص براءة اختراع المحرك التعريفي متعدد الأطوار من تسلا[٦].
وفي الوقت الحالي لا تزال الكهرباء تعمل أساسًا باستخدام التيار المتناوب، لكن أجهزة الكمبيوتر والمصابيح (LED) والخلايا الشمسية والسيارات الكهربائية تعمل جميعها بطاقة التيار المستمر، والأساليب متاحة الآن لتحويل التيار المستمر إلى الفولتية العليا والسفلى، ونظرًا لأن التيار المستمر أكثر استقرارًا، فإن الشركات وجدت طرقًا لاستخدام التيار المستمر العالي الجهد (HVDC) لنقل الكهرباء لمسافات طويلة مع فقد أقل للكهرباء، ولم يكن من الممكن الوصول لكل ذلك بدون عبقرية تسلا وإديسون[٦].
توماس أديسون
يعد توماس أديسون مخترعًا ورجل أعمال أمريكي، ولد عام 1847 علمته والدته في المنزل، وتعرّض لمشاكل في السمع في سن مبكرة بسبب إصابته بنوبة من الحمى القرمزية أثناء الطفولة وبسبب تكرار التهابات الأذن الوسطى، وعمل في بيع الحلوى والصحف داخل القطارات كما عمل في بيع الخضروات، ودرس التحليل النوعي وأجرى تجارب كيميائية على القطار، وأسس 14 شركة بما فيها (General Electric)، التي لا تزال واحدة من أكبر الشركات المتداولة في العالم، من أبرز اختراعاته تطوير العديد من الأجهزة التي أثرت كثيرًا على الحياة مثل: الفونوغراف، وكاميرا الصور المتحركة، والمصباح الكهربائي العملي الطويل الأمد وغيرها الكثير، وتوفي أديسون نتيجة مضاعفات مرض السكري عام 1931 في منزله في نيو جيرسي ودفن وراء المنزل[٧].
المراجع
- ↑ "Ampere: History", nist,2019-6-5، Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ↑ Margaret Rouse, "current"، whatis.techtarget, Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ^ أ ب ت "Basic Definitions – Direct Current", definedelectric, Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ↑ "Basic Definitions – Alternating Current", definedelectric, Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ^ أ ب ت "What is Alternating Current??", electronicshub,2016-9-13، Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ^ أ ب ALLISON LANTERO (2014-11-18), "The War of the Currents: AC vs. DC Power"، energy, Retrieved 2019-11-22. Edited.
- ↑ "Edison's early life", myenglishpages, Retrieved 2019-11-22. Edited.