أول من رسم الحمام
الحمام طيور تنتمي لعائلة الحماميات؛ تتميز عن غيرها من الحماميات الأخرى بقوة البنية الجسمية، وقصر العنق والمنقار، وتعد فصيلة الحمام من أذكى الفصائل الحمامية، فمنذ القدم والإنسان يعتمد عليها في توصيل الرسائل واستطلاع الأخبار وقت الحرب والسلم، إضافة إلى كونها فصيلة عاطفية جدًا مقارنة مع غيرها من الطيور، وقد ارتبطت طيور الحمام بالسلام والحب، والحرية، فأصبحت رمزًا لها في مختلف الثقافات والحضارات.[١]
ويعد أول من رسم حمامة السلام هو الفنان بيكاسو؛ وكان ذلك في عام 1948 ميلادي عندما طلب منه الشاعر أرجوان أن يرسم له رمزًا لأول مؤتمر عالمي للسلام المنعقد في بولندا، وبالفعل أعد الفنان بيكاسو لوحة تقليدية بسيطة عبارة عن حمامة تحمل بمنقارها غصن زيتون، وعرضها على الشاعر أرجوان فأعجبته وقدمها لتكون شعارًا للمؤتمر ورمزًا لحركة السلام العالمية، وما زالت حتى اليوم تعد رمزًا للحرية والسلام.[٢]
الفنان بيكاسو
مؤسس المدرسة التكعيبية الفنية بابلو بيكاسو (Pablo Picasso)؛ رسّام وفنان تشكيلي ونحّات إسباني، يعد من أشهر فناني القرن العشرين، تميز بأعماله الفنية الرائعة التي تتمتع بدرجة عالية من الدقة والحرفية والحس الفني الراقي، ولد في مدينة مالقة الإسبانية عام 1881 ميلادي لعائلة فنية؛ فوالده هو الفنان التشكيلي خوسيه رويت، كان معلمًا لمادة الرسم في إحدى مدارس إسبانيا، وأمه هي ماريا بيكاسو، وقد روت عن بيكاسو شغفه بالرسم منذ صغره، وأن أول كلمة نطق بها بيكاسو الصغير هي كلمة قلم رصاص، ومن البديهي أن يعلمه والده أصول الرسم وأساسياته، وعلمه التصوير الزيتي أيضًا، حتى بدأ الرسم يشغل فكر بيكاسو ويملأ عليه أوقاته، فقد انصرف عن الدراسة لأجل الفن والرسم، أظهر تفوقًا كبيرًا على والده في الرسم، فعلم والده أن طفله يمتلك موهبة فنية فذّة، وعليه فقد هيأ لبيكاسو الفنان الصغير كل الدعم والعون، وقدمه لأهم الفنانين في عصره.
في عام 1911 انتقل بيكاسو إلى باريس كونها عاصمة الفن في أوروبا، وتعلم الفرنسية واستعرض الأدب الفرنسي، والتقى ببعض الصحفيين وكوّن بيكاسو بعض العلاقات الجيدة معهم، في هذه الفترة كانت حياته صعبة جدًا ولا تخلو من الفقر واليأس والمعاناة، وعندما عاد إلى وطنه فتح مجلة يانج آرت بمشاركة صديقه فرانشيسكو سوليير، وتخصص بزاوية الرسم الكاريكاتيري التي عبّر من خلالها عن معاناة الفقراء وأوجاعهم، أما صديقه فقد تخصص في كتابة المقالات، وهكذا بدأت أعمال بيكاسو الفنية تنتشر وتلقى إعجاب الكثيرين؛ أمثال الناقد الفني ليو شتاين والكاتبة جير ترودشتاين، اللذان أصبحا من أشد المعجبين بفن بيكاسو.
