محتويات
أحمد عرابي
هو أحمد محمد عرابي محمد وافي محمد غنيم عبدالله الحسيني والمعروف بأحمد عرابي، ولد في سنة 1841م في مصر في محافظة الشرقيّة، تعلّم القرآن وعلوم الدّين وهو في سن صغيرة، ثم تعلّم الكتابة والحساب، ولمّا أكمل الثماني سنوات من عمره أرسله والده للالتحاق بجامع الأزهر في القاهرة، فحفظّ القرآن الكريم كاملاً وتوسّع في دراسة العلوم الشرعيّة والدّينيّة من تفسير وفقه وغيرها، وقد توفي والد أحمد عرابي وهو في عمر الثامنة عشر من عمره بداء الكوليرا، وفي عام 1854 التحق أحمد عرابي كجندي بالجيش، ثم عيّن كمساعد ثم تدرّج سريعًا في الرّتب والترفيعات بسبب نباهته وإتقانه للقراءة والكتابة، فقد وصل لرتبة القائم مقام والتي تعادل رتبة العميد وهو بعمر العشرين، وبعد وفاة قائد الجيش المسؤول عن أحمد عرابي أصبح هناك تفريق بين الشركس والمصريين في التعامل والتعيينات، ففصل الخديوي إسماعيل أحمد عرابي من الجيش وقدمه للمحاكمة العسكريّة بسبب خلاف بينهما، مما ولّد في نفس أحمد عرابي الشّعور بالظلم والإهانة والحنق لسيطرة الشركس على قيادة الجيش وأمور البلاد، ثم أعيد أحمد عرابي للجيش بتوصية من قبل الخديوي توفيق شقيق زوجته.[١]
نشأة أحمد عرابي
وُلد أحمد عرابي في محافظة الشرقية، وتحديدًا في قرية "هرية رزنة"، وله ثلاثة إخوة هو أصغرهم، وقد تعلم عرابي القرآن وهو صغير السن، وتعلم المسائل الحسابية والكتابية عند أحد صرافي القرية لخمس سنوات حتى أتقنها، وعندما بلغ ثماني سنوات التحق بجامع الأزهر الكائن في مدينة القاهرة، وظل هناك مدة أربعة أعوام، فحفظ القرآن كاملاً، وتعلم جزءًا من الفقه والتفسير، وتوفي والده وعمره ثمانية أعوام، وترك لعائلته أربعة وسبعين فدانًا، وبقيت عائلته تنفق من عائداتها بعد مماته.[١]وقد اتصف أحمد عرابي بطول قامته، وبتناسق وجهه، وبكثافة حاجبيه، وغلاظة شفاهه.[٢]
أسباب الثورة العرابية
قامت الثورة العرابية بقيادة أحمد عرابي لمحاربة الأوروبين والخديوي توفيق، وقبل حدوث الثورة كان الوضع الداخلي لمصر متدهورًا جدًا، فكان رياض باشا يستخدم أساليب العنف والقمع ضد الشعب المصري، وتدخلت كلٍ من بريطانيا وفرنسا في الشؤون الداخلية لمصر بعد صدور قانون التصفية عام 1880، وتدهور الاقتصاد بسبب تخصيص مبلغ من المال لسداد الديون للدول الأوروبية، وانحياز الشركسي عثمان رفقي للضباط الأتراك والشركسيين، وعدم موافقة الخديوي توفيق على تشكيل مجلس شورى النواب، وظهور الوعي الوطني لدى المصريين.[٣]
وقد عزل الخديوي رياض باشا من الوزارة، وكلف شريف باشا بتشكيل وزارة جديدة، وكان هذا الرجل مشهودًا له بالاستقامة والوطنية، فشكل الوزارة في الرابع عشر من شهر أيلول عام 1881، ووضع الدستور، وقدمه لمجلس النواب الذي أقر بأغلب المواد الموجودة فيه، وبعد كل هذا الجهد بدأت فرنسا وبريطانيا تحاولان التدخل في الشؤون الداخلية لمصر، فقدم شريف باشا استقالته في عام 1882، فشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، وعُين فيها أحمد عرابي وزيرًا للجهادية "الدفاع"، ولاقت الوزارة الجديدة القبول والارتياح من المجتمع المدني والعسكري، وأعلنت الدستور، ولكن سرعان ما نشب الخلاف بين وزارة البارودي والخديوي حول طريقة تنفيذ جزءٍ من الأحكام العسكرية، واشتدت الأزمة بين الطرفين، فاستغلت فرنسا وبريطانيا فرصة نشوء الخلاف بين الخديوي والوزارة، فأرسلتا أسطولين بحجة حماية الأجانب من الخطر.
وعند وصول الأسطولين إلى شاطئ الإسكندرية، بدأت الدولتان تهددان الحكومة المصرية، وقدم قنصلا الدولتين مذكرة مشتركة طالبا فيها باستقالة الوزارة، وإبعاد أحمد عرابي عن مصر مؤقتًا، مع الاحتفاظ بمرتباته ورتبه وإجبار عبد العال باشا حلمي، وعلي باشا فهمي على الإقامة في الريف، مع الاحتفاظ بمرتبيهما ورتبهما، ولكن وزارة البارودي رفضت هذه المطالب، وعدّته تدخلًا في شؤون مصر الداخلية، وطالبت الوزارة من الخديوي توفيق أن يتضامن معها في رفض هذه المذكرة، إلا أن الخديوي أعلن قبوله لها، فقدم البارودي استقالته وقبلها الخديوي.
