محتويات
غضّ البصر
غضّ البصر لغةً يعني منعه من التأمّل وإطالة النّظر والاسترسال، أمّا شرعًا فيعني أن يغضّ المسلم طرفه ونظره عن كلّ ما حرّم الله، فلا ينظر إلاّ إلى مباح، وإن وقع نظره على ما حرّم الله سهوًا أو دون قصد، وجب عليه أن يصرف بصره عنه سريعًا، ولا يترك المجال لنفسه بالاسترسال بالنّظر إليه، وقد أولى الإسلام أهميّة كبيرة لغضّ البصر وحثّ عليها كل من الرّجل والمرأة، لأنّ البصر هو المنفذ الرّئيسي للقلب، فإن استرسل النّظر في المحرّمات، وقع القلب بها وانغمس، واستجابت بعدها الحواس بالبحث عن الرّذيلة وبذل الجهد للوصول إليها.
فوائد غضّ البصر للرجال
- الاستشعار بحلاوة الإيمان وزيادة التّقى في النّفس.
- سد الذّرائع أمام الوقوع في المحرّمات والمعاصي، وما نهى الله عنه.
- امتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى ونيل رضاه، والفوز بالجنّة.
- استنارة القلب والبصيرة، وحدّة الفراسة.
- تقوية للعقل وزيادة في ثباته ورزانته، والبعد عن الطّيش والتهوّر والغفلة.
- تيسير طرق الخير والعلم لمن يغضّ بصره.
- سبب في الحصول على السّكينة النفسيّة، والرّاحة والسّعادة.
- سلامة الضّمير والبعد عن التأنيب والشّعور بالذّنب.
- التخلّص من العبوديّة والأسر للشّهوات والأهواء، وما يتبعه ذلك عليه من ذلّ النّفس، ووضاعتها ومهانتها.
- زيادة احترام الرّجل لنفسه، وتقوية مكانته في المجتمع، إذ يحترم النّاس من كان أمينًا في نظره غاضًّا له عن النّظر إلى المحرّمات.
- إغلاق الباب أمام وسوسات الشّيطان وتزيينه للمعاصي، وتشجيعه على فعل المحرّمات.
- صلاح القلب والعقل والتفرّغ للعبادة وعمارة الأرض، وتحقيق الذّات وبناء المستقبل.
عواقب النّظر إلى المحرّمات
من لم يغضّ طرفه عن المحرّمات، واسترسل في النّظر إليها، وقع في عواقب وخيمة من أبرزها:
- سبب في الوقوع بالرّذيلة، فهو باب من أبواب الزّنا، لأنّ العين تزني وزناها النّظر للمحرّمات، والفرج يصدّق ذلك أو يكذّبه.
- يورث الغفلة وفساد فطرة، وانفراط الأمر، واتّباع الهوى والشّهوات.
- تعلّق القلب بالشّهوات، ودوام حسرته، فالبصر من أعظم بل من أهم المنافذ إلى القلب وأشدّها تأثيرًا عليه.
- الاتّصاف بين النّاس بأقبح الصّفات والخصائل الرّذيلة، والنّبذ من المجتمع كعقوبة.
نصائح تعين الرّجل على غضّ البصر
- استشعار قرب الله سبحانه وتعالى ومراقبته الدّائمة لعباده، وأنّه جلّ وعلا لا تخفى عليه شاردة أو واردة.
- التحصّن بالدّعاء إلى الله سبحانه وتعالى بحفظ النّظر وغضّه عن المحرّمات، وطلب المساعدة منه لتحقيق ذلك.
- الابتعاد عن كل ما يثير الشّهوات، ويصعّب من غضّ البصر، مثل الخلوة غير الشرعيّة، أو التحدّث المائع مع النّساء من غير المحارم، أو الاستفراد بالنّفس كثيرًا والانعزال لغير طاعة، ما يفتح الباب أمام وساوس الشّيطان.
- التجديد الدّائم للتّوبة، وسرعة الرّجوع عنها، فالإنسان خطّاء وخير الخطّائين التوّابين، فالاستغفار وتجديد عهد التوبة مع الله سبحانه وتعالى تقوّي النّفس، وتشكّل درع حصين لتجنّب النّظر إلى المحرّمات.
- الإكثار من الصّوم، لقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المروي عنه من عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال: "يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر، وأحسن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء"، رواه البخاري.
- الإكثار من قراءة سورة النّور التي تحضّ على غضّ البصر، وآداب استئذان الدّخول للمنازل التي تدرء استباحة الحرمات، وفيها تطّرق لذكر ثمرات غضّ البصر على الفرد وعلى المجتمع، وعقوبات استرسال البصر في المحرّمات.
- تقوية النّفس على غضّ البصر، والإلتزام به، بقراءة القصص الورادة في القرآن الكريم عن غضّ البصر، أو تلك المذكورة في الأحاديث النبويّة الشّريفة، أو مواقف السّلف الصّالح، والتأسّي بهم وأخذهم قدوة، والاستقواء بالله على الشيطان الرّجيم.
غضّ البصر في القرآن الكريم والسنّة النبويّة
يوجد الكثير من الآيات في القرآن الكريم التي تحث على غضّ البصر وتحذّر من عواقب النظّر إلى المحرّمات، ومثلها الكثير من الأحاديث النبويّة الشّريفة، وإن دلّ ذلك على شيء فإنّما يدلّ على أهميّة غضّ البصر للفرد وللأسرة وللمجتمع ككل، وفيما يلي باقة منها:
- أدلّة من القرآن:
- {إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولاً} [الإسراء: 36].
- {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنّ الله خبيرٌ بما يصنعون * وقلّ للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ} [النّور: 30-31].
- {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [طه: 131]
- أدلّة من السنّة:
- (إن اللهَ كتب على ابنِ آدمَ حظَّه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالةَ ، فزنا العينِ النظرُ، وزنا اللسانِ المنطقُ، والنفسُ تتمنى وتشتهي، والفرجُ يصدقُ ذلك كلَّه أو يكذبُه) [صحيح البخاري].
- (يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ، فإنَّ لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخرَةُ) [صحيح أبي داود | خلاصة حكم المحدث: حسن].