تأثر بيكاسو في بداياته بالعديد من المدارس الفنية؛ مثل المدرسة الرمزية والتعبيرية الإسكندنافية، فكانت لوحاته تنقل واقع الحياة الاجتماعية في صور فنية مثل لوحة نانا الموجودة في متحف بيكاسو في برشلونة حاليًا، ثم انتقل للمدرسة الانطباعية متأثرًا بالفنان غوغان وتولوز تريك، ويظهر ذلك جليًا في لوحته المهرج الموجودة في متحف الميتروبوليتان في نيويورك، وفيما بعد اتخذ بيكاسو أسلوب الرمزية والاستلهام، فكانت لوحاته شبه أحادية اللون؛ مثل لوحة الحياة، ظل بيكاسو يتنقل بين المدارس الفنية إلى أن استقر على أسلوب فني جديد يعرف بالتعبير التكعيبي، ومن أبرز اللوحات التي تظهر هذا النوع من الفن هي لوحة نساء عاريات الموجودة في متحف الفن الحديث في نيويورك، وكان بيكاسو هو المؤسس الأول لمدرسة الفن التكعيبي التي ارتبطت باسمه، وفيما بعد اتجه لدراسة فن النحت، وأنجز العديد من المنحوتات الفنية باستخدام المعادن والنفايات، ومن أبرز منحوتاته؛ منحوتة المرأة والحديقة.[٣]
الحمام رمزًا للسلام
تتمتع طيور الحمام بصفات جيدة لم تخفى على الإنسان كونها تبني أعشاشها قرب المناطق السكنية؛ فعرف عن طيور الحمام أنها مخلصة جدًا وتظهر الكثير من الولاء والحب؛ إذ أن الحمام بعد التزاوج يبقى الزوجان مع بعضهما البعض مدى الحياة، إضافة إلى اهتمامها الملفت بصغارها الفراخ، كل ذلك وأكثر كون لدى الإنسان فكرة طيبة عن طيور الحمام وعن مدى حبها ووفائها، فارتبطت عندهم الحمامة البيضاء بالنقاء والصفاء والمحبة والسلام، وعلى مرّ التاريخ يجد القارئ أن لطيور الحمام دورًا بارزًا في أهم الأحداث التاريخية والروايات القديمة، وفيما يأتي عرض موجز لأهم هذه الأحداث:[١]
- في عهد النبي نوح عليه السلام ظهرت طيور الحمام وقت حدوث الطوفان، وغرق الأرض بالماء ما عدا سفينة نوح وما عليها، فكان نبي الله نوح عليه السلام يرسل حمامة لتستطلع إن كانت هناك يابسة بالقرب منهم، وتعود إليه الحمامة في كل مرة خالية لا تحمل أيّ خبر أو علامة على وجود يابسة، وفي أحد المرات عادت الحمامة تحمل بمنقارها غصن زيتون بإشارة منها لوجود اليابسة، وفي أحد المرات عادت وقد تلطخت أرجلها بالطين فعلم نبي الله نوح بأن الماء قد انحسر.
- في عهد النبي محمد صل الله عليه وسلم كان للحمامة دور بطولي عظيم سطره لها التاريخ؛ فقد كانت الحمامة سببًا ربانيًا في حماية النبي الكريم صل الله عليه وسلم، عندما كان يختبئ مع أبي بكر الصديق في الغار بعيدًا عن أعين كفار قريش، فأرسل الله تعالى حمامتين تجلسان في عشهما الذي كان أمام الغار، فخُيل لقريش أن لا أحد قد اقترب من هذ المكان، فكانت بهذا رمزًا للحب والسلام.
- في الأساطير القديمة ارتبطت الحمامة بالحب والرومانسية، فتقول الأسطورة أن الحمامة قد نزلت إلى الأرض بعد الطوفان الكبير الذي غمرها، وفي الأساطير اليونانية توجد أسطورة تقول أن أفروديت ولدت في عربة تحملها طيور الحمام، وأن بنات أفروديت السبع في السماء هن عبارة عن سرب حمام؛ فكان رمز طيور الحمام في ذاك الزمان للحب والنقاء.
المراجع
- ^ أ ب "ليش الحمام يرمز للحب والسلام؟"، شبكة أبو نواف، 17-1-2016، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "حمامة بيكاسو للسلام أحد أبرز رموز (العفو الدولية) "، arabnet5، 6-4-2011، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2019. بتصرّف.
- ↑ نادية راضي (28-4-2015)، "قصة حياة الرسام العالمي ” باولو بيكاسو"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2019. بتصرّف.