وقد بقي أحمد عرابي في منصب وزير الجهادية بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغيره وزيرًا للجهادية، مما اضطر الخديوي لإبقائه في منصبه، غير أن الأوضاع في مصر ازدادت سوءًا، وخاصةً بعد مذبحة الإسكندرية التي حدثت عام 1881، بسبب قتل مكاري مرافق لحمار نقل من الرعايا البريطانيين لرجل مصري؛ فتطور الأمر إلى قتال بين الطرفين أدى إلى سقوط العشرات من الجرحى والقتلى من الطرفين، وبعد هذه الحادثة شُكلت وزارة جديدة برئاسة إسماعيل راغب، وهدّأت هذه الوزارة النفوس، ونشرت الأمن في الإسكندرية، إلا أن بريطانيا بقيت تختلق المشاكل، واستغلت فرصة تجديد القلاع الموجودة في الإسكندرية، وإمدادها بالسلاح والرجال، فأرسلت إنذارًا إلى حامية الإسكندرية بوقف التحصين، ولكن الخديوي رفض هذه التهديدات، فضرب الأسطول الإنجليزي المدينة ودمره، مما اضطر أهل المدينة للاستسلام؛ فتحرك أحمد عرابي إلى منطقة كفر الدوار ليعيد تنظيم جيشه، وبعد ذلك انحاز الخديوي إلى المحتلين، وأمر عرابي بوقف الاستعدادات الحربية، ولكن عرابي رفض الانصياع لهذه الأوامر.[٢]
الثورة العرابية ونفي أحمد عرابي
وبعد أن رضخ الخديوي لمطالب أحمد عرابي ومن معه، وهدأت الأوضاع في مصر وشُكّلت الحكومة خشيت إنجلترا وفرنسا من استمرار الوضع كما هو عليه، فتدخلّت بالشؤون الدّاخليّة المصريّة وبثّتا الفوضى، وحاولوا اغتيال أحمد عرابي لكن فشلت محاولتهم، فقصفت إنجلترا الإسكندريّة في 12 من يوليو 1882م، وبدأ الاحتلال البريطاني لمصر وقُتِل على إثر ذلك العديد من المصريين من مدنيين وعسكريين وواصلت بريطانيا تقدّمها واحتلالها للبلاد، فقام أحمد عرابي بالثورة على الوضع وقاد ثورة لمواجهة الاحتلال ونجح في مقاومتهم وصدّهم في العديد من المواقع، ولكن كثرت الخيانات من قِبل المساندين لعرابي وبعض الضّباط، مما أدى لفشل الثورة العرابيّة والقبض على أحمد عرابي والحكم عليه بالإعدام، ثمّ خُفف الحكم إلى النّفي مدى الحياة خارج البلاد فنفي ورفاقه إلى سيرلانكا، وعُزِل وقُتل كل من ساند الثورة العرابيّة أو حرّض على القتال أو خالف الأوامر من علماء وأعيان وضباط، وجرّدوا من مناصبهم وأوسمتهم.[٤][٥][٦]
أسباب فشل الثورة العرابية
وفيما يأتي أهم الأسباب التي أدت إلى فشل الثورة العرابية وسجن أحمد عرابي ونفيه:[٣]
- خيانة الخديوي توفيق للشعب المصري، ومساندته للتدخل الأوروبي في شؤون مصر الداخلية.
- خيانة صاحب شركة قناة السويس الفرنسي ديليسبس، بالسماح للإنجليز بأن يمروا من خلال قناة السويس.
- خيانة العديد من الضباط، بإفشائهم لأسرار الجيش المصري، ومساعدتهم على معرفة الثغرات الموجودة في الجيش.
- خيانة خنفس باشا حاكم القاهرة.
- اتباع الإنجليز لعنصر المفاجأة.
أحمد عرابي في المنفى
بعد انتهاء الثورة وعدم تحقيقها النتائج المطلوبة، قبض على أحمد عرابي وزملائه الستة وهم: محمود سامي البارودي، وطلبة عصمت، ومحمود فهمي، ويعقوب سامي، وعبد العال حلمي، وعلي فهمي، ونفوا جميعًا إلى جزيرة سيلان، وسمح لهم الإنجليز أن يصطحبوا ثمانية وأربعين شخصًا من عائلاتهم وخدمهم، وأما الحكومة المصرية فصادرت جميع ممتلكات وأموال المنفيين، وخصصت لكل واحد منهم مبلغًا صغيرًا وهو 30 جنيهًا شهريًا، ولم يكن يكفي احتياجاتهم اليومية، ويقال أن المناضل علي فهمي لم يستطع دفع ثمن أدوية زوجته المريضة، كما أن بناته امتنعن عن الخروج من البيت نهائيًا، فقد أصبحت ملابسهن بالية، ولا تصلح للاستخدام.[٣]
المراجع
- ^ أ ب Sabrin Abdellatif ، "بحث حول أحمد عرابي : حياته ونضاله من أجل مصر"، bo7ooth، اطّلع عليه بتاريخ 5-8-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "أحمد عرابي"، bo7ooth، اطّلع عليه بتاريخ 2010-7-8. بتصرّف.
- ^ أ ب ت دعاء (2018-4-21)، "قصة مقولة أحمد عرابي الشهيرة " من باع اسمه فقد باع دينه ""، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-8. بتصرّف.
- ↑ مصطفى الأنصاري، "نفي الزعيم أحمد عرابي"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 5-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "الثورة العرابية"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 5-8-2019. بتصرّف.
- ↑ محمود صديق، "الثورة العرابية و25 يناير.. من النجاح إلى الفشل والتشويه"، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 5-8-2019. بتصرّف.