الشكر لله وحده
يجدُ الإنسان في طريقه من يقدم له الخير والإحسان فيودُ لو يجزيه على هذا الإحسان ويُثني عليه ثناءً جميلًا، والله عز وجل هو من يستحقُ الشكر العظيم والثناء؛ فهو صاحبُ النعم والمنن والمفضل على العباد دنيا ودين، وقد أمر الله عز وجل عباده عدم الجحود بهذه النعم، وأمرهم بشكره، والأنبياء المرسلون هم أعظم من شكر الله عز وجل.
لله الحمد والشكر والثناء على ما وهبنا من نعم فهو وحده سبحانه من زرع بذرة الانسان في رحم أمه، فسقى الغرسة، ونفخ فيها الروح، وأحسن مطعم وسقيا ومثوى العباد، وكثير من العباد أغفلوا النعم وتمادوا في الجحود وبخلوا فلم يشكروا الله على ما وهبهم.[١]
كيفيّة شكر العبد لربه
يكون شكر العبد لربه بالقلب واللسان والجوارح، فيخضعُ القلبُ ويستكين، وباللسان يحصُل الثناء، وتنقادُ الجوارح طاعةً لله، وفيما يأتي توضيح تلك الكيفيّة:[٢]
- الشكر بالقلب: ويكون شكر القلب باستشعار تلك النعم التي أنعمها الله على العباد، والاعتراف بأن المنعم الوحيد على العباد هو الله جل وعلا، ويعدُّ هذا الاعتراف واجبًا على كل مسلم ومسلمة وبذلك يتم التوحيد، ومن أنكرها أو نسبها لغير الله فقد كفر، وليس معه من الدين شيء، والشكر هو رأسُ الإيمان، والإيمانُ قائمٌ على ثلاثة أركان، أوّلها الاعتراف القلبي بالنعم التي منّها الله عليه وعلى سواه من العباد، وثانيها الحديث عن تلك النعم والثناء بها على الله تعالى، وثالثها الاستعانة بها على طاعة الله وعبادته.
- الشكر باللسان: بعد الاعتقاد المنعقد قلبيًا بأن المُنعم الحقيقي هو الله وحده، يأتي دور اللسان اللفظي فيبثُ عبارات الشكر والثناء والحديث عن نعمه عز وجل، قال تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدّث}. (الضحى:11)، وقد بيّن الحديث النبوي الشريف أن الله يرضى عن العبد الّذي يأكل ويشرب فيحمد الله عز وجل على ذلك، وأوضح أبو العباس القرطبي -رحمه الله- أنّ الحمد يعني الشكر، وقد بيّن بعض السلف أنّ كتمان النعم يعني الكُفر بها، وفي إظهارها ونشرها شكرٌ لها، فالله عز وجل يحبُ أن يرى أثر نعمته على عباده.
- شكر الجوارح: يشكرُ العبد ربه بجوارحه؛ إذ يسخرها في طاعة الرحمن، ويجنبها ارتكاب المعاصي والآثام التي نهى الله عز وجل عنها، ويكون شكْر العبد بإقرار النعم، بالفعل والعمل والطاعة، وأما من يخالفُ إقراره عمله فلا يستحق اسم الشاكر، وقد بيّن النبي محمد عليه الصلاة والسلام أنّ عليه واجب الشكر لله عز وجل على الرغم من غفران ذنوبه وذلك حين سألته السيدة عائشة رضي الله عنها عن صلاته حتّى تفطرت قدماه من قيام الليل.
أُمورٌ تُعين العبد على شكر ربه
ينبغي على المسلم الاستعانة بأمور عدّة تعينه على شكر ربه، لما للشكر من فوائد عديدة تعود على المسلمين أهمها نيل رضا الله عز وجل، وتتجلى هذه الأُمور فيما يأتي:
- الدعاء: وذلك بأن يدعو المسلم الله عز وجل بأن يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته، وهذا الدعاء يكون في آخر الصلاة، ويُستحسن للمسلم الإكثار منه.
- التفكر في النعم: ما أكثر النعم التي وهبها الله عز وجل للناس من أمن وأمان وإيمان وصحة في البدن وسلامة في الأهل والأولاد، وحريٌ بالمؤمنين تذكرها كل حين، والتفكر بها.
- التفكر في جزاء الشكر: فقد أعد الله جزاءً للشكر في الآخرة وثوابًا في الدنيا، فيعلم أن في الآخرة عذابًا لكفر النعم ومَحْقًا لها في الدُنيا.
- استحضار قدرة الله: على العباد استحضار قدرة الله عز وجل الكاملة، ورحمته ولطفه وحلمه، فهو الّذي يهب عباده النعم ويغمرهم بها ويجود عليهم، رغم تقصيرهم.
- مقارنة أحواله مع أحوال من حوله: ينبغي على المسلم مقارنة أحواله مع أحوال الفقراء والمساكين، فيدفعه ذلك إلى ادراك عظيم النعم التي وهبه الله إياها مما يجعله أكثر اجتهادًا في شكر الله على تلك النعم لتدوم وتزداد.[٣]
المراجع
- ↑ أم محمد عياطي (2017-9-27)، "الشكر لله وحده "، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-22.
- ↑ "كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه تعالى على نعمِه الكثيرة ؟"، المشرف العام: الشيخ محمد صالح المنجد، 2008-12-1، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-22.
- ↑ خالد بن سعود البليهد (14/8/1434)، "شكرُ الله تعال"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-